الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

قوات بريطانية في المهرة.. ما دلالة ذلك؟

المهرة – محمد عبدالله

أثارت تقارير عن وصول قوات بريطانية خاصة إلى محافظة المهرة اليمنية، تساؤلات عدة عن دلالات التواجد العسكري البريطاني في هذا البلد الذي يشهد حربًا للعام السابع على التوالي.
وكانت صحيفة “إكسبرس” البريطانية، كشفت، الأحد الماضي (8 أغسطس/آب الجاري)، عن وصول 40 جنديًا من القوات الخاصة البريطانية، إلى المهرة، بمبرر تعقب “إرهابيين” يعتقد أنهم حوثيون، يقفون وراء الهجوم الذي استهدف ناقلة النفط “ميرسر ستريت” في خليج عمان، بطائرة مسيرة، ما أسفر عن مقتل حارس أمن بريطاني، في 30 يوليو الماضي.
وذكرت الصحيفة أن الفريق وصل في الـ7 من أغسطس الجاري، إلى مطار الغيضة بمحافظة المهرة، وسيعمل بالاشتراك مع فريق من القوات الخاصة الأمريكية المتمركز بالفعل في المنطقة، لتدريب نخبة من الكوماندوز السعودية.
ولم يصدر بعد عن بريطانيا أي تعليق رسمي بشأن إرسالها قوات إلى المهرة. وأفاد سكان محليون في المهرة لـ”المشاهد” أنهم سمعوا هبوط 3 طائرات في مطار الغيضة، فجر السبت الـ7 من أغسطس الجاري، وتلاها اليوم التالي هبوط طائرتين.
وحول ما إذا كانوا قد لاحظوا وجود أية قوات بريطانية في مطار الغيضة، قالوا إنه لا يُسمح لأي شخص بالاقتراب من المطار، بعد أن تحول إلى ثكنة عسكرية للقوات السعودية قبل أكثر من 4 أعوام.
وكانت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي، دانا سترول، أعلنت، في 10 أغسطس/آب الجاري، أن الهجوم الذي استهدف الناقلة “ميرسر ستريت”، انطلق من اليمن، وبطائرات مسيرة إيرانية الصنع.
لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) جون كيربي، تراجع عن الإعلان، وقال إن “سترول لم تكن تنوي التلميح إلى وجود صلة للهجوم باليمن”، بحسب شبكة “سي إن إن”.
من جهتها، اعتبرت جماعة الحوثي وصول قوات بريطانية إلى المهرة بأنه يهدف للسيطرة على مواقع استراتيجية بمساعدة التحالف السعودي الإماراتي. وحذرت من ”المخططات التآمرية” لدول التحالف التي تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي لأبناء المهرة، وفق وكالة “سبأ” التابعة للجماعة.

وفي حين لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل حكومة هادي إزاء تلك الأنباء حول وصول قوات خاصة بريطانية، حذر وكيل ‏محافظة المهرة بدر كلشات، من خطورة ما يحدث حاليًا في المحافظة. داعيًا في تغريدة على صفحته الشخصية بموقع “تويتر”، إلى الوقوف بصرامة، وعدم الصمت حيال ما يحدث من “عبث واستباحة للمهرة من قبل القوات الأجنبية”.
وأضاف: “لن تكون المهرة ميدانًا للقوات الأجنبية والصراعات الإقليمية والدولية لتصفية صراعاتها تحت حجج واهية”.

خطوات تصعيدية

بدوره، اعتبر المتحدث باسم لجنة اعتصام المهرة، علي مبارك محاميد، وصول قوات بريطانية إلى المحافظة بأنها “خطوة تأتي في إطار تكريس احتلال المهرة، خصوصًا وأنها بعيدة عن مناطق الصراع”.
وتعتبر المهرة من المحافظات اليمنية التي ظلت بعيدة عن الحرب، ولم تصل إليها المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي.
وقال محاميد “نحن لا يوجد عندنا أي معارك أو حروب، فلسنا بحاجة إلى وجود قوات أجنبية على أرض المحافظة، يكفيها وجود قوات أمنية وعسكرية تتبع الحكومة الشرعية والسلطة المحلية، وهذه القوات جديرة بالحفاظ على أمن واستقرار المحافظة، فضلًا عن التماسك القبلي داخلها”.
وأشار إلى أن لجنة اعتصام المهرة تدين تلك الخطوة، وترفض “رفضًا قاطعًا أن يكون أي تواجد لأي دولة أجنبية على أراضي المحافظة”.
وحول مكان وصول القوات البريطانية، قال إنها “وصلت إلى مطار الغيضة بعدد قوامه أكثر من 40 جنديًا”، لافتًا إلى أنه سبق أن وصلت قوات بريطانية، عام 2019.
ونفى أن يكون استهداف السفينة الإسرائيلية مصدره المهرة، و”لا يمكن لأنباء المهرة أن يستهدفوا أي سفينة أو أن يكونوا سببًا في تهديد أمن المياه الإقليمية”، حد قوله. مضيفًا أن “الهدف من وراء تلك الخطوة احتلال المحافظة، وكذلك تثبيت الوجود السعودي في المهرة”.
وبشأن موقف لجنة الاعتصام من تلك الخطوة، أشار إلى أن لديهم خطوات تصعيدية سيتم الإعلان عنها حتى تخرج كل القوات المحتلة من محافظة المهرة، بحسب المشاهد.

أكثر من مهمة

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي، الدكتور نبيل الشرجبي، أستاذ إدارة الأزمات والصراعات في جامعة الحديدة، أن وصول القوات البريطانية إلى المهرة خطوة تأتي ضمن “البقاء الطويل وشبه الدائم، وليس كما أُعلن سابقًا من أجل مطاردة بعض المخربين الذين يُتهمون بالقيام بإطلاق طيران مسير ضد السفن في الخليج”، وفق قوله.
ومنذ 4 أعوام، تشهد المهرة حراكًا شعبيًا مناهضًا للقوات السعودية المتمركزة في مطار الغيضة، واصفًا هذا الوجود بـ”الاحتلال”، رغم تبرير المملكة بأن قواتها تتواجد لمحاربة تهريب الأسلحة للحوثيين.
وأشار الشرجبي، إلى أن تمكن إيران من القيام باختراقات خطيرة في المنطقة، شكلّ خطرًا على المصالح الغربية.
ويأتي التحرك البريطاني نيابة عن الدور الأمريكي، وفق الشرجبي، لافتًا إلى أن الأخيرة كُبلت تحركاتها بسبب سياسات بايدن المتمثلة بالانسحابات العسكرية من كثير من المناطق، الأمر الذي ترتب عليه عدم حصول الإدارة الأمريكية على تفويض بالانتشار مرة أخرى في تلك المناطق.
وقال إن القوة البريطانية التي وصلت إلى المهرة “لها مهمات أكثر من مسألة تأمين السفن في الخليج، وتتمثل بعمليات عسكرية وردع أي قوة تحاول تعطيل الملاحة في منطقة الخليج”.
وتشهد المياه الإقليمية لدول الخليج العربي، توترًا غير مسبوق زادت حدة عقب تصاعد الهجمات على سفن تديرها شركات إسرائيلية، وعلى أخرى تديرها شركات إيرانية.

مؤشر خطير

من جهته، يرى الناشط السياسي، عُقبة العباس، أن تواجد قوات بريطانية في المهرة “مؤشر خطير ينم عن مخطط قادم تضمره بريطانيا”، لافتًا إلى أن “اتخاذ الحوثي وإيران كذريعة هو ورقة للمخادعة وتبرير التواجد”.
وقال العباس “ليس من المستبعد أن التواجد البريطاني يهدف أيضًا لأطماع استعمارية قديمة كانت في 1839، يراد إحياؤها في اللحظة الراهنة التي يعيش فيها اليمن ضعفًا غير مسبوق، وهشاشة عالية لدى قيادات الحكومة”.
ووفق العباس، فإن بريطانيا تسعى “لتعزيز حضورها في الملف اليمني، وحرصها على التواجد برفقة كل من أمريكا وإسرائيل، ثم السعودية والإمارات”، مشيرًا إلى أن ذلك سينعكس سلبًا على حياة اليمنيين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى