مقالات

في يوم القدس العالميّ.. ماذا تريد القدس المحتلة؟ بقلم/ عنان نجيب

بقلم/ عنان نجيب

في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كلّ عام، يتمّ الاحتفال بيوم القدس العالمي، الذي بدأ الاحتفال به إثر انتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979.

يأتي الاحتفال بيوم القدس العالمي في هذا العام في وقت يعيد شباب القدس مدينتهم إلى واجهة الأحداث، بعد انتصارهم المرموق في هبة باب العمود. وما تزال جبهات النضال في القدس مشتعلةً. وعلى رأس أولويات الثائرين في القدس، إفشال مخطط تهجير 500 مقدسي من بيوتهم في حي الشيخ جراح، إذ يرابط المئات فيه نصرة لأهله، ودفاعاً عن هذا المربع الذي أضاعته الأنظمة الرسمية العربية التي تماطل لغايةِ هذه اللحظة في إيصال الوثائق الرسمية الأصلية إلى الأهالي، لحسم قضيّتهم أمام القضاء الصهيوني المنحاز إلى قطعان المستوطنين والمتحالف معهم.

وفي جبهةٍ أخرى من جبهات النضال في القدس، ما يزال المقدسيون على موعدٍ مع مواجهة مستحقّة يوم الثامن والعشرين من شهر رمضان، إذ تتعالى أصوات المستوطنين الغزاة لتدنيس المسجد الأقصى المبارك وإقامة شعائرهم التلمودية على ثراه الطاهر.

لا تتوقف جبهات معركة القدس عند هذه المحطات الثلاث، فالقدس تتعرض لحرب على مختلف الأصعدة، فالتعليم بات اليوم في قبضة الاحتلال الذي يسيطر على 85% من مدارس القدس، ما يعني تطبيق منهجه التعليمي الصهيوني على طلابها، الأمر الذي يغيّب هويتهم وثقافتهم الإسلامية والعربية. كما يعمل الاحتلال ليلاً نهاراً للاستيلاء على عشرات العقارات في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى والبلدة القديمة، من دون تحركٍ يُذكر من قبل المؤسسة الرسمية الفلسطينية في رام الله.

باختصار، إنّ ما يجري في القدس اليوم هو حرب تهجير وأسرلة، يسابق الاحتلال الريح لحسم معركته فيها، فماذا عسانا نفعل؟

المطلوب مقدسياً
لا شكَّ في أنّ الحمل الأساسي والخط الأول للدفاع عمّا تبقى لنا في القدس يقع على عاتق المقدسيين، الذين يحملون صخرة الصمود مرتين؛ مرةً دفاعاً عن مدينتهم، ومرةً نيابةً عن أمتهم. وما شهدناه من هبّة الشبان لاسترداد حيّز باب العمود، يؤكد أنّ العزيمة المقدسية التي أفشلت إقامة البوابات الإلكترونية، واستردّت مصلى باب الرحمة، قادرة على إفشال مخططات الاحتلال، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ترك المقدسيين وحدهم، بل لا بد من إيجاد منابر لدعم صمودهم والتصدي للتحديات التي تنتظرهم. هذا الأمر يتطلَّب التكاتف والعمل الجماعي ونبذ الخلافات السياسية وتعزيز مفاهيم التكافل الاجتماعي.

المطلوب فلسطينياً
لطالما مثّلت مدينة القدس عنواناً للنضال والجهاد لكلّ أقطاب العمل السياسي الفلسطيني الرسمي والفصائلي وغيره.

وكمقدسيين، كنا نتمنّى من الكلّ الفلسطيني أن يعقد، ولو بالحد الأدنى، جلسةً واحدةً للأمناء العامين للفصائل، لتدارس الهجمة الممنهجة التي يقودها الاحتلال على القدس، وعدم تركها فريسة للاحتلال، أو على الأقل توحيد جهودهم، ولو لمرة واحدة، لاستنهاض الحالة الشعبية في القدس والضفة الغربية، نصرةً للعاصمة المحتلة، ولكن، وكالعادة، يدّعي الكل وصلاً بالقدس.

وإذا كان ثمة مطلب شعبي مقدسي في هذه المناسبة، فهو الاتفاق على برنامج نضاليّ تتبنّاه كل القوى الفلسطينية، وعدم ترك الفلسطيني ضحيّة للتجاذبات السياسية، كي لا يستغلّ من طرف ما لتعزيز شعبيته وحضوره، فهل من مجيب؟

المطلوب عربياً وإسلامياً
لقد استطاع المستعمر فرض التطبيع على بعض الشعوب العربية والإسلامية، بتواطؤ وخيانة من بعض الطّغم الحاكمة. وبذلك، استطاع حرف القضية الفلسطينية، وفي قلبها مدينة القدس، عن مكانها الطبيعي، كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، وكفريضةٍ شرعيةٍ تمثل نقطة الصراع بين الحق والباطل.

ثمة كلمة نوجّهها إلى الأمتين العربية والإسلامية من قلب القدس المحتلة، بأن أعيدوا وضع القضية الفلسطينية على رأس الأولويات، واطردوا دعاة التطبيع وأدوات الاستعمار.

ختاماً، لا يسعنا إلّا أن نتقدّم بالشّكر والامتنان إلى الثورة الإسلامية في إيران، لما تقدمه للقضية الفلسطينية، ونطالبها بالمزيد من الدعم لتعزيز صمودنا، بعد أن تكالبت علينا قوى الاستكبار العالمي، لدفعنا إلى التفريط في القدس وبيع أرضنا للمستعمر وشذاذ الآفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى