مقالات

قراءة تحليلية في إحاطة المبعوث الأمريكي الخاص باليمن للكونجرس بقلم/ صالح الجبواني

بقلم/ صالح الجبواني

يعتبر المبعوث الخاص للإدارة الأمريكية إلى اليمن تيموثي ليندركينغ، أحد المختصين بشئون المنطقة وخصوصاً اليمن، وكان يشغل نائب مساعد وزير الخارجية في عهد ترامب، وهو أحد القلائل في الإدارة المطالبين بوقف الحرب في اليمن، وعلى هذه الخلفية أختاره الرئيس بايدن كمبعوث خاص إلى اليمن.

بعد جولات عدة في المنطقة عاد إلى واشنطن ليقدم إحاطته وهي بمثابة خطة عمل في مسعاه لوقف الحرب في اليمن وبدء المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية. ويؤكد ليندركينغ أنه ومن أجل حماية أهداف الأمن القومي طويلة المدى للولايات المتحدة، فأن ذلك يتطلّب:
١- يمن موحد ومستقر.
٢- يمن خال من التدخل الأجنبي.
٣- يمن يسيطر على حدوده ويمارس السيادة على كامل أراضيه.
٤- يساهم في حماية الحقوق والحريات الملاحية في مضيق باب المندب كأمر ضروري للشحن العالمي.
٥- الحد من النفوذ الخبيث لإيران.
٦- دعم اليمن حتى لا يوجد لدولة أجنبية نفوذاً أو سيطرة لا داعي لها.
٧- يجب أن تكون علاقة اليمن بجيرانه علاقة تعاون اقتصادي وإقليمي وليس علاقة تدخل عسكري.
هذه مبادئ أساسية وردت في إحاطة (خطة) ليندركينغ، ولم يربطها بالمصلحة اليمنية ولكن لحماية أهداف الأمن القومي طويلة المدى للولايات المتحدة.

ويرى ليندركينغ أنه ومن أجل تحقيق هذه المتطلبات، فإن مشاركة الحوثيين بشكل هادف في عملية سياسية سلمية مثل أي جماعة أو حركة سياسية أخرى ستوجد لهم دوراً مهماً في حكومة ما بعد الصراع. ودعا الحوثيين إلى إغتنام الفرصة لوقف القتال والجلوس إلى طاولة التفاوض.

ويؤكد ليندركينج أن جوهر الصراع اليمني الداخلي متجذر في المظالم والتوترات الطويلة الأمد، وأن حل هذا النزاع مناط باليمنيين أولاً، ولهذا لابد من حل دائم. مشدداً على أن هناك حاجة إلى مزيداً من العمل لضمان استعداد جميع الأطراف اليمنية، خصوصاً الحوثيين، للتخلي عن أسلحتهم وتقديم التنازلات من أجل السلام.

ورأى أن التهديد الأكبر للجهود التي يقودها لإحلال السلام في اليمن هو الهجوم الحوثي على مأرب.
هذه هي أهم النقاط الرئيسية التي تتعلّق بالجانب السياسي للأزمة اليمنية في هذه الإحاطة، وهو ما يهمنا في هذه المقالة.

ويتضح من هذا العرض النقاط التالية:

١- هذه رؤية أمريكية جديده تجاه الصراع في اليمن، وتقترب إلى حد كبير مع مطالب اليمنيين في يمن موحد ومستقر وخالِ من التدخلات الإقليمية والأجنبية، بحيث يمتلك قراره الوطني وسيادته بشكل كامل.

٢- ضرورة رحيل القوات (الأجنبية)، وهو يقصد القوات السعودية والإماراتية من كامل أراضي اليمن، وهذا مطلب ملحّ لكنه يرتبط بتدشين مرحلة السلام، إذ لا يمكن للسعودية، لإعتبارات أمنها القومي، أن ترحل قبل إحلال سلام حقيقي في ظل دولة لكل اليمنيين، ضامنة للأمن والسلم الإقليمي.

٣- الحد من النفوذ الإيراني، وهذا الهدف بالتأكيد يرتبط اليوم بمدى التقدم في حل الخلاف في الملف النووي الإيراني، لأن الحوثي أداة تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها القومية في المنطقة.

٤- بالإشارة إلى اليمن الموحّد والمستقر، فقد تجاهل ليندركينغ تماماً وجود المليشيا المدعومة إماراتياً ومجلسها الانتقالي، والذي كان للتحالف دوراً في تشريع هذا المجلس عبر إتفاق الرياض، ليصبح أحد اللاعبين في المشهد السياسي اليمني برغم تبنيه سياسية يسعى من خلالها لتفتيت وتشظي اليمن.

٥- من أجل السلام وإنجاح جهود ليندركينغ، فقد أكد على ضرورة وقف الحرب في مأرب، هذه المدينة الإستراتيجية التي تأوي أكثر من مليون نازح. وهذه إشارة مهمة أن تصدر عن الولايات المتحدة وتدحض التقولات الإماراتية وتابعيها في اليمن عن مأرب، وأمنياتهم على مدار الساعة عبر وسائلهم الإعلامية بسقوطها.

أما عن سُبل تحقيق هذه الرؤية الأمريكية فأن ليندركينغ يحتاج إلى جانبه موقفاً سياسياً ضاغطاً من الإدارة الأمريكية على إيران والحوثيين في المقام الأول، ودول التحالف، سيّما الإمارات في المقام الثاني.

وتحتاج الإدارة الأمريكية لتنفيذ هذه الرؤية إلى حليف يمني حقيقي، وستكون الشرعية هي الأقرب للعب هذا الدور، بشرط أن تسترجع قرارها السيادي الذي تخلت عنه للسعودية، وهذا يتطلب إعادة صياغتها وبنائها بالقوى والعناصر الوطنية حتى تكون حليف حقيقي للدفع بتنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى