تقارير وتحليلات

أنصار الله يفرض عملية السلام في اليمن !!

بقلم دكتور / حسن زيد بن عقيل

بعد الغارة الجوية الأمريكية التي أستشهد فيها قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني . و كذا بعد المحاولة الفاشلة الأخرى للولايات المتحدة في إغتيال القائد عبد الرضا شهلاوي . هو حليف صادق لأنصار الله و للمقاومة اليمنية . حسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن المسؤولين الأمريكيين تؤكد أن العملية ضد شهلاوي ما زالت سرية للغاية ، و رفض كثيرون منهم تقديم تفاصيل عنها ، و أكتفوا بالقول : ” لم تكن ناجحة ” . السياسة الخاطئة للولايات المتحدة سوف تعرقل بشكل مباشر أو غير مباشر عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن السيد مارتن غريفث و سوف تخلق له مشاكل متعددة .

مقتل اللواء قاسم سليماني ترك حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط مرتبكين و متوترين ، و بالذات السعودية و الإمارات . ان التنافس السعودي الإيراني من أجل الهيمنة الإقليمية قديم . لكن في الآونة الأخيرة دعمت الولايات المتحدة بشكل مباشر الحرب التي قادتها السعودية في اليمن ضد قوات أنصار الله حلفاء إيران ، إرضاءً للصهيونية .

 من هنا نستطيع ان نقول الأزمة في اليمن أتخذت الآن منعطف آخر . سوف تكون اليمن محوراً في المواجهة بين إيران و الولايات المتحدة و عملائها في الشرق الأوسط . الآن لا يمكن عزل الحرب الأهلية في اليمن عن الصراعات الإقليمية . يعود ذلك إلى السياسة الأمريكية الغربية المتغطرسة في المنطقة . لكن هذا لن يدفعنا لفقدان الأمل في تمكين اليمن من تجنب التصعيد و الوقوع في مستنقع الصراعات الإقليمية . لكن تجنب الوقوع في المستنقع هذا يتطلب من الولايات المتحدة و الجهات الفاعلة الإقليمية و من السيد مارتين غريفيث مشاركة نشطة لابعاد اليمن عنها .

بعد مرور العام الخامس على العدوان السعودي الإماراتي على اليمن ، و فشل المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث . بدأً من لقاء جنيف مرورا باتفاقية ستوكهولم ، إلى اتفاق الرياض . و نؤكد ايضا ان محاولات السيد مارتن غريفيث سوف تكون متعثرة دائما و مهددة بالفشل التام  طالما  المشاريع التي يحملها  لليمن لها  إمتداداتها  المعادية للمصلحة الوطنية اليمنية . أن أنصار الله حققوا انتصارا سياسيا ، إلى جانب ما حققه من انتصارات عسكرية رائعة في نهم و الجوف و الآن في مأرب .

ندرك جيدا ، ان اليمن في الآونة الأخيرة و تحت قيادة أنصار الله اصبحت تحتل موقعا استراتيجيا هاما في جبهة المقاومة و الصمود العربية الإسلامية . بسبب قربها الجغرافي من البيئة الحاضنة للتحالف المعادي للأمة العربية ــ الإسلامية . فالضربة التي استهدفت منشآت شركة أرامكو السعودية تدل على دينامية الترابط بين قوى المقاومة . فهي اولا الضربة جاءت كرد على العدوان السعودي على أرضنا اليمنية ، ثانيا استجابة للدفاع عن حلفاء اليمن في جبهة  المقاومة ، و كتعبير عن  استياء  انصار  الله  من السياسة  الأمريكية  و رفضهم لسياسة ” الضغط الأقصى ” التي شنتها إدارة ترامب ضد الحليف الإستراتيجي إيران ، بتواطؤ مع العدو السعودي . صحيح ان أنصار الله يتلقون الدعم المادي و المشورة و التدريب من إيران ، الا إنهم ليسوا تحت حكم و سيطرت إيران ، الولايات المتحدة و حلفائها يميزون بين القيادة الإيرانية و بين قيادة أنصار الله . في نفس الوقت الولايات المتحدة و حلفائها يعرفون جيدا ان السعودية و الإمارات كانت و لا زالت تتلقى الدعم المادي و المشورة  و التدريب منهم و هم ايضا تحت حكمهم و سيطرتهم المطلقة و كذا يُفرض عليهم دفع أتاوة هائلة من أجل عبوديتهم و إذلالهم .

أن الإستقلالية في إتخاذ القرار السياسي عند أنصار الله هو الذي اعطى الأمل للمبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث أن يصرح ان هناك إحتمالات للتوصل الى تسوية . جاء هذا التصريح بعد ان شعر السيد مارتن غريفيث بأن قيادة أنصار الله قد قررت الخيار السلمي و التعايش و رفض الإملاءات و التدخل في الشأن اليمني . هذا الموقف الإيجابي و المستقل لأنصار الله قد شجع قوى التحالف إلى اتخاذ نهج اللا تصعيدي . أضف إلى ذلك ، و هذا الأهم هو صمود جبهة  المقاومة  و تماسُكها ، هو الذي فرض على الإمارات سحب قواتها و مرتزقتها من اليمن . أيضا فرضت على السعودية التفاوض مع أنصار الله و خفض وتيرة الضربات الجوية السعودية بشكل كبير . و تأمل كل من القيادة السعودية و الإماراتية تجنب مواجهة مباشرة مع حلفاء أنصار الله  من دول محور المقاومة ، خاصة بعد أن أنكشفت سياسات إدارة ترامب الشاذة ، و الغير موثوق بها . يتوقعون الخليجيون من هذه الإدارة ان لا تقدم الدعم اللازم عند وقوع المواجهة . هذه العوامل هي التي ساهمت في عدم التصعيد .

ننصح الاخوة الخليجيين و نقول  لهم هناك عوامل عدة  لدعم و تطوير  العملية  السلمية  في اليمن . لو انسحبت هذه الدول الخليجية من الحلف الأمريكي – الصهيوني ــ الغربي . قول الله تعالى واضح : و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم . و العودة إلى العقل و الحكمة و الاخوة الإسلامية ، و تحكيم  منطق الواقع ، أنتم السعوديون و الإماراتيون تعرفون جيدا أن إدارتي أوباما و ترامب هم الذين خططوا لكم و دعموا التدخل الذي تقوده السعودية ضد اليمن ، و تعلمون ايضا عزة و منعة عرب الجزيرة بعزة و منعة اليمن و إذا ذلت اليمن ذل عرب الجزيرة . اضف الى هذا كما دعموكم ضد اليمن هم ايضا سوف يقضون عليكم ، مثل ما دعموا صدام حسين في العراق وهم الذين ذبحوه في عيد الأضحى . و المثل يقول : جعل العبرة بالخواتيم لئلا يغتر أحد بالعمل .

تذكروا التهديدات الاخيرة للكونغرس برفع مبيعات الأسلحة ، و اعادة النظر في قانون صلاحيات الحرب . تذكروا ضغط وزير الدفاع جيمس ماتيس على السعودية و الإمارات للتفاوض مع انصار الله على تسوية سياسية للحرب تمهيدا لاتفاق ستوكهولم . ألم يتذكر نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان لقائه مع ترامب ، بعد اغتيال سليماني . و لم يُعلن البيت الأبيض عن هذا الإجتماع ، إلا عندما غرد  الأمير خالد بن سلمان . ألم تصاب السعودية بالخوف من خطابات ترامب التي يبدو كأنه يتجنب الحرب مع إيران . صحيح تحليل السيد هنري روما ، المتخصص بإيران في مجموعة أوراسيا ، يقول ” السعوديون في وضع صعب للغاية ، من صنع الأمريكيين بالكامل تقريبا ” .

 الخلاصة :

1 – أناشد السعوديون و الإماراتيون الجلوس على طاولة مستديرة مع اخوتهم من أنصار الله   و حقن الدماء العربية الإسلامية . و التحالف مع الأخ و الجار إيران ، فالرسول (ص) استشار الصحابي الجليل سلمان الفارسي اعتماداً على خبرته في الحرب ، و نتذكر قول الشيخ زايد رحمة الله ” البترول العربي ليس بأغلى من الدَّم العربي ” .

2 ــ على القادة الجنوبيين لا يضعوا انفسهم في مواقف لا تشرف أحد و تخلق للجنوب مزيدا من التعقيد في المستقبل . عليهم تذكر دماء الشهداء الذين ضحوا بانفسهم في سبيل الإستقلال و الحرية . و يشتتون طاقاتهم في امور غير مجدية روج لها اعلام المحتل السعودي الإماراتي و الذي بسببهم اندلعت الحرب المؤلمة في 26 مارس 2015 وهي مستمرة الى اليوم . و كان تدخلهم في الشأن اليمني سببا رئيسيا في تفاقم النزاع بشكل كبير و عرقلتهم حله مبكراً . تجاهل التحالف السعودي و المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث الديناميكيات الأصلية التي أدت إلى اندلاع الحرب الأهلية . حيث بدأت الحرب الأهلية في اليمن حول القضايا المحلية حول الحكم و تقاسم الموارد ، و لن تنتهي الحرب دون حل هذه القضايا الأساسية . الآن قد خلقت حرب الخمس سنوات خليطا من مجموعات الميليشيات المتنافرة و تفتت مؤسسات الحكم المحلي التي سيكون من الصعب جداً ربطها معا في نظام متماسك و فعال . يمكن ان يكون هذا سبباً في استئناف القتال  و يعطي مبرر للجهات الخارجية للتدخل مرة اخرى ، مما يؤدي إلى إستئناف الصراع . لذلك ، من الضروري أن تأخذ هذه القضايا المحلية في الإعتبار في جهود الوساطة للمبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث .

كاتب و محلل سياسي يمني    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى