مقالات

كيف تعمل خوارزميات “فيسبوك”؟ بقلم| محمد طه

بقلم| محمد طه

هل سألتَ نفسَك أيها الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيَّما “فيسبوك”: لماذا ترى هذا المنشور دون غيره؟ هل فكَّرت يوماً في السبب الذي يجعل منشورك ينال عدداً من الإعجابات يفوق منشور غيرك؟ ولمَ لا تجد أحياناً أيّ تفاعل مع ما تنشره؟ الجواب هنا دائماً ما يكون أنَّ السبب هو خوارزميات “فيسبوك” الّتي تحدّد رحلة المنشورات وتختارها وتديرها من ألفِها إلى يائِها.

يقول أحد الأصدقاء إنَّ عدداً قليلاً فقط من الناس يرى منشوراته ويتفاعل معها. نعم، هذا صحيح. ما بين 1% إلى 10% من جمهورك يرى منشورك الجديد فقط، وهو أمر طبيعي، إذ إن “فيسبوك” هو من يقرّر ذلك، بحسب برمجيات محددة تُعدَّل عاماً بعد آخر، وتفرض خوارزميات جديدة لم تكن موجودة من قبل.

لقد كشفت شركة “فيسبوك” عن بعض عناوينها الرئيسيّة في البرمجية التي تحكم العمل في العام 2021، والمتغيرات التي حصلت، لتوضح لنا كيفية تعامل الخوارزميات مع أي منشور.

في الواقع، تعمل البرمجية وفق نظام التصنيفات والعلامات، بحيث يجري تقييم كلّ منشور لحظة نشره وإعطاؤه نتيجة سريعة، كما تحدد الخيارات مباشرةً لدى القارئ… الرحلة تبدأ مع وضع “فيسبوك” جميع المنشورات المتاحة في شبكة المستخدم، وتقييمها بناءً على إشارات الترتيب المحددة مسبقاً، مثل نوع المنشور وجدّته.

بعد ذلك، يتمّ تجاهل المشاركات التي من غير المحتمل أن يتفاعل معها المستخدم، بناءً على سلوكه السابق. تعمل الخوارزمية أيضاً على تقليل المحتوى الذي لا يريد المستخدمون رؤيته، بناء على أسلوبه السابق أيضاً (معلومات خاطئة أو محتوى لم يعجبه من قبل).

بعد ذلك، يرسل “فيسبوك” المنشورات المتبقّية إلى “شبكة عصبية قوية” لمنحها درجة مخصّصة (مثال صغير: عباس لديه فرصة بنسبة 20% لمشاهدة مقاطع فيديو من أحد المسلسلات، لكنْ لديه فرصة 95% للنقر على “أحبّ” على صور أخته الصّغيرة. من هنا، يتم تصنيف هذه المنشورات بترتيب القيمة).

4 معايير أساسية في عملية تصنيف المنشور

العلاقة: هل المنشور من شخص أو شركة أو مصدر إخباريّ أو شخصيّة عامة يتفاعل معها المستخدم غالباً؟

نوع المحتوى: هل هو صورة أو نصّ أو فيديو؟ وأيّ نوع يفضّله المستخدم عادةً؟

التفاعل مع المنشور: كيف يتفاعل الأشخاص الَّذين شاهدوا المنشور (وخصوصاً أصدقاء المستخدم)؟ هل يشاركونه أو يعلّقون عليه أو يتجاهلونه؟

الحداثة: هل المنشور حديث؟ كلّما كان المنشور حديثاً، ظهر في “آخر الأخبار”.

لا تتحدّث شركة “فيسبوك” عن تفاصيل التقييم والمعايير التي تقيّم من خلالها المنشورات بدقة، فذلك يعتبر سراً خاصاً بها، لكن بعض الشركات والمؤسَّسات المعنية بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي وتحليلها، يمكنها تفكيك بعض ألغاز خوارزميات “فيسبوك”، وهو ما قدمته لنا شركة “تايز” الرقمية، من خلال تلخيص مجموعة من النصائح التي يمكن من خلال اتباعها الحصول على تفاعل كبير مع منشوراتنا، من بينها:

– الفيديو والصور في المنشور من الأمور المهمّة والأساسية. لذا حاول أن ترفق أيّ منشور بصورة أو مقطع فيديو صغير، ما سيساعد في تحفيز وصول المنشور إلى أكبر عدد من المتابعين.

– البث المباشر، وهو نوع من الأنواع المحبّبة إلى الخوارزميات، والتي تسهم في تقوية الحسابات، أي تجعلها واضحة ومرئية أمام مختلف الحسابات.

– حاول قدر الإمكان أن لا يحتوي المنشور رابطاً لموقع من خارج “فيسبوك”، لأنه سيقلّل حتماً من الوصول إليه. في حال كنت مضطراً، ضع الرابط في التعليقات، وليس في المنشور.

– لا تطلب في منشورك التفاعل عبر إعجاب وتعليق ومشاركة. لا تطلب شيئاً من المستخدمين، لأنَّ ذلك سيسهم في تقليل التفاعل بدلاً من رفع منسوبه.

– حاول أن لا يكون منشورك قد نشر سابقاً.

– احرص على ألا يحتوي المنشور على الكلمات التجارية (مجاني، عرض خاص…).

كلَّما التزمتَ بهذه المعايير كان لدى منشوركَ الحظ في أن يكون مفضّلاً لدى “فيسبوك”. أما عن رحلة المنشور وكيفيّة تقييمه، فتقول “تايز” إنَّه لا يصل إلا إلى 1% من متابعيك عند نشره، ثم تبدأ رحلة التقييم والانتشار: مع كل إعجاب تحصده، تنال نقطة في سجلّ منشورك. أما التعليق، فيمنحك 6 نقاط إيجابية. وإن كان التعليق طويلاً، فهذا يمنحك 13 نقطة إيجابية. ومع كلِّ مشاركة للمنشور وتفاعل، بحسب الشركة، يحصل منشورك على 13 نقطة إيجابية. وما لم تحظَ المشاركة بتفاعل، فإنك لن تحصل إلا على 6 نقاط إيجابية.

مع كلِّ مشاهدة فيديو تصل إلى 60 ثانية، يُمنح منشورك 13 نقطة إيجابية. وما لم تصل المشاهدة إلا إلى 3 ثوانٍ، فلن تحصل إلا على ربع نقطة إيجابية. عند أيِّ ردّ سلبي على التعليق، مثل “ريبورت” أو وجود محظورات في المنشور، تخسر 100 نقطة إيجابية فوراً.

في المحصّلة، كلَّما حصلت على نقاط إيجابية، برز منشورك لدى متابعيك، وارتفعت النسبة المئوية. وكلّما كان رقم النقاط سلبياً، خفَّف ذلك من ظهور منشورك أمام متابعيك.

تشير الشركة إلى عددٍ من النقاط التي يمكن أن تعطي منشورك علامةً فارقةً ومشجّعةً على الانتشار، بناء على التجربة:

– أن يعالج المنشور موضوعاً آنياً وحديثاً.

– أن تنشر عبر صفحتك بشكل مستمر محتوى ذا قيمة وبثاً مباشراً للفيديو.

– أن يتفاعل معك المتابعون بشكل دائم.

– أن تحمل صفحتك نقاشات بين المتابعين من خلال التعليقات على المحتوى.

بالطّبع، إنّ فهم برمجيَّة كالبرمجيّة التي تعمل وفقها خوارزميات “فيسبوك” أمر صعب ومعقّد جداً، وهي لا تزال غامضة إلى درجة كبيرة. وليس من المنطقي أن تكشف الشركة عنها، لكن التجربة والتحليل ومراكمة الخبرات والمعلومات مكَّنت الكثير من الشركات من الحصول على هذه المعلومات المهمة، التي يمكنها أن تحقّق انتصاراً كبيراً في السّاحة الرقميّة التي صارت موازية أحياناً للحروب العسكريّة، في حال تمَّ تطبيقها في أعمال الخير وقضايا الحقّ، ولاستطاعت مجتمعاتنا في إثرها محاصرة الفتنة قبل وقوعها، والفكرة الضارة قبل انتشارها، ولما تلاعبت بنا جيوش إلكترونية ضخمة وذباب إلكتروني يعلم جيداً ما يفعله ويدرك نقاط ضعفنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى