مقالات

الخوف المرضي من الفيدرالية في السياسة اليمنية !!بقلم / صفوان باقيس

بقلم / صفوان باقيس

عندما يسمع الكثير مصطلح الفدرالية يتبادر إلى اذهانهم انها تعني الانفصال او مؤامرة غربية لتجزئة اليمن إلى اقاليم ثم ابتلاع الأقاليم الواحد تلو الاخر وكأن اليمن اليوم يعيش واقع وئام وحدوي يصعب اختراقه!

إذا أراد الغرب او اي قوى خارجية تجزئة اليمن فهو فعليا مجزء مفتت جاهز للتعليب والتوزيع بدون لف او دوران او مؤامرة الفدرالية كما يتخيل البعض.

لماذا الفدرالية علاج ناجح لمشاكل اليمن الجيوسياسية؟

عندما تكون الأمة مقسمة ولكن يربطها مصير مشترك قوي فإن الفدرالية هيكل سياسي قانوني فعال بدون منازع. في حال انقسام الأمة فإن الدولة المركزية تكون جزء من المشكلة وليست جزء من الحل. مقومات الفدرالية متوفرة في اليمن. يكذب على نفسه من يتخيل ان هناك شعب واحد متجانس عرقيا ومترابط جغرافيا و متماسك فكريا، اليمن بعيدة كل البعد عن هذا ويجهل واقع بلده من لا يعي ذلك!

تعتبر اليمن من أقدم التجمعات السكانية في العالم أقدمها خارج أفريقيا وبل تعتبر اقدم حضارة في التاريخ الإنساني المكتوب، مرت عليها هجرات بشرية متعاقبة وهجرات ذهاب واياب منها واليها ومازالت إلى اليوم مصدر ومستقبل للهجرة البشرية فهذا من ناحية ومن ناحية أخرى تعاقبت عليها أنظمة ودول و ممالك قبل وبعد الإسلام فهي كانت نقطة تقاطع ديانات سماوية ووثنية مرت بمراحل قوة وضعف ودائما على مر التاريخ كانت محل اطماع ونقطة صراع عالمي نظرا لموقعها الجغرافي الهام.

اليمن ياسادة من اكثر المجتمعات تعقيدا في العالم ومن الهراء ان يعتقد جزء من اليمن ان يكون بإمكانه فرض ارادته على جزء  اخر بدون حساسية وان سياسة الفرض ستمر مرور الكرام! فهذا تبسيط سطحي لمشاكل سياسية و اجتماعية ضاربة في جذور التاريخ و الجغرافيا.

المركزية و الا مركزية من منظوران اندماجي و فدرالي؟

الوحدة الاندماجية ممكن تكون الا مركزية شكليا عبر آليات الحكم المحلي واسع الصلاحيات ولكن عيب هذا النموذج أن اتخاذ القرار يمر عبر آليات مركزية صارمة فتفرغ الا مركزية من مضمونها الفعلي فسلطات المركز مسؤولة عن التخطيط المركزي وتتحكم بكل التشريعات فيترك الإدارة المحلية كسلطة تنفيذية فقط وإن كانت واسعة الصلاحيات.

في المقابل، الفدرالية ممكن تكون مركزية فبريطانيا مثال حي عن نموذج الفدرالية المركزية فالدولة المركزية تتحكم في التخطيط القومي و الثروات القومية و التوزيع المالي وكذلك تمسك في مفاصل التشريع وإن تركت بعض التشريعات كخصوصية محلية، النموذج الأمريكي يعتبر فدرالية تنافسية تقل فيه سلطات المركز وهي فدرالية الامركزية، كثير من المجتمعات كالمانيا دمجت بين الفدرالية المركزية و التنافسية في قالب تشريعي يناسب خصوصيتها وخصوصا بعد توحيد شرقها بغربها.

اليمن يمر في صراعات سلطة منذ اكثر من الف عام وفي التاريخ المعاصر، اليمن لم يعرف الاستقرار السياسي في جنوبه او شماله منذ اكثر من خمسة عقود، بالرغم بأننا أمة واحدة ولكن لا نتصرف كشعب واحد ولا يربط اليمنيين انتماء وطني موحد، فيمكن للايدلوجيا السياسية ان تفرقهم اكثر بكثير عن قدرة النسب و المصاهرة في توحيدهم بالرغم انه شعب واحد يتحدث نفس اللغة ودينه واحد بالاغلبية المطلقة.

أنسب حل هي الفدرالية المركزية التنافسية التي يكون فيها المركز قوي ويتحكم بالثروات القومية بواقع النسبة المئوية وكذلك يتحكم في التشريعات الأساسية مع إعطاء الأقاليم قدرة تنافسية اقتصادية مطلقة وتخطيط محلي حر مع صلاحيات تشريعية محدودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى