مقالات

ما كانت لتكون إلا بالنساء بقلم| عفراء حريري

بقلم| عفراء حريري

في خطبة الجمعة يوم أمس، سمعت عجب عُجاب وأذهلني ما سمعت من خُطباء نجاب. فقد تركوا كل الذي في الإدارة من فسا، وكل الذي في الشارع من مخدرات وحبوب ونهب وقذف وشتم وسباب. وكل الذي في البيوت من اعتداء على المحارم سرقة ميراث ولواط واغتصاب. وكل الذي في المدينة من ضياع أخلاق وخراب. تركوا كل هذا وتفرغوا للمرأة منذ ولادتها وحتى مماتها:

بالردع والمنع

والتهديد والوعيد

والحساب والعقاب

على اعتبار أن كل القضايا والجرائم التي ترتكب قد تم صدور حكم بات فيها ونُصف الأبرياء.

وأن كل الحقوق قد مُنحت وأُعطيت (الكهرباء والماء والغذاء والدواء والكساء…..) وبلا استثناء.

وأعيدت العقارات والأراضي والمحلات لملاكها ولم يتبقى أحد لديه دعوة وادعاء.

وبأن الرواتب والوظائف ومقاعد الدراسة في الكليات قد وزعت وليس هناك بلاغ ولا شكوى ولا دعاء.

والأمراض قد شُفيت والمستشفيات ليس فيها مرضى ولا مرض ولا وباء.

وإن الأمن منضبط كالسيف والقضاء عادل كالصراط ولم تعد فيهما مصيبة ولا بلاء.

نعم، في ليلة وضحاها استيقظت من نومي ومعي العديد من النساء على هذه المفاجأة إننا في مدينة فاضلة كمدينة أفلاطون وسقراط.

ولأننا نحن النساء كنا وما زلنا سبب بكل ما كانت تعانيه هذه المدينة المسكينة، فتبقى الحل الوحيد أن يعالج الأئمة تحسين بعض القُبح من وجهها المتجسد بنا نحن النساء. فكان لابد من التحريض علينا بواسطة المنابر وبكل فخر حيناً وحيناً بكل إزداء.

لم يتبقى من الخُطب وفنون الخطابة إلا فن التخلص من النساء.

عجزت كلُ الأقلام في يوم الجمعة عن الكتابة بكل ما تحمله اللغة العربية من أحرف وكلمات لكتابة قضية ما وحل ما لها، وكيفية الوصول لحلها فلم تجد غير المرأة السافرة والمرأة المخالطة الرجل والمرأة التي تقود السيارة والمرأة الناشطة والمرأة…. إلخ.

وهذا الرجل الوديع، الطاهر، الشريف، النزيه، البريء الملاك بقوله وفعله وسلوكه وممارسته لتصرفاته لم يكن مسؤول عما نحن فيه من حروب ومجاعة وفساد وجرائم ونهب وقتل وتشريد وتعذيب وضياع للعباد والبلاد.

اتفق على غفلة منا ومن الناس جميعاً أطراف الحرب من أحزاب ومكونات  سياسية في الشرعية ولدى الحوثي والانتقالي وغيرهم، كما يبدو بأن الحرب لن تنتهي والأوضاع لن تستقر وتتحسن إلا على جثث وأشلاء النساء وبغض النظر عن العمر، وسيصبح من السهل عليهم تقسيم السلطة المقسمة، وتجزئة الوطن المجزأ أصلا بعيداً عن ولولة النساء.

لم أعد أستغرب كثيراً بعد أن استعرضت مناقب أفعالنا فيما سبق من قولي ومقالي بأن الوضع السيء لا ينتج إلا فعل قبيح، فما رُسل محمد عليه الصلاة والسلام إلا لإتمام مكارم الأخلاق.

فـ والله ما فلحتم بما تدعوه وما يفعلوه، فلا السلام سيأتي ولا سيادة الأخلاق ستسود وما كانت لتكون إلا بالنساء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى