مقالات

نُخب الكراهية !! بقلم / أحمد ناصر حميدان

بقلم / أحمد ناصر حميدان 
يسقط كثير من نخب الرهان في العملية السياسية , ليغرقوا في وحل الصراعات والرداءة , بتنقلهم بين معسكرات مراكز القوى التي تحوز على ادارة اللعبة السياسية , غرقهم جعل منهم ادوات عمل للصراعات والرداءة .
واقعنا البائس والرديء , هو عصارة فرز تلك النخب , السلوك السيء والثقافة الرديئة اليومية للعامة , هو شحن وتعبئة خاطئة من قبل تلك النخب التي تدرك خطورة ومآلات ما تقوم به – في ما يحدث على الواقع اليوم من انحطاط سياسي وإنساني تطور لانحطاط أخلاقي، نكران للهوية، والميول للتبعية والارتهان، تبني مشاريع صغيرة استعمارية، بث روح الكراهية والانتقام والعنصرية بشكل مقزز.
السؤال المهم , هل ما يحدث غباء أم خيانة ؟
في كلا الحالتين , النتيجة هي خيانة للعقل والمنطق والقيم والمبادئ , بدراية او بدون دراية , اين ذهبت قيم مبادئ قرن من التاريخ النضالي، بل قرون من نضال أمة عريقة، وقراءات من تاريخ الأمم ودروس وعبر، لم استوعب بعد كيف تخلى كل هؤلاء عن كل ذلك، وتركوا المعضلة الحقيقية ليدخلونا في جدل عقيم عن الهوية والمناطقية والطائفية، تركوا منظومة الحكم والسلطة، واتجهوا نحو الصغائر لتمزيق أواصر الأمة وشتاتها وإعادة إحياء النعرات واستدعاء ماضي سحيق من التخلف والجهل والعصبية، ليشحن جيلاً بالسلبية من كراهية وعنصرية وفئوية.. وغيرها من النعرات القاتلة لحياة الأمم.

تلك النخب العقيمة تهيئ الواقع لحكم عصابات مارقة من قوى العنف والبندقية , تعيق ترسيخ دولة وطنية , تشتغل اليوم في ضرب مدن التحضر (عدن وتعز ), لتجعل منها بؤر تخلف وعصبية , تشتغل على ان تسطو القوى التقليدية والقبلية المتخلفة على السلطة وتستأثر بالثروة , لتنقض على قوى الثقافة والفكر والتغيير للأفضل قوى الدولة الوطنية الحديثة .

كل ما نحن فيه من فشل تبعاته هي اختيارات ومواقف بعض النخب ضد مشروع الأمة، ضد الجمهورية والوحدة والديمقراطية والتعددية وضد الإنسانية وقيمها ومبادئها، تحول البعض لمجرد طفيلي يقتات على أشلاء الضحايا وأطلال وطن في بلاط السلطان، صفقوا للتوريث وحكم العسكر والعنف والمعارك الجانبية، دعموا منظومة الفساد والاستبداد والطغيان، برروا للقهر والظلم والتعسف، بل دعموا أركان التخلف والعصبية، وساهموا في قتل روح المدنية، هل كان باستطاعة جماعة مارقة متخلفة عصبية على راس سلطة أن تنتج كل هذه الكوارث؟ دون نخب تلمع صورتها وتبرر قذارتها, وتقبل العمل لديها كمخبرين ، طبعا لا، كان بإمكان النخب أن يكونوا في صف الحق , واحرار وشرفاء الوطن بمواقف مشرفه .

هنا تجد الإجابة على كثير من الأسئلة، لماذا لم يستطع الجنوب أن يكون مثالا حقيقيا للشعارات والهتافات التي رددت منذ سنوات، للدولة الحلم، والعدل والحرية والمواطنة؟ ولماذا أيضا يفشل مشروع الدولة الاتحادية ومخرجات الحوار الوطني التي احتوت تطلعات الناس، وكانت قابلة لإصلاح ما فيها من خلل بطرق راقية ؟ ولماذا أيضا يراهن الناس على ذات العقلية العصبية والقروية القادمة من رحم المشكلة لتبحث عن انتقام، وها هي تدمر وطن .
ولازال بعض النخب تغرد من أوروبا وأميركا ودول ديمقراطية متحضرة يرسل نعراته وعصبيته عبر التواصل الاجتماعي على شكل مقالات ومنشورات، ليغذي روح الكراهية بين الأمة والعنصرية ويدعم الشتات والتمزق والازدراء من الآخرين واتهامهم بشتى التهم، بل يرسل فتاواه ليدمر الأواصر والقيم والمبادئ , واقبح ما في الامر ان حجته التحرر والاستقلال , مجرد شعار يدفع نحو التبعية والارتهان , عمل مدفوع الاجر بسببه وطن يهان والله المستعان.

الفرز القائم على الواقع اليوم , في الشارع العام , او على منصات العمل السياسي والفكري , وفي تحليلات النخب , وغباء المناطقية والطائفية , واستفزاز الانسان بسؤال ( من اين انت ؟ ) هو تعبير صادق على كراهية .

الكراهية ثقافة نتاج فترة صراع سلبي , في مجتمع متعصب تقليدي متخلف , تعبر عن روح وهستيرية تطلعات القوى التقليدية المستبدة والعنيفة فيه قوى الفساد والجهل والعصبية , لتهيئ المشهد لمشروعها الاناني .

اما المشروع الوطني , هو ترسيخ للإنسانية المعبرة عن روح وتطلعات الجماهير وهمومها, ثقافة الحب والتسامح والاخاء ,ثقافة ملتزمة بهموم الوطن والأمة , مبدعة ومتفاعلة مع الثقافات الأخرى في عملية تغيير الواقع المتخلف و والارث الغائر في أعماق التاريخ الذي يستدعيه الكارهون اليوم .

ولك الاختيار اليوم , في ان تكون جزءا من هذا الواقع الرديء , ام تكون القوة الرافضة لتلك الرداءة , تتصدى لثقافة الكراهية والعنصرية , لإصلاح ذات البين , لإصلاح المجتمع ليستقيم عود الوطن ليكن صالحا لتعايش الجميع وقابلا للجميع وطن يستوعب الجميع , ثري بأفكاره وثقافته الانسانية الجامعة , التي تضع حق الانسان في الحرية والحياة والعدل والمساواة في اولوياتها , وترفض روح والتمايز السلبي بين البشر بكل اشكاله ومبرراته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى