مقالات

طالبان والحوثي بقلم| فاطمة رضا

بقلم| فاطمة رضا

مطار كابول مفتوح على مصراعيه لجميع الرحلات الجوية وجميع مطارات أفغانستان مفتوحة تقريبا منذ أن بـدأ الغزو الأمريكي قبل عشرين عام، ومن جهة أخرى نرى مطار صنعاء مغلق منذ بدأ غزو ملوك الصحراء قبل 7سنوات لماذا؟

يا للغرابة.. لماذا ملوك الصحراء مغالون في حروبهم، أجزم بأن الله عندما قال في القرآن بلسان بلقيس “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها” لاشك بأن المقصود كان ملوك القصيم والدرعية ودبي والمنامة ومن يشبههم، يهلكون الحرث والنسل ويحاصرون شعب أعزل حتى الرمق الأخير بأعذار واهية تتعلق بحربهم مع إيران في اليمن، ولا يجب أبدآ إغلاق المطارات والحصار.
حسنا.. أعتقد بأنه لا يوجد أي مقارنة بين حركة طالبان وحركة الحوثيين، غير أنه من الواجب التسليم بأن عهد الأحزاب المنظمة قد انتهى للأبد، إنه مستقبل الحركات يا سادة، فلا دكتور يقودها ولا منظرين كهول يثيرونها.

ثمة تشابه بين طالبان والحوثيين من ناحية الملابس والزي العشائري فقط ربما، أما باقي النواحي فلا يوجد أي مقارنة، يبدوا بأن حركة طالبان أكثر بساطة من الحوثيين فلقد زرت افغانستان نحو تسع مرات خلال حرب العشرين عام مع الولايات المتحدة، كانت آخر زيارة لي لكابول قبل أشهر، في زيارة استمرت قرابة شهر كامل بعد المحادثات الأخيرة مع طالبان في دولة قطر، قمت بإعداد تقرير مطول من عشرات الصفحات عن ايديولوجية طالبان وسيكولوجيا منهجيتهم الحركية وتفكيرهم ومستقبلهم مع المجتمع الأفغاني والمجتمع الدولي ونحو ذلك من الهرطقات التي لا تهمكم، من ناحية مقابلة زرت الحوثيين إلى صعدة مع السفير الأمريكي الأسبق “فايرستاين” بعد الحرب التي خاضها علي عبدالله صالح ضدهم وجلست معهم وعايشتهم أيضا وكنت حينها مازلت طالبة ماجستير، واعددت نفس الدراسات عنهم وقرأت كل ملازم قائدهم تقريبا بعد عودتي للولايات المتحدة، كل هذا يقودني إلى أن أقول لكم بأنه يجب عليكم أن تدركوا أنه لا يوجد أي تشابه بين حركة طالبان والحوثي، فالحوثيون من وجهة نظري المتواضعة يعتبرون أخطر من طالبان بعشرات المرات إن لم يكن بآلاف المرات، ومن عدة نواحي سوف آتي على ذكرها، ولا أبالغ مطلقا إن قلت لكم بأن تنظيم الحوثيين هو التنظيم الأيديولوجي الوحيد في الشرق الأوسط الذي يهدد العالم بأكمله بشقيه الديمقراطي والاشتراكي، فرغم انتمائهم لمحور ما يسمى “المقاومة” ورغم ما يقال عنهم بأنهم “شيعة” إلا أنني أعتقد أن أفكارهم ليست كأفكار بقية الشيعة بل يحاربون الشيعة ومؤسس حركتهم إنتقد وسخر من الطائفة الاثنعشرية في كثير من المواضع في كتاباته التي القاها، والحوثيون ليسو زيدية أيضا وليسوا إثنعشرية وليسوا سنه وليسو شيعة وليسوا أباضية ولا أشعريه ولا ينتمون لاي مذهب إسلامي معاصر، نستطيع أن نقول بأنهم مذهب جديد كليآ بشقية الديني والعسكري قام بتأسيسه حسين الحوثي عبر ما اصطلحوا على تسميته فيما بعد “المسيرة القرآنية”، وكل شعائرهم في إحياء ذكرى وفاة الإمام علي عليه السلام وبقية أئمة آل البيت عليهم السلام هي فقط من باب منح مجتمعهم السياسي نكهة دينية لضمان الاستمرارية في الولاء الديني لمجتمعهم لرفد القتال العسكري بعقيدة قتالية وهو أمر جيد أن تصبح في نظر أتباعك قدوه ورمز ديني او سياسي او عسكري وذلك يشبه البروباجندا التي كان يقوم بها “جوزيف غوبلز” لهتلر في الحرب العالمية الثانية وهناك مئات النماذج الاخرى من القادة عبر التاريخ فعلو ما يفعله الحوثيون حاليا من دعايات مثل هولاكو وجنكيز ونابليون وستالين ولنكولن وسلالة “هيو كابت” الذين حكموا فرنسا لألف عام باسم جدهم المسيح.

سؤال: لماذا تعتقدين أنهم أخطر حركة قد تواجه العالم في العقود القادمة؟

الإجابة تكمن في منهج الحوثيين في دروس حسين بدرالدين الحوثي الدينية والسياسية، وكدارسة للتاريخ السياسي قديما وحديثا من عهد الإغريق انتهاء بيومنا هذا، يمكنني الجزم بأن العالم سوف يستفيق ذات يوم على أعتاب قوة جديدة ناشئة في جنوب شبة الجزيرة العربية كان غافلا عنها أو بالأحرى كان نائما أثناء صعود تلك القوة، فالحوثيون لا يمثلون حركة إسلامية عابرة تحمل “كلاشنكوف” وتقاتل في تلك المدينة أو على تلك الجبهة وتتقدم وتنسحب ثم ينتهى موضوعهم بإعطائهم بعض المال أو بعض المغريات أو قتل قادتهم وينتهي بهم الأمر في فنادق لاس فيجاس مع الرئيس الأمريكي كما انتهى الأمر بتنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات.

الحوثيون لايقارنون بطالبان لأن لديهم خطط توسعية لكامل الوطن العربي ولديهم منهج ويعتقدون أن الله يدعمهم بملائكة ولديهم خارطة طريق شاملة دينية وعسكرية ومخابراتية ومشروع توحيد جديد للجزيرة العربية يعملون عليه ويرون أنهم أحفاد ذلك النبي الذي وحد كل الجزيرة العربية وأرسل الجيوش من قلب صحراء العرب إلى باريس وأسبانيا، ويرون أن عليهم مسؤولية يسيرون عليها ولديهم قيادة واحدة مطلقة الطاعة وموحدة الولاء وذاتية الإنقياد بخلاف اعدائهم مشتتي الولاء ذوي الفصائل المتناحرة، بالنسبة لطالبان فقيادتهم واحدة وعقيدتهم القتالية واحدة ولكنهم يقاتلون كالقطعان كل رئيس قطيع يفعل بقطيعة ما يريد و يفرض ما يريد، وقتالهم يشبه قتال جبهة النصرة في سوريا.

من السهل جدا اختراق طالبان وهناك مئات القادة في طالبان مرتبطون بمخابرات عدة دول ولم تستطع حركة طالبان تأسيس جهاز مخابراتي قوي يتمكنون به أن يكشفون مخططات اعدائهم وتحركاتهم ولازالت خلايا اعدائهم المخابراتية تصول وتجول ولم يقبضوا على أي خلية مخابراتية حتى الآن، بينما الحوثيون لديهم جهاز مخابراتي مرتبط بإيران وهو جهاز منظم وعتيد ومن الصعب اختراقه وكوادرهم تم تدريبهم في إيران ولبنان ويمتلكون أجهزة حرب سيبيرية وإلكترونية حصلوا عليها من إيران وطواقم مخابراتية لكل المجالات وخلال اعوام قليلة شكلوا جيش استخباراتي كبير خارج اليمن وخلايا واسعة، وقبضوا على عشرات الخلايا لدول أجنبية ويراقبون حركة الملاحة والطيران والنقل البري والبحري والجوي ويقصفون أهدافهم بدقة متناهية، معظم المطارات التي يقصفونها في السعودية تكون لديهم عنها معلومات كاملة قبل قصفها، بالأمس وبمجرد دخول القوات البريطانية الى قاعدة العند قاموا بقصف قاعدة العند بثلاثة صواريخ بالستية، يدل ذلك على تقدم مخابراتي إيراني حوثي في اليمن، لك أن تقيس باقي تقدمهم على طالبان من خلال قواتهم العسكرية المنظمة بأقسامها الهندسية والبرية والخاصة والمدرعة والميكانيكية لقد صنعوا القنابل الذكية والذخائر الحية والمضادات والصواريخ البالستية ناهيك عن “طائرات الدرون” وقصفو ويقصفون بمعدل عشر طائرات درون يوميا ويهجمون على التحالف العربي المكون من عدة دولة بأكثر من 42 جبهه قتالية، ومؤخرا تحول التحالف العربي إلى الدفاع عن مأرب وغيرها بدل الهجوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى