مقالات

قراءة سريعة في ما سمّي بالمبادرة السعودية بقلم/ السفير عبدالله الحنكي

بقلم/ السفير عبدالله الحنكي

ليس من السهولة بمكان اختراع نوع من التفاؤل، هو إلى الوهم أقرب، بحيث يمكن بناؤه على هذا الطرح السعودي المراوغ تحت مسمى مبادرة، إلا إذا كان الأمر لا يعدو أن يكون جزءاً من مسلسل الهدنْ السعودية المعروفة خلال السنوات الماضية من الحرب، كنوع من استراحات قصيرة كانت واضحة الغايات تضليلا للرأي العام العالمي ريثما تتلقى شحنات الأسلحة.

على أنه لابد من ملاحظة أن الأمر مختلف هذه المرة للأسباب الآتية:
أولا: أنها هذه المرة تبدو حاجة سعودية قصوى تستهدف لمْلمة الخسائر الفادحة التي مُنيت بها، وليس آخرها ما أعلن عنه منذ بضعة أيام عن هبوط أرباح أرامكو إلى النصف تقريباً (٤٥٪). وما خفي مما لم يُعلن عنه كان أعظم .
ثانياً: لا مناص من رؤية ما تنطوي عليه “المبادرة” المضللة، من هروب من الاستحقاق الأهم المتمثل في الوقف الشامل للحرب وكل أشكال الحصار والوصاية والاستتباع، سيّما وهو استحقاق يكاد أن يكون مع نهاية السنة السادسة، حديث إجماع عالمي يضع حداً لأكبر كارثة إنسانية اقضت مضاجع البشرية وافجعت الضمائر الإنسانية.

ثالثاً: السعودية ليست مجرد طرف في الحرب على اليمن، بل هي الطرف المعتدي الذي شنها متوهماً بأن حالة الضعف الشامل لليمن والتمزق السياسي الذي أعقب الانقلاب الإصلاحي على ثورة فبراير الشعبية مدعوماً بالمبادرة الخليجية سيئة الصيت، سيعينانه على حسمها سريعاً لصالحه. وبالتالي، وبعد كل ما حصل، فإن السعودية ليست مؤهلة بكل ما للكلمة من معان سياسية لتقديم مبادرة. كل ما عليها هو القبول بنتائج تهورها وما ترتب عليه، في إطار مبادرة يتقدم بها المجتمع الدولي، وتكون مرضية ومنصفة قبل كل شيء لليمن، كونه الطرف المُعتدى عليه، على نحو يضمن الاستقرار السياسي لسائر هذه المنطقة، والذي كانت قد زعزعته المبادرة الخليجية ووليدتها الحرب. وعليه فلن تكون هذه المبادرة، إلا من قبيل استمرار الحرب “بوسائل أخرى ” على حد تعبير الإستراتيجي الألماني كلاوزفيتز .

وختاماً أو ما يشبه ذلك، آن لهذا العالم الذي تعطلت أخلاقه في زعاماته الكبرى، أن يدرك أن اللهث وراء المليارات السعودية المنثورة على أعتاب الشراهة ودناءة الضمائر والاستخفاف بالآخر إلى حد الاحتقار، لن تقدم للحضارة الإنسانية إلا التسريع والإستزادة من عوامل تفسخها وانحلالها، وتالياً زوالها الكامل، لأن “المال خادم جيد لكنه سيد سيئ”، كما كتب بحق، الأديب الفرنسي الكسندر دوما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى