مقالات

البحر الأحمر وتلاقي المصالح الإسرائيلية الإماراتية بقلم| حسن لافي

بقلم| حسن لافي

أجرت البحرية الإسرائيلية قبل عدة أيام مناورة تدريبية بحرية واسعة النطاق في خليج العقبة والبحر الأحمر بمشاركة كل من الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

تجدر الإشارة إلى أن المناورات البحرية على المستوى العسكري كانت طبيعتها هجومية، رغم عدم تضمنها لإطلاق نيران حية بالصواريخ، وتأتي التدريبات المشتركة في إطار تطوير القدرة العملانية المشتركة بين البحرية الإسرائيلية ودول الخليج داخل البحر الأحمر في مواجهة التمركز الإيراني في المنطقة، كما صرح بذلك مسؤول كبير في البحرية الإسرائيلية، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن الدوافع الإسرائيلية من وراء تلك المناورة المشتركة في منطقة البحر الأحمر.

لا يمكن فهم الدوافع الإسرائيلية من وراء تلك المناورات، دون تحليل ثلاث عوامل ذات علاقة بالمناورة، تتمثل في:

1. المكان، يعتبر البحر الأحمر وخليج العقبة عبر ميناء “إيلات” الإسرائيلي الشريان الرئيس الذي يوصل كيان الاحتلال بحرياً وتجارياً مع كل من قارة أفريقيا وآسيا، وكلنا نتذكر أن أحد الأسباب المركزية وراء نشوب حرب 1967م، كانت محاولة إغلاق مضائق “تيران”، الأمر الذي اعتبرته “إسرائيل” اعتداء مباشر على حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبقيت تلك المنطقة الاستراتيجية محل توتر أمني كبير طوال حرب الاستنزاف وصولاً إلى حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973م ولكن توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979م، أنتج حالة من الاستقرار الأمني الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر وخليج العقبة، استمرت حتى بدء بروز تهديدات جديدة خلال العامين الماضيين، جعلت “الجيش” الإسرائيلي يضع منطقة البحر الأحمر ضمن خططه الأمنية والعسكرية الملحة، من خلال تهديدين رئيسين:

الأول، الحرب البحرية السرية والمستعرة بين إيران و”إسرائيل” في مناطق الخليج، والمحيط الهندي، والبحر الأحمر، والتي أجبرت البحرية الإسرائيلية على تطوير خططها العسكرية الدفاعية والهجومية في آن واحد في منطقة البحر الأحمر.

الثاني، دخول اليمن على قائمة التهديدات المباشرة على الأمن القومي الإسرائيلي، بعد تعاظم قوة “أنصارالله” في اليمن كقوة عسكرية جديدة، تنتمي إلى محور المقاومة، وتمتلك القدرات العسكرية على تهديد كيان الاحتلال من الجبهة اليمنية، سواء من خلال قدراتها الصاروخية والطائرات المسيرة القتالية، التي أبهرت العالم كله باستهدافها للمصافي النفطية لشركة أرامكو السعودية، أو من خلال امكانية مهاجمة السفن الإسرائيلية على طول منطقة البحر الأحمر وخاصة في مضيق باب المندب.

2. التوقيت، تنظر “إسرائيل” إلى اقتراب قوات صنعاء تجاه مدينة “الحديدة” وسيطرتها على مساحات واسعة على امتداد ساحل البحر الأحمر، على أنه خطر حقيقي على حرية ملاحة السفن الإسرائيلية، وتكرار لسيناريو التمركز الإيراني في سوريا، ولكن هذه المرة إيران تتمركز حسب تصور “إسرائيل”، بجوار أهم الممرات البحرية الموصلة إلى الميناء الإسرائيلي الوحيد على البحر الأحمر، لذا يمكن تفسير المناورة، على أنها رسالة ردع إسرائيلية، لأنصار الله من مغبة مهاجمة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وتحذير عال المستوى لإيران، خاصة أن المناورة ذات طابع هجومي.

3. المشاركون في المناورة، ليس من الجديد أن تقوم “إسرائيل” والولايات المتحدة بمناورات عسكرية بحرية مشتركة، ولكن الجديد اشتراك الإمارات العربية المتحدة والبحرين لأول مرة في تاريخهما في مناورة عسكرية بحرية مشتركة مع “إسرائيل”، الأمر الذي يحمل بطياته العديد من الرسائل السياسية متعددة الاتجاهات، أهمها:

أولاً، تأتي المناورة العسكرية البحرية بعد مضي عام على توقيع اتفاقات “التطبيع” التطبيعية بين الإمارات والبحرين من جهة وبين “إسرائيل” من جهة أخرى، الأمر الذي يؤكد على تطور العلاقات التطبيعية بين الطرفين بشكل كبير وخلال وقت قصير، ما يثير القلق الإيراني من تحول تلك الاتفاقات إلى حلف عسكري ضدها، كما تخطط لذلك “إسرائيل”، وتدعمه الولايات المتحدة من أجل تشكيل حلف عسكري وسياسي يستطيع تعويض انسحابها من الشرق الأوسط من دون تضرر مصالحها في الإقليم.

ثانياً، تشير مشاركة الأسطول الخامس الأميركي، الذي تغطي منطقة عملياته ما يقرب من 2.5 مليون ميل مربع من مساحة المياه وتشمل الخليج والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي إضافة إلى ثلاث نقاط مهمة هي مضيق هرمز قرب إيران وقناة السويس في مصر وباب المندب قرب اليمن، أن الولايات المتحدة مازالت ملتزمة باستراتيجية حماية الملاحة الإسرائيلية عبر البحر الأحمر تحت عنوان حماية حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة.

ثالثاً، يدلل وجود الإمارات والبحرين في المناورة أن هناك تعاوناً وتفاهماً إسرائيلياً خليجياً في موضوع الحرب على اليمن، الأمر الذي من الممكن أن يشمل تدخلاً إسرائيلياً مُعلناً في العدوان على اليمن تحت ذريعة حماية حرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، خاصة أن تقدم الجيش واللجان الشعبية تجاه مدينة الحديدة جاء بعد انسحاب غير مبرر من قبل القوات الموالية للإمارات، من تلك المنطقة، ما أتاح لقوات صنعاء اطلالة واسعة على البحر الأحمر، وبالتالي تعاظم خطرها على الأمن الإسرائيلي، الأمر الذي من الممكن أن تستخدمه “إسرائيل” كذريعة لمهاجمة اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى