مقالات

السياسة السعودية تجاه اليمن لم تتغير.. قضم الأراضي اليمنية مستمر! بقلم/ صالح الجرموزي

بقلم/ صالح الجرموزي

مع تجدد قضم أراض يمنية جديدة مؤخرا غير التي احتلتها في الماضي، تتبع المملكة السعودية في الجنوب حاليا منهجيتها وحيلتها التاريخية القديمة نفسها بمغلف جديد وهو (إعادة الشرعية) وخدعة انهاء الانقلاب.

على الرغم من ترسيم الحدود مع الجمهورية اليمنية قبل 19 عاما بموجب اتفاقية جدة 2000 م، لجأت منذ عام 2016 إلى نزع العلامات الحدودية المعتمدة من الطرفين والتوغل مجددا لضم مساحات شاسعة من الأراضي اليمنية إليها في حضرموت والمهرة باستغلال غياب سلطة وجيش الدولة وضعفهما بغطاء وذريعة مشاركتها في تحالف إنهاء الانقلاب، لإجبار اليمن على الإذعان بهذه الطريقة وفرض مشاريع استثمارية (استعمارية)خاصة بها في المهرة وغيرها برغم المخاطر السيادية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن تهور وطيش الأشقاء.

في أكتوبر 2017 كشفت تقارير متواترة عن قيام السعودية بضم أراض يمنية والاستيلاء عليها منذ مارس 2015 واقتلاع العلامات الحدودية المتفق عليها وابتلاع نحو 42 ألف كيلو مترا مربع ضمن حدود محافظتي حضرموت والمهرة، وهي ذات المساحة التي زعم الرئيس الراحل صالح ومسؤولو الدولة حينها إنهم استعادوها كأرض يمنية في حدود الجنوب، ووصلت التعديات الى معسكر الخراخير ومنطقة البديع الفاصلة بين البلدين بحسب اتفاقية جدة 2000 م .. وأكد شهود عيان على انتزاع الأعمدة الخرسانية التي نفذتها شركة ألمانية ونقلها مسافة 700 كيلو مترا الى مثلث الشيبة في الحدود المشتركة مع سلطنة عمان، والتوغل الرأسي شرقا في عمق 60 كيلو مترا داخل حضرموت.

ومنعت القوات السعودية سكان قرية الخراخير من بناء مساكن جديدة لهم، وعرضت التنازل عن القديمة ونقلهم إلى مساكن بديلة في منطقة الشقق بنجران على بعد 120 كيلو مترا من منطقتهم، ورفض غالبيتهم، وأغلقت ثلاث مدارس لتعليم الأطفال، وسط رفض الأهالي التنازل عن هويتهم اليمنية واستبدالها بالجنسية السعودية، وتم التضييق عليهم بتجديد بطاقات التابعية كل شهر(الثورة نت) اليمنية.

وتعد التصرفات السعودية انتهاكا لاتفاقية جدة، الجزء الأول البند ( 1 ) وملاحقها التي حددت بصورة نهائية هوية القرى الواقعة في حدود الأطراف الموقعة وتثبيت هوية السكان بعد الترسيم، ما يعتبر تعديا ونية متعمدة مبيتة لاستغلال الحرب الراهنة في اليمن وتغيير ديمغرافيا السكان والهوية الوطنية وحدود الأرض معا ولو بالترغيب غير المشروع الذي سوف يشعل الحدود قسرا في أي لحظة.

وفي نوفمبر 2017 وصلت القوات السعودية الى ميناء نشطون بمحافظة المهرة. وفي ديسمبر التالي 2017 م ومطلع 2018 م دفعت المملكة بتعزيزات كبيرة للاستيلاء على مطار الغيظة والمنافذ البرية والبحرية والسواحل والسيطرة على المرافق الحيوية بلافتة مكافحة التهريب والإرهاب وسط رفض شعبي عارم لعسكرة الحياة المدنية في المنطقة، كما قوبل النفوذ الإماراتي من قبل برفض زعماء القبائل والعشائر وشرائح المجتمع السياسي والمدني .

وفي يونيو 2018 نظم المهريون اعتصاما مفتوحا لرفض ما أسموه ب(الاحتلال) ولاحق السعوديون المعارضين عبر موالين محليين لهم في أجهزة الأمن .

وكان عبد الله بن عيسى ال عفرار، على رأس الاعتصام السلمي، بعدها قامت السعودية والامارات بشراء عبدالله بن عفرار كما هي عادتهما في شراء قيادات ورموز وشخصيات يمنية كثيرة مؤثرة، بينما استمر النضال السلمي بنفس الزخم حتى نهاية عام 2020.

قام مجلس الأسرة بانتخاب رئيس للمجلس وهو محمد ال عفرار بديلا عن الخائن عبدالله بن عفرار ، بعد ان تم اسقاطه من رئاسة المجلس نظرا لخيانته وعمالته وارتزاقه. ثم تشكيل مجلس ابناء المهرة وسقطرى وتم انتخاب السلطان محمد بن عفرار رئيسا له وكان الشيخ الحريزي ابرز المشاركين فيه واحد قياداته الوطنيين الاحرار.

وتضمنت مطالب المعتصمين رفض المساس بالسيادة الوطنية، وإعادة العمل في منفذي شحن وصرفيت البريين مع سلطنة عمان وميناء نشطون الى شكلها الطبيعي وتسليمها للجيش والأمن اليمني.

تزامنت حالة الغليان الشعبي مطلع يونيو 2018 مع الشروع بوضع علامات مرور أنبوب النفط السعودي من حدود منطقة الخراخير الممتدة بين المهرة حضرموت السعودية بعد زيارة السفير السعودي باليمن محمد سعيد آل جابر المشرف على البرنامج السعودي لإعادة الأعمار في اليمن إلى المهرة وذلك عقب زيارته لمحافظة مأرب مباشرة للاطلاع عن التحضيرات الجارية لمد أنبوب النفط إلى ميناء نشطون بالمهرة.

وأعدت شركة أرامكو الدراسات الميدانية والمسحية قبل ذلك في المناطق التي سيمر فيها الأنبوب مستغلة تواجد قوات سعودية في مطار الغيظة وميناء نشطون.

وقد بدأ بالفعل إعادة تأهيل وشق طريق اسفلتي ممتد من حدود السعودية الى ساحل المهرة في ظل تولي معين عبدالملك وزارة الأشغال العامة والطرقات والجسور ثم رئاسة الوزراء في 15 اكتوبر 2018 م إضافة إلى شغله الوزارة المذكورة بإصرار السفير السعودي في سابقة فساد إدارية مريبة، وإصرار آخر على أن يحتفظ مدير عام مكتب رئيس الوزراء (أنيس باحارثة) بمنصبه الحساس(مدير عام مصلحة اراضي وعقارات الدولة) الذي كان يشغله وقت تعيينه الجديد !!.

وزعمت وكالة (واس) السعودية في ديسمبر 2017 ان التحالف العربي بقيادة المملكة أعاد تشغيل مطار الغيظة المهري أمام طائرات المساعدات الاغاثية الإنسانية بالتنسيق مع الحكومة (الشرعية) في اليمن.

وتجاوزت السعودية خط الحدود المرسم بين البلدين وتوغلت داخل حدود المحافظة بعمق 25 كيلو مترا، وسط اشتعال غضب المهريين الذين عدوا ذلك اعتداء على حدود الاراضي اليمنية والسيادة في المهرة .

وسبقت الإمارات بإنشاء قوات النخبة المهرية أسوة ببقية محافظات الجنوب، لكن السعودية امتصت الخلاف الطارئ مع الاماراتيين الذين التزموا بتدريب القوات وتسليمها للرياض لتأمين مسار أنبوب النفط مؤقتا الى حين استبدالها بقوات سعودية خالصة على امتداد المشروع القسري كاملا، مع تفاهمات الطرفين أن لا يؤثر استغلال ميناء نشطون اليمني على ميناء جبل علي في دبي،

ما يدلل إن تواطؤا غير معلن مع العدوان (السعوماراتي) جرى بالخفاء بمباركة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته،
والذي ظهر في الغيظة فجأة يوم الاربعاء 1 أغسطس 2018 م مع سفير المهلكة محمد آل جابر بعد أن فكوا عنه عقدة ( السحر) ومزاعم إقامته الجبرية وعملية القلب المفتوح .. لكنه ما ان بدأ بوضع ( أحجار اساس) مشاريع وهمية مع السفير السعودي (الحاكم ) اقتلعتها القبائل مع معالم اعمدة مسار أنبوب النفط القهرية ورمتها في البحر، وحذرت مجددا من التمادي والصلف في إعادة تنصيبها او انتهاك حدود الخراخير والسيادة.

تبدو مقايضة سمجة بخسة تستهين بكرامة الناس وعزة النفس، فبدلا من انشغال السعوديين والاماراتيين بمزاعم إنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية تحولوا إلى قوى احتلال لنهب ما تبقى لليمن .. وفتحوا على أنفسهم أسوأ الاحتمالات بمواجهة شاملة مع 30 مليون يمني في الجنوب والشمال .

ولم يصدر الرئيس عبدربه منصور هادي ولا حكومة معين عبدالملك أو سلفه أي اعتراضات او تلميحات بعدم الرضى،ولم يبد أي مسؤول حكومي للشرعية حتى تحفظاته،،،،

في الوقت نفسه حذرت حكومة صنعاء برئاسة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور من تمرير مخططات احتلال المهرة تحت غطاء مشاريع الإستثمار ليكسب الحوثيون بذلك نقطة سياسية واخلاقية كبيرة لصالحهم في الطعن بشرعية سلطة عبدربه منصور هادي وحكومته ألتي تناقض أهدافها في الحرب على الحوثيين عندما تفرط بتواطؤ(مدفوع) بالسيادة الوطنية والأرض والحدود تحت لافتة استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب.

السعوديون والاماراتيون ايضا يتجاهلون ويتحدون مشاعر وكرامة أبناء المهرة وحضرموت وشبوة ومأرب وكل قبائل واقيال اليمنيين.

لا ينبغي ابدا ان نتجاهل قضية مصيرية بهذه الأهمية وتمرير صفقات مشبوهة تعتدي على سقف السيادة الوطنية ومستقبل اليمن وثرواته وعلاقاته الإقليمية والدولية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى