مقالات

هل يخدم إيران قرار نهاية الحرب في اليمن؟

بقلم/ علي الديلمي
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف الدعم الأمريكي للعمليات القتالية في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن قائلاً إن هذه الحرب يجب “أن تنتهي”. وأعلن أيضاً تعيين الدبلوماسي الأمريكي تيموثي ليندركينج مبعوثا خاصا إلى اليمن في مسعى لتعزيز الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الحرب في اليمن، مشدّداً خلال زيارة إلى مقر وزارة الخارجية في واشنطن “يجب أن تنتهي هذه الحرب”.

وأضاف “وتأكيدا لالتزامنا، فنحن ننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة”.

وتمثل هذه الخطوة الأمريكية الجديدة تغييراً كبيراً عن سياسة إدارتي الرئيسيين السابقين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري دونالد ترامب. وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس بايدن دعم ومساندة السعودية في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها وعن شعبها من أي هجمات محتملة.

ردود الفعل حول أعلان الرئيس الأمريكي كانت إيجابية بين جميع ألأطراف المنخرطة في هذه الحرب، حيث أكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير أن خطاب بايدن “تاريخي”. وكتب في تغريدة على تويتر “نتطلع إلى العمل مع أصدقائنا في الولايات_المتحدة لإنهاء النزاعات ومواجهة التحديات وسنواصل العمل مع أصدقائنا في أميركا كما فعلنا طوال سبعة عقود”.

من جهتها، أكدت حكومة الشرعية ترحيبها بما ورد في خطاب الرئيس الأميركي، وذلك “بالتأكيد على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة اليمنية”. وأشارت إلى “التزامها التام بالعمل مع تحالف دعم الشرعية وأعضاء المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يجلب السلام الشامل والمستدام في اليمن”.

بدورها، رحبت جماعة “أنصار الله” بقرار إدارةالرئيس بايدن. وقال المسؤول في حركة “أنصار الله” حميد عاصم لوكالة “فرانس برس”: “نتمنى أن يكون وقف مبيعات الأسلحة مقدمة لاتخاذ قرار وقف الحرب على اليمن، وأن يكون مقدمة لاتخاذ موقف قوي في مجلس الأمن لصالح وقف العدوان”، مضيفا “نحن نتفاءل بذلك”.

من جهته، كتب المتحدث باسم “أنصار الله” محمد عبد السلام، في تغريدة على تويتر “السلام الحقيقي لن يكون قبل وقف العدوان ورفع الحصار”، متابعاً أن “صواريخ اليمن هي للدفاع عن اليمن وتوقفها بتوقف العدوان والحصار بشكل كامل”.

لا شك إن إعلان الرئيس الامريكي خطوة كبيرة وقوية تحتاج إلي أستراتيجية واضحة، فهل سيتمكن المبعوث الامريكي الدبلوماسي المخضرم كينج من ممارسة دور واقعي يحقق تنفيذ رغبة الإدارة الامريكية في وقف حرب اليمن، أم أن هذه الرغبه سوف تتعارض مع الأجندات الاقليمية في المنطقة، ما يقود إلى غرق المبعوث الأمريكي في مستنقع اليمن كمن سبقه من المبعوثين الدوليين.

لايزال غالبية الشعب اليمني ينظر إلي هذه الحرب بأنها دمار أحل بالشعب اليمني ككل، وذلك بسبب فساد النخبة السياسية والأحزاب المأزومة وحروب الوكالة الاقليمية في ألأرض اليمنية، وأن الخروج من هذه الحرب لازال موضع شك كبير عند معظم اليمنيين، بسبب معرفتهم أن معظم الأطراف لا يوجد لديها رغبه حقيقيه في وقف هذه الحرب، وكل مايتم من قبلها هي المناورة والتكتيك السياسي على حساب معاناة الشعب اليمني.

ورغم عدم وضوح الاستراتيجية الامريكية بشكل كامل حتي الان في كيف يمكن أن تنهي حرب اليمن، إلا أن ماتم بعد أعلان الرئيس الامريكي، هو ترحيب جميع الأطراف، والاستعداد للعمل مع الأمريكان من أجل حل شامل وعادل لتحقيق السلام في اليمن.

لكن المراقب البسيط يمكن أن يستنتج أن مصالح الولايات المتحدة الامريكية في منطقة الخليج والتوتر المستمر مع أيران، دفع الإدارة الجديدة إلي أتخاذ القرار بإغلاق الملفات الجانبية والتفرغ لمواجهة أيران والظغط عليها وبرنامجها النووي والصاروخي من خلال وقف الحرب في اليمن وأحتوء أنصار الله وأبعادهم عن أيران كي لا تتمكن من المناورة من خلالهم .

وفي مواجهة هذه الاستراتيجية الامريكية، أعلنت أيران في أكثر من مناسبة عن رغبتها في الحوار مع دول الخليج وحل القضايا الخلافية عبر حوار يحترم سيادة جميع الدول. وكان وزير الخارجية الأيراني محمد جواد ظريف، قد رحب بدعوة قطر للتوسط بين الرياض وطهران، مذكّراً بأن بلاده سبق أن قبلت بالوساطة التي عرضتها الكويت.

وتأتي الدعوات الإيرانية في ظل تصعيد سياسي متواصل بين طهران وواشنطن بسبب آلية إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018. على كل المستويات تبقي الحرب في اليمن وسيلة من وسائل الصراع الإقليمي الدولي في المنطقة، وإذا كان إنهاء الحرب في اليمن الآن مصلحة أمريكية، فإن أستمرارها هو مصلحة أيرانية بأمتياز في مواجهة أمريكا وحلفائها.

يبقي ماهو الأهم الان بالنسبة للسعودية ودول الخليج من مايدور في المنطقة وحجم المخاطر التي تهدد الجميع، وفي سبيل مواجهة هذه التهديدات عليها أن تعمل علي دعم الحل السياسي في اليمن، لأن مساعدة اليمنيين على التوصل إلي حل والبدء في الإصلاح والتطوير والتغيير الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية، كل هذه الأمور سوف تؤدي إلي التعامل الواقعي مع مايحدث في الساحة اليمنية، وإزالة كل أسباب التوتر السياسي والأمني، وبدء الحوار السياسي مع كل المكونات السياسية اليمنية، إضافة إلى ضرورة المساندة السياسية والدعم الاقتصادي للوضع في اليمن، وهو ما يُشكل مرحلة جديدة للتغلب على آثار الحرب والخروج منها بما يكفل الحفاظ على أمن اليمن والمنطقة بشكل كامل، وأن لا تظل المنطقة رهينة للصراعات الاقليمية الدولية التي أستهلكت معظم مواردها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى