مقالات

بعد عاصفة سنواتها الست.. السعودية: لا يمن موحد.. ولا جنوبه مستقل! بقلم| صلاح السقلدي

بقلم| صلاح السقلدي

“السعودية اتخذت قراراً بتمكين المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الجنوبية كسلطة أمر واقع، مستفيدة من ضعف الشرعية اليمنية”.

بهذه العبارة أطلقت قناة الجزيرة صافرة البداية لوسائل الإعلام المؤيدة للشرعية لشن هجوم اعلامي ضد السعودية وسفيرها باليمن، الذي دعا هو الآخر الحكومة اليمنية الموجودة بعاصمة بلاده للعودة الى عدن وتنفيذ ما تبقى من اتفاق الرياض بينها وبين الانتقالي الجنوبي..فهذه الدعوة هي الأخرى ضاعفت من منسوب الغضب لدى ذلك الإعلام، مع أن الشرعية وهي تتحدث عن انحياز السعودية للمجلس الانتقالي تعرف جيدا الّا انحياز سياسي سعودي حقيقي وجاد سواءً الى جانب الانتقالي او غيره من القوى بالجنوب، وبالذات في هذا الظرف الذي تسعى فيه الرياض الى عدم استفزاز أي حزب او كيان شمالي بموضوع الجنوب ،بقدر ما هي أي السعودية ترى في الانتقالي سلطة امر واقع يصعب الصدام معها ،فهي تتلمس طرق الخروج من ورطة هذه الحرب بمساعدة كل القوى الفاعلة على الأرض جنوبا وشمالا بمن فيهم الحوثيين برغم تمنعهم حتى الآن من أي تعاون مباشر مع المملكة لوضع نهاية لهذه الحرب قبل أن تنصاع لشروطهم. مع اقرارنا بأن السعودية تتخذ من اية قوة جنوبية بمن فيها الانتقالي وسيلة ضغط مقابلة ضد الأطراف الشمالية كما سبق لها وأن استفادت ووظفت منذ بداية هذه الحرب ورقة المقاومة الجنوبية ضد قوات الحوثي وصالح.

إعلام الشرعية الذي يتحدث عن مساعٕ سعودية لتمكين الانتقالي من الاستقلال بالجنوب يعرف تماما أن السعودية لن تجازف بهكذا موقف- على الاقل بالوقت الراهن- ولكن هذه المسماة بـ الشرعية تحاول بتذاكى وفهلوة ممارسة ابتزاز السعودية بشكل لئيم كي تمكنها من بسط جناحيها على الجنوب على حساب المشروع الجنوبي لتقويض الانتقالي وتشديد الخناق حول عنقه بحبل سعودي متين وقطع الطريق امام اي محاولة إشراكه في عملية التسوية القادمة- فالشرعية ترى معركتها بالجنوب معركة وجودية، اليوم قبل الغد- في وقت تسعى فيه السعودية لابرام صفقة مع صنعاء بمعزل عن هذه الشرعية. فلو كانت السعودية تود مساعدة الانتقالي مساعدة جادة لتحقيق تطلعاته الاستقلالية لفعلت ذلك منذ سنوات ولكنها و للأسباب آنفة الذكر لم تفعل ولن تفعل بالمدى القريب والمتوسط وربما البعيد، وإلا لكان علم دولة دولة الجنوب يخفق فوق ساريات الهيئات الدولية والاقليمية. فمن ذا الذي سيقف بوجه ورغبة مملكة النفط الثرية ومن ذا سيحول بينها وبين سحر مالها ونفوذها الدبلوماسي ورمزيتها الدينية بالمنطقة والعالم، فهي المملكة التي عُرف عنها كيف تروض حكام الدول العظمى وتستميل مواقف بلدانهم بالمحافل الدولية لمصلحتها وتنتزع منهم ما لذ لها وطاب من قرارات ومواقف وسلاح وتضامن بجرة قلم فوق شيك بياض مفتوح، يمتد من جُـزر القمر جنوبا، الى لندن وواشنطن شمالا.

بالمجمل نقول: السعودية ليست حريصة على جنوب اليمن بقدر حرصها على جنوبها الذي يتوجع بصمت على وقع الهجمات الجوية والارضية، كما انها ليست حريصة على تحقيق اي غاية جنوبية، ليس هذا الموقف حيال الجنوب خصومة منها، بل لأن مصلحتها تتسق وهذا الموقف. ولذات المصلحة نراها ليست حريصة على بقاء يمن موحد متماسك كما يعتقد بعض البلهاء، وهذا الموقف ايضا ليس حقدا بل كما اسلفنا تقتضي مصلحتها، فالسعودية ترى أن مصلحتها هذه ستتحق في يمن مهتريء يسهل الاستئثار به وبطاقاته وموقعه الاستراتيجي.. يمن لا هو بالموحد كما كان بعد عام1994م ولا هو يمنين كما كان قبل عام 1990م. يمن بين بين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى