مقالات

تصحيح مفاهيم “33″: الغالبية! بقلم| أ. أزال الجاوي

بقلم| أ. أزال الجاوي

كلمة الغالبية كانت هي الكلمة السوداء التي فجرت الصراع في يناير 1986م، فقد كانت تلك الكلمة تعني سد الأفق لتوافق وللحلول الوسط التي ترضي جميع الاطراف لصالح ارادة طرف احتال بتلك الغالبية المزعومة ليجعل منها العصاء التي يساق بها الآخر للاستسلام ثم لتخلص منه (كما حصل لسالمين من قبل).

في أكتوبر 1985م كان قد ظهر الخلاف بين جناحين في داخل الحزب متكافئين متساويين أثناء المؤتمر العام، فتدخلت الوساطات المحلية والعربية من بعض قيادات اليسار العربي لتجبر طرف على تقديم تنازلات في اللجنة المركزية والمكتب السياسي لصالح الطرف الآخر، الذي أصبح يملك الغالبية في اللجنة المركزية والمكتب السياسي، وبعد انقضاء المؤتمر بدأ هذا الطرف يلّوح بالغالبية لطلب المزيد من التنازلات التي بدأت تطال رأس الدولة نفسها. في تلك الأثناء عادت الوساطات لمحاولة نزع فتيل الأزمة، إلا أنها كانت تصطدم بنحن (الغالبية) التي أغلقت كل الأبواب إلى أن حصل ما حصل.
عندما طلبت القوى والاحزاب المصرية من الرئيس محمد مرسي عدم المضي بشكل منفرد في تعديل الدستور، وطالبوه بأن يكون هناك إجماع وتوافق، رفض، حتى آخر خطاب له قبل الإطاحة به، ظل متمسكاً بانه مسنود من (الغالبية).

في أمريكا بحسب استطلاعات الرأي، فإن غالبية المواطنين يؤيدون قوانين تنظيم حيازة الأسلحة إلا أن الدستور لم يستجب لهم، فكان دائماً ما يصطدم السياسيون بذلك لأنهم يعلمون أنه يتطلب تعديل تلك المادة الدستورية، وهذا يتطلب (إجماع) و(توافق) وليس (غالبية)، وهذا متعذر، فهي مادة واحدة فقط في الدستور حتى لو بلغ عدد المؤيدين 80% أو أكثر فما بالكم لو كان الموضوع أكبر من ذلك أو لتغيير أكثر من مادة دستورية!
ما نريد أن نقوله هنا أن موضوع (الغالبية) يعتد به في أمور الإدارة المعتادة فقط، وليس في الأمور المصيرية. في الأمور المصيرية يتطلب (إجماع) و (توافق) أي حق الأقلية في “التعطيل” لأي قرار إن كان مصيري يمس الجميع في الجوهر، ولا يحق للغالبية الاحتجاج بغالبيتها وإلا فإنها تدفع لصراع وجودي يلغي الآخر بالمطلق أو يلغيهم بحسب الغلبة والعنف.

أمّا عندما تكون مسألة الغالبية مكذوبة أو مكتسبة بالفهلوة والتدليس أو الترغيب والترهيب أو من خارج منظومة قانونية متعارف ومتوافق عليها ومقبولة من الجميع، من هنا نقول إن كلمة الغالبية وإن كانت كلمة حق إلا أنه يراد بها باطل، وهي مفتاح باب الجحيم إن صمم طرف أن يستخدمها لضرب أو اقصاء أو الغاء أو الانتقاص من الآخر، وهذا ما هو حاصل اليوم في الجنوب.

*من حساب أ. أزال الجاوي، على “فيسبوك” 8 يوليو 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى