مقالات

القضاء في عدن.. مرآة الأمة المكسورة التي تعكس أصل صورة أمة مشوهة بسبب حكامها وقضاتها بقلم| عفراء حريري

بقلم| عفراء حريري

(إن هناك دائمًا طرقًا جديدة لتكييف أعلى مبادئنا مع الظروف السائدة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك..).
حتى أخر لحظة وأنا أتجنب الكتابة عن إضراب القضاة الذي أقامه نادي القضاة الجنوبي، و لم أمنع قلمي من ذكره في بعض مقالاتي السابقة، ذكراً عابراً عميقاً الدلالة و المعنى، إلا أنني وجدت نفسي عديمة الصبر لفترة قادمة خاصة بعد مشاركتي في جلسة الحوار المجتمعي الذي عقد صباح يوم السبت الموافق ٧أغسطس ٢٠٢١م في مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، أثر إغلاق المحاكم والنيابات على الأمن العام والاستقرار والسلامة المجتمعية”، و صدمت لما شاهدته وسمعته، وحمدت الله كثيرا بأني في منأى عن العمل بالمحاكم منذ سنوات طويلة إلا فيما نذر، حيث كان الحضور مجموعة من القضاة(نساء ورجال) يمثلون ويمثلون إنتماءات سياسية مختلفة، عدد منهم ومنهن بلا إنتماء سياسي.

ومن الوهلة الأولى يمكن لأي مواطن عادي أن يعرف الذي يحدث من مجرد الاستماع، ولمن يستطيع قراءة ما بين الكلام وتعابير الوجه ونبرة الصوت وحركة الجسد يجد بأن وراء كلُ ذلك غايات وأهداف أخرى.

يا سادة القضاء مرآة الأمة، ومن يريد معرفة حال ووضع و سلوك و….إلخ أي أمة لينظر إلى تلك المرآة ؟!.

اول الحكاية: بدأ الإضراب بحجة تعيين النائب العام المخالف للدستور والقانون، وتوسع إلى مطالب حقوقية خاصة، ثم إلى التبرم من مجلس القضاء الأعلى و الشكوى منه و من فساده ” على الرغم من أن بعض الأعضاء فيه منكم و فيكم).

وفي كل هذا الطرح كنا معكم كمواطنين “جمهور ” ومنظمات مجتمع مدني، واستمعنا إلى المطالب الخاصة والشخصية جدا و التعيينات التي في غير محلها.. وغير ذلك الكثير، ناهيك عن التناقضات التي نسمعها و نقرأها ونشاهدها و نعرفها بين ما تقوله وما تفعله و ما تسلكوه، على أن تجدوا وسيلة غير الإضراب لتحقيق ما تريدونه، وقلنا لكم الوسائل كثيرة ومن ضمنها مساعدة منظمات المجتمع المدني لكم وهي الشريك المُساعد والمُراقب و المسائل و المُحاسب لسلطات الدولة، ان كنتم لا تعلمون.
ينص التعليق على مبادئ بنغالور بشأن سلوك العاملين بالجهاز القضائي أن ” القاضي لا يجب ان يكون ‘قاضيًا جيدًا’ فحسب، بل يجب أن يكون أيضًا “شخصًا صالحًا “حتى إذا اختلفت الآراء حول ما يعنيه ذلك في الأوساط المختلفة من المجتمع ” من وجهة نظر الجمهور/ الناس”، و لان تكون قاضيا صالحا معاني كثيرة.
ترى ماهي الخدمة التي يقدمها القاضي الان ؟!

لم يتعهد القاضي فقط بخدمة مُثل العدالة والحقيقة التي تُبنى عليها سيادة القانون وأسس الديمقراطية، ولكن أيضًا لتجسيدها”، ويوحي هذا المعيار الدولي “أنه من المقبول على نطاق واسع” ينبغي أن يكون سلوك القضاة مثاليا ومساندا لرأي المواطنين في الجهاز القضائي، بمعنى آخر أن يبعث السلوك الطمأنينة لدى المواطن ويكسب ثقته و منظمات المجتمع المدني هي الكيان الذي يُعبر عن ذلك المواطن أيضا، وكنت آمل دائما بأن يذهب العديد من القضاة إلى أبعد من ذلك كالعمل بلا كلل لتحسين النظام القضائي حتى عندما لا يكونوا على مرأى من المواطنين، وحتى عندما يواجهون ظروفًا صعبة.

على الأقل لرد الجميل لمجتمعاتهم المحلية، نعم رد الجميل للمجتمع المحلي ومن ضمنه منظمات المجتمع المدني لأن القضاء سلطة وليس مسرح هزلي تعرض عليه تمثيلية للدُمى المتحركة، سيناريوهاتها مكتوبة خارج إطار السلطة القضائية و بمنأى عن معنى العدل وهو أسم له قدسيته.

ويبدو من الوهلة الاولى بأن القضاة لاعلم لهم ولهن بمبادئ بنجلور او بنغلور و غيرها من المبادئ و التقنيات لمنع الفساد بمافيه الفساد الذي يتحدثون عنه (علما بأن الفساد ليس نهب المال العام فحسب، بل هو السلب والنهب و التعطيل و الارتزاق و الخيانة و حتى الانتماء السياسي او غيره من الانتماءات بالنسبة للقضاء يُعد فساداً) ولكم أن تعرفوا بأن العالم حين يتحدث عن نزاهة القضاء ليس من ترف بل لأنه حجر الأساس في الأنظمة القضائية القوية وشرط مسبق ضروري لسيادة القانون والحق في محاكمة عادلة وثقة الناس في القضاء أيضا، يقابله في الحديث عن الفساد توفر المعايير الدولية الحالية وأفضل الممارسات وعددًا من التقنيات التي يمكن اعتمادها لتعزيز نزاهة القضاء ومنع الفساد في قطاع العدالة، والممارسة التي تم الترويج لها من قبل الشبكة العالمية لنزاهة القضاء، بأن هناك حاجة إلى وضع قواعد سلوك فعالة للقضاء وأنه سيكون من المفيد وضع دليل حول كيفية القيام بذلك، إلا أن القضاة كما يبدو غافلين عما يحدث في الفضاء الدولي و الإقليمي بشأن القضاء ؟!، لأنه بات من الواضح كم نحن بحاجة ماسة لاعتماد مدونة لقواعد السلوك القضائي و تغيير العديد من النصوص الدستورية والقانونية لتحقيق مبدأ النزاهة والاستقلالية.

أني لا أُبرء رئيس الدولة المفقودة من كلامي هذا ( كي لا يبدأ التطبيل على رأسي)، فهو المسؤول الأول عن كل مايحدث من إرتكاب الجرائم و تفاقمها وتنوعها، ومثله رئيس المجلس الانتقالي باعتباره المسؤول الأول عن القوى المسيطرة على الأرض ( كما يزعمون).

هذان المسؤولان والقضاء تاليهما عن كلُ قطرة دم تنزف من جريمة قتل أو اغتيال أو راجع او أي جُرم آخر، عن كل دمعة تسقط ألم، عن كلُ آه وأنة وجع وخوف وقلق من الجرائم التي تُرتكب و البعض يتم تقيدها و البعض تهمل و البعض يأخذ بثأره، حتى جريمة الاغتصاب الاخيرة الذي أرتكبها الأب وهو من في قمة نشوته كما قيل تجاه ابنته وابنه من صلبه جميع من ذكرتهم مسؤولين عنها.

ماذا تبقى أكثر من ذلك الإثم و السوء تريدونه أن يرتكب يا حضرات القضاة ( قضاة وقضايات)؟؟! ظننا بكم وبكن الخير في وضع كهذا بأن تفتحوا أنتم و انتن جلسات المحاكم و التحقيقات مع من عثوا فسادا في هذه المدينة، إلا أنه بعد الظن أثم كما يبدو.
هذا الجُرم و الاجرام و الجرائم التي ترتكب تقف أمامها منظمات المجتمع المدني التي لم تعجز يوما عن اداء مهامها قولوا عنها ما شئتم وما تشاؤون، فليس هناك أبشع ولا أفظع و لا…..( تخنقني العبرة بما أريده قوله) من وأدكم للعدالة وإغلاق بابها في وجه المساكين و الضحايا والمجني عليهم… لكن ماذا عسايّ أن أقول أكثر مما يقوله الناس عنكم ؟ ورب دعوة مظلوم يسمعها رب السماء والأرض فلا يردها وترد عليكم وعليكن.
وحسبنا الله ونعم الوكيل..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى