مقالات

الصين بين العلاقة الاستراتيجية والمصالح الاستراتيجية !!

 

بقلم المستشار / أكرم يحيى

عمدت الصين لتنقذ نفسها بعد ازمة كورونا التي عزلتها مؤقتا. فتوجهها للشرق الاوسط اتى كنتيجة لاستراتيجتها بتكوين صناديق اقتصادية تعزز التعامل باليوان الصيني (رنمينبي) ضمن مشروعها (حزام واحد- طريق واحد) مقابل قروض ميسرة للبنى التحتية خصوصا على المدن الساحلية في البحر الاحمر وباب المندب، وكذلك في مضيق هرمز لايجاد حماية لها من خلال شراكات اقتصادية.

ومن اهم الاهداف هو الاستفادة من كونها مستهلك الاكثر عالميا عبر عقد مشاريع مع دول الخليج لشراء الغاز والنفط بمُدد طويلة تحميها من التقلبات الدولية مقابل تطوير البنى التحتية في مجال النفط والطاقة.

وكذلك تهدف لزيادة الدعم الدولي إزاء تيوان، مع معرفتها برخاوة الوضع السياسي للدول العربية واستراتيجية العلاقة مع الولايات المتحدة ومحذرات لهذه الرخاوة من خلال اعتراف دول عربية بتيوان على الصين بينما اعترفت اسرائيل بالصين على تيوان، في مقابلة عجيبة تدركها بكين (بيجين) بخذلان العرب لها حين وقفت مع قضية فلسطين بعدم اقامة علاقة مع اسرائيل لكن سرعان ما اعترف العرب باسرائيل واقامت بعضها علاقات دبلوماسية وبقت الصين متأخرة في علاقاتها مع اسرائيل.

ويكمن حذر الصين في تكوين علاقات استراتيجية في مدى التجاوب ببيع النفط الخليجي بالعملة الصينية، وإنشاء قواعد عسكرية لحماية مصالحها في مضيق هرمز وباب المندب، ليرتفع سقف السياسة الصينية من العلاقة الاقتصادية العسكرية إلى مستوى أعلى لتكوين علاقة استراتيجية على كل المستويات كبديل للعلاقات الاستراتيجية الامريكية خصوصا بأن مجرد التعامل باليوان سيغير من سياسة البترودولار الاقتصادية المهيمنة على اقتصاد العالم.

وهنا تدرك دول الخليج هذا التحدي ومنه تردد الصين في الوصول لهذه المرحلة من العلاقة؛ كون وجود علاقة جيدة بين الصين وايران والتي ستمثل عائقا للخليج من تحقيق مراحل متقدمة من العلاقة الاستراتيجية.

فالملاحظ أن الاهتمام حاليا هو شراء النفط الخليجي وزيادة بيع الاسلحة الصينية مع المحاولة للشراء بالعملة الصينية وتأمين الصين لمواقف سياسية لها في الامم المتحدة إزاء قصية تايوان وتعزيز الشراكة في مضيق هرمز.

والخليج يراهن على تأسيس علاقة استراتيجية مقابل تحقيق مصالح استراتيجية مشتركة. بينما الصين كما هي سياستها تعتمد على التعزيز الاقتصادي بعيدا عن الاجواء السياسية خاصةً المضطربة كما في الشرق الاوسط التي لا تشجع الصين على ذلك واختلاف الاجندات بينها فالصين تتواجد في سوريا لدعم روسيا لأجل اسباب اقتصادية وهي الحصول على عقود اعادة الاعمار عبر البنك المدعوم من منظومة بريكس.

الحديث عن نشوء استراتيجية علاقات قريبا هو بعيد في الواقع وان الواقع هو وجود توافق لتعزيز علاقات اقتصادية عسكرية لصالح الصين لضمان نفط بعقود طويلة وسوق استهلاكي كبير وبيع للاسلحة الصينية وتوفير سوق عمل للعمالة الصينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى