مقالات

الإنسان بطبعه فاسد.. لولا القانون والدين! بقلم| نصر صالح

بقلم| نصر صالح

أقرأ كثيرا في وسائل التواصل، كلام منسوب إلى المتخصصين في علم الاجتماع حول الفساد واللصوصية، مثل:

«أنك إذا كنت في فندق أو مطعم، ووضعت كمية من السكر أو الحليب في الشاي أكثر مما تفعل في منزلك، فإن لديك استعدادا للفساد. وإذا كنت تستخدم المزيد من المناديل الورقية او الصابون او العطور في المطعم أو المكان العام أكثر مما تفعل في المنزل، فإنه إذا أتيحت لك الفرصة للإختلاس فسوف تختلس. وإذا كنت تقدم لنفسك المزيد من الطعام الذي يمكنك التهامه في الأفراح والبوفيهات المفتوحة لمجرد أن شخصاً آخر سيسدد الفاتورة، فهذا دليل على أنه لو أتيحت لك فرصة أكل المال العام فستفعل. وإذا اعتبرت أن ما تلتقطه من الشارع من مال وغيره هو حقك، فلديك بوادر لصوصية»، والكثير من هذا القبيل.

والواقع، كما أظنه، لا بل كما هو في الواقع.. فالأمر مختلفا. فلو سلمنا بهذا المنطق، فكل الناس سيكون عندهم استعدادا ليكونوا فاسدين ولصوصا. وأعتقد – بل وهذا هو الواقع للأسف الشديد – أن الإنسان بطبعه فاسد ومتوحش ومجرم أيضا. كل ما في الأمر أن الدين يهذب غرائزه وطباعة، والقوانين تردعه، والشرطة تمنعه.

وإلاّ لماذا يقوم الناس بسرقة مؤسسات البلد ويسطون على حقوق العامة، سيّما العامة الضعفاء، عندما تسقط مدينة أو قرية في الحرب ويختفي أفراد جيشها وشرطتها الأصليين؟

على سبيل المثال لا الحصر، حصل ذلك أمام عيني في مدينة عدن عدة مرات، تحديداً بعد مجزرة 13 يناير 1986م نهب وسطو وإجرام مخيف. كذلك، حصل في 7 يوليو 1994م نهب وسطو وإجرام مخيف أيضا. كما حصل في 14 يوليو 2015م نفس الشيء.. كل أحداث النهب والسرقة والسطو والأعمال غير القانونية تلك حدثت أمام عيني. رأيت ناسا يتحولون إلى لصوص وإلى أشرار متوحشين فجأة، ولعدة أيام، قبل أن يعاد النظام وقبل أن تعيد أقسام الشرطة ترتيب أفراد قواتها، وقبل أن يوفر المنتصر قوات شرطة وأمن.

في الولايات المتحدة الأمريكية، يا ويل لو انطفأت الكهرباء ساعة واحدة فقط، واختفت خلالها أيضا الشرطة بسبب انشغالها في أي كارثة طبيعة مفاجئة، فإنه يتم نهب المحلات والبقالات، وتحدث أعمال عنف واغتصاب فضيعة.
فإذن سلطة القانون ومعها قوات الأمن هي من تحمي الناس من شرور بعضهم، ومن السرقة ومن الفساد ومن كل الأخطار، حتى الدين لا ينفع – أحيانا – سيّما في حالات الفوضى التي تحدث بعد الكوارث البشرية، ويطلع مفتي المنتصر ليجيز نهب وسبي من يعده عدوا.

سلطة القانون وهيبة الدولة هي ما تمنع الفساد والسرقة والتعدي على حقوق الآخرين، لكن لا بد من قانون رادع، ولا بد من دولة مهابة.

أتذكر في زمن بريطانيا، كان الموظف إذا اختلس خمسين شلن، يتم طرده من الوظيفة ولا يتوظف بعد ذلك أبدا.
وأتذكر في زمن الاشتراكي، تم اعتقال «الرفيق» سلطان الدوش، ولمّا سألت زملائي: لماذا يعتقل هذا الزعيم النقابي المدافع عن حقوق العمال والنقابيين، أتدرون ماذا كان الجواب؟ «اسكت يا أهبل الدوش كان يخزن الخميس والجمعة بـ (خمسمائة شلن)، من فين له 500 شلن كل أسبوع؟».. نعم 500 شلن في حال كان «يلبعها» المسئول كان يسجن بعدها في زمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

أنا لست متحيزا للنظام البريطاني أو النظام الاشتراكي، لكن ما يحدث اليوم، غلط في غلط. غلط أن ُيقال للموظف الذي يختلس 500 مليون ريال «شاطر ورجال» وتتم ترقيته أحيانا.

لماذا لا يُطرد الموظف ويُحرم من التوظيف مجددا إذا «اختلس» 50 شلن، أو يُسجن إذا «لبَع» 500 شلن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى