مقالات

فهمي السقاف.. عنوان الثبات والاتزان والثقة بقلم| علي النقي

بقلم| علي النقي

كان لا يعرف المساومة ولا المناورة في حقوق الإنسان، بل إنه كان يرى أن السياسة وتدخلاتها تفسد عدالة القضايا الحقوقية، وفهمي السقاف مواجه ومتحدي في الدفاع عنها، كما انه في آرائه السياسية ثابت ومتزن راسخ رسوخ الجبال في قناعاته السياسية، ويتقبل الآخر المختلف ويحترم قناعاته.

كان فهمي السقاف من قيادات التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في أبين اثناء فترة العمل السري، وعند إعلان التعددية الحزبية كان فهمي من المؤسسين لفرع التنظيم في عدن بل وتحمل مسؤولية قيادته الى فترة قريبة، ولكن حسب علمي انه ترك العمل الحزبي وتفرغ للعمل الحقوقي، لكنه لم يعتزل السياسة إذ كان ضمن المؤسسين لإئتلاف الدولة المدنية الاتحادية ودعم مخرجات الحوار الوطني، وتحمل مسؤولية رئاسة الدائرة التنظيمية في مجلس الانقاذ الوطني الجنوبي اليمني، ومشرفا على محافظات لحج وأبين وعدن، وكان يتنقل في السنتين الاخيرة بين هذه المحافظات وكذلك شبوة وحضرموت والمهرة.

فهمي السقاف القلم الحر، والكاتب الصحفي المثقف الذي يتعامل مع الكلمة بمسؤولية أخلاقية. كانت آخر أعماله الإعلامية معد ومقدم برنامج حقوقي في إذاعة بندر عدن، ضمن أنشطة مؤسسة وجود لحقوق الإنسان التوعية، وقبلها عمل رئيس تحرير موقع الجمعية الإلكتروني التابع لجمعية شهداء ومناضلي الثورة اليمنية، وكان قد بدأ العمل الصحفي في بداية التسعينيات 1992م في صحيفة الوحدوي وهي صحيفة حزبية يصدرها التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إلى عام 1995م.

وبعد ذلك عمل مع صحيفة الأسبوع الأهلية إلى نهاية عقد التسعينيات الى أغلقت نتيجة لتضييق النظام وما واجهته من متاعب مالية اضطرت ناشرها ومؤسسها لإغلاقها. ثم عمل بعد ذلك مع صحيفة النداء الأهلية واستمر في العمل فيها إلى أن تم اقتحام مقر الصحيفة وسرقة أجهزتها وارشيفها في أوج الثورة الشبابية الشعبية على نظام الرئيس صالح.

بعد إغلاق الصحيفة كان يكتب في صفحته في الفيسبوك والتي تنقل منها بعض الصحف الورقية والمواقع الالكترونية المحلية نشر بعض كتاباته. يقول الصديق والزميل فهمي السقاف في معرض جوابه عن سؤال لماذا انت اعلامي: “نتيجة لحبي وشغفي بمهنة الصحافة لكونها تحمل رسالة انسانية سامية في سعيها الجاد بحثاً عن الحقيقة”.

وكذلك “لإحساسي بضرورة الإسهام الفعال في مساعدة المواطنين في تسليط الضوء على معاناتهم وهمومهم ومشاكلهم العامة والخاصة بهدف وضع الخيارات المتعددة أمام صناع القرار لمعالجتها وحلها”. مقتطف من رده في استمارة رشح خلالها لدورة تدريبية في أديس أبابا وترك نسخة منها عندي.

كان يطمح الزميل والصديق فهمي السقاف لتأسيس مركز إعلامي وموقع إلكتروني، لكن القدر حال دون ذلك، فهمي السقاف مناهض للفساد والفاسدين ومؤمن بان لا خيار غير وقف الحرب، والحوار العادل والشامل والديمقراطية والعدالة الانتقالية لإصلاح حال البلد، والانتقال به من مراحل الصراع الى مرحلة الاستقرار والتنمية.

فهمي السقاف المدافع عن حقوق الإنسان

بدأ نشاطه في مجال حقوق الإنسان منذ أكثر من ربع قرن الى حين وفاته. فهو أول صحفي سلّط الضوء على قضية الاختفاء القسري في اليمن في صحيفة النداء وظل مستمرا في متابعة ملف الاختفاء القسري.

إلى أن وافته المنيّة، وكانت مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني في محور العدالة الانتقالية بفعالية وخاصة في صياغة مشروع قانون العدالة الانتقالية، وعمل مع عدد من منظمات ومؤسسات المجتمع المدني حول العدالة الانتقالية وآلياتها وحول قضية الاختفاء القسري وايضاً رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وحول القضايا الانسانية وقضايا الحقوق والحريات طوعيا.

وهو أيضا، عضو مجلس أمناء لمؤسسة وجود للأمن الإنساني، حيث شكل مع الصديقة الرائعة مها عوض رئيسة مؤسسة وجود للأمن الإنساني ثنائي رائع في صداقتهما وعملهما المشترك، كما كان مع اسرة صحيفة النداء سامي غالب ومحمد الغباري وشفيع العبد، فتجاوزت علاقتهم زمالة العمل الى الصداقة من خلال القيم المشتركة التي تجمعهم، وكانت مها بالنسبة لفهمي الصديقة والزميلة التي يتماهى معها في الرأي ويرى فيها ايقونة النضال من أجل حقوق الإنسان وحقوق المرأة.

كانت الندوات واللقاءات والمنتديات، والاجتماعات وورش العمل الحقوقية في مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة وجود للأمن الإنساني، ومؤسسة ألف باء مدنية وتعايش، فهمي السقاف هو روحها الوثابة وطموحها النبيل في تحقيق قيم الحرية والعدالة والديمقراطية.

كما كان ضمن فريق الهيئة الاستشارية لبرامج مؤسسة الف باء مدنية وتعايش، حيث شكل مع ابنة العم كما كان يحلو له ان يناديها الزميلة بهية السقاف والزميلات: آثار علي، واشجان شريح، فريق عمل وصداقة نادرة لن تتكرر مع احد قبله ولا بعده، كما كانت علاقته وصداقته مع محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان.

لم يخل يوما إلا وأجد من فهمي رسالة او اتصال عدا الثلاثة الأيام الأخيرة قبل خبر وفاته، فكنت ابادر للاتصال ولكنه لا يرد وعلمت فيما بعد ان المرض قد اشتد به.

فهمي السقاف ليس زميلا جمعني به أكثر من مجال وإنما كان الأخ والصديق، والسند لي.، وكانت علاقات فهمي تتجاوز حدود الجغرافيا والطوائف والاتجاهات السياسية، فأصدقاء فهمي من الشرق والغرب، والشمال والجنوب، كما كان ثنائي رائع مع الصديق دكتور سامي عطاء ووضاح اليمن الحريري، وكريم الحنكي، وجمعته صداقات كثيرة منهم فضل مبارك، وعباس مسعود، ود محمد عبدالرحمن، وصالح الحنشي، وعادل الصياد، وعفراء حريري، والعديد من الأصدقاء. لقد كان فهمي حريص على علاقاته الاجتماعية، فكان يوم الاثنين مخصص لاتحاد الأدباء، وأصدقائه في الاتحاد كثر وليعذروني لأن القائمة طويلة على ذكر الأسماء، وكذلك منتدى التحديث ومركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ورواد مقيل الصحفي علي يسلم العراشة. وهناك قائمة بل قوائم طويلة من اصدقاء فهمي المقربين من الرجال والنساء وشباب اعتذر للجميع عن سردها.

كان فهمي السقاف يجيد اسكات خصومة بمحبة مثلما يجيد ايضا التعامل مع الاطفال بمحبة. كانت طفلتي الصغيرة ذات محبة خاصة عند (عمو) فهمي كما تدعوه كلما سمعتني اتكلم معه تتدخل وتستأذن هذا (عمو) فهمي فتأخذ الجوال واجلس دقائق طويلة انتظر نهاية الحديث بينهما، فهو في كل زيارة له كانت هدية فهمي في يده لها. نامت ليلة صعقنا بخبر وفاته طفلتي باكية حزينة، فقد شاطرتني الحزن إذ ادركت انها فقدت إنسانا يحمل قلب طفل كقلبها كانت تلك الليلة من أسواء الليالي حزنا ووجعا.

رحم الله الصديق الأعز فهمي السقاف، واسكنه فسيح جناته، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

فهمي السقاف، مواليد منطقة الخاملة، مديرية زنجبار، محافظة أبين.

متزوج، ولديه ولد وبنت

خريج معهد أمين ناشر – تخصص مختبرات

يجيد اللغة الإنجليزية كما يجيد العربية

فهمي يا صديقي… كيف انعيك!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى