في دردشة على الواتساب حول «العلمانية كنظام حكم نرنو إليه»، كتب صديقي العلماني «صفوان»: [… العلمانية التي ادعو لها هي فصل العقيدة عن الشريعة الإسلامية واعتبار الشريعة أداة مادية لحكم الدولة و المجتمع… هي دعوة للاحتكام للشريعة بدون فرض وصاية عليها من اي طرف كان!]
فسألته: اخ صفون مسألة «فصل العقيدة عن الشريعة الإسلامية» هذه لم افهمها.. ارجو التوضيح؟ كذلك «الدعوة للإحتكام للشريعة..» لم أفهمها أيضا، «هل تفكر بعلمنة الدين الإسلامي، مثلا»؟
اجاب: [نعم هي العلمانية الإسلامية بحيث يكون التعامل مع الشريعة من زاوية مادية مجردة وترك العقيدة للمسلمين ولا تفرض على غير المسلمين ولكل عقيدة غير العقيدة الإسلامية نفس الثقل و الوزن اي ان تكون الدولة محايدة عقائديا.]
قلت له: اعتقد؛ صعب محاولة علمنة الدين وبالذات الإسلام. الاديان قائمة على معطيات غيبية بحتة. وصعب تطويعها للواقع الدنيوي المادي. يبقى الخيار.. الممارسات الدينية تبقى في كنائسها وجومعها وعالمها الغيبي.. والممارسات القانونية الوضعية وانظمة الحكم تكون في العالم الدنيوي المادي المعاش. لا يتدخل رجال الدين بشئون الحكم الدنيوي، كما لا يتدخل نظام الحكم الدنيوي المادي بشئون الدين الروحية، إلاّ في حال تخطوا إلحالة التعبدية الروحية إلى أفعال مادية تضر بالمجتمع والدولة.
رد: [الأصعب منها سيكون فرض شريعة أخرى غير الشريعة الإسلامية. بحكم ان المجتمع تقريبا مجمع على أن الإسلام هو الحل ولكن اختلفوا في منهجية تطبيق الشريعة الإسلامية من الزاوية العقائدية. فصل العقيدة عن الشريعة سيمكن الناس بالتصرف بموضوعية حول تطبيق الشريعة الإسلامية فهنا تتركها للمتخصيين في القانون بدل تركها لفقهاء الدين. انت تدعو لعلمانية صلبة بينما ادعو انا لعلمانية مرنة تنبع من خصوصية المجتمع العقائدية.
رددت عليه: 1- لا أرى أن هناك إجماع ولا شبه إجماع مجتمعي بأن الإسلام هو الحل، بل على العكس فكثيرا من الناس صاروا شبه ملحدين أو ملحدين تماما بسبب ما رأوا وعانوا من سلوك المطاوعة او ما يسمون بالاسلاميين المتشددنين ومارتكبوه من أعمال تنكيل وقتل جماعي لمسلمين او مسيحيين أو أيزيديين من قبل الجماعات المسلحة «الإسلامية» المتطرفة (داعش، النصرة، القاعدة، انصار الشريعة وحتى السلفين «اللايت» كجماعة هاني بن بريك). 2- وكما قلت لك، صعب فصل العقيدة عن الشريعة، لأن الأخيرة ركيزة أساسية للعقيدة الدينية وبالذات للإسلام. 3- لا أرى أن هناك «علمانية صلبة» واخرى مرنة. العلمانية تعني إبعاد سلطة رجال الدين عن الحكم البشري (الحكم الدنيوي المادي، كما شان أي حكم في أي دولة حتى وإن ادعت انها دولة إسلامية او مسيحية). وعموما، فالعلميانية نظام حكم ندعو إلى تحقيقه لأننا نرى فيه الحل.. ونحن عندما ندعو إليه لا يعني أننا نريد فرضه إجباريا، كما يفرض المطاوعة نظام الحكم المبني على الشريعة الإسلامية. عندما نصل إلى قناعة الكافة بأن «العلمانية هي الحل» ونطبقها، سنتمكن من أن ننهض بلدنا إقتصاديا وصناعيا وتقدما هائلا، وسنوفر المساواة العادلة وصون الحقوق البشرية والأمن والأمان والسلام لكافة افراد مجتمعه وفوق ذلك الرفاه. علما ان كل النظريات والآيديولوجيات السياسية العالمية ترنو لتحقيق ذلك. الصين حققت ازدهارها وتقدمها العلمي والاقتصادي بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، لكن الحزب الشيوعي الصيني كان مرنا ومتفتحا اكثر من الحزب الشيوعي السوفيتي، فقد زاوج بين أفضل ما في الإشتراكية مع أفضل ما في الرأسمالية. نحن في الجنوب اندفعنا وراء التشدد الإشتراكي للسوفيتي، وقتلنا من فكر في أواخر السبعينات أن يتبع التجربة الصينية، ووصمنا بـ«اليساري المنحرف»، وكانت تلك خطيئة كبرى ارتكبناها في يونيو 1978. علما ان المتشددين في الماركسية لدينا، كان معظمهم إنما يتسترون باليسارية الماركسية، وبعضهم في حقيقتهم كانوا لا يزالون عملاء لبريطانيا حتى بعد أن استقر لهم الحكم (ولدي ما يؤكد ما اقول، ليس المجال لذكره).