مقالات

العظمى بريطانيا تنتصر لنفسها… بقلم / حاتـم عثمان الشَّعبي

بقلم / حاتـم عثمان الشَّعبي

من خلال متابعتنا لما يدور بالعالم من المشرق إلى المغرب فإننا نلاحظ أن هناك إختلاف ثقافات ولكل مجتمع ثقافته التي تربى عليها وتعايش معها وتولد هذه الثقافة من خلال حضارة وتاريخ ليكون موروث يخص منطقة ومجموعة من الناس الذي سمي لاحقاً المجتمع .

ونحن كعرب ومسلمين فموروثنا من التاريخ والحضارة والثقافة كان من أفضل هذه المواريث والتي تنوعت بكافة مجالات الحياة والتي رفعت قدرنا وعلت شأننا عبر حقبة زمنية كنّا بها أسياد العالم أجمع .

ولكن عندما تبدأ تتنازل عن قيمك ومبادئك فهنا تبدأ موافقتك على تغيير تاريخك وحضارتك وثقافتك والتي تنتهي بفقدانك كمجتمع لكافة ما كان يميزك في حياتك اليومية من إهتمام وقوة وعزة وكرامة لتصبح هذه الحضارة والتاريخ والثقافة فقط بالكتب التي لا تقرأ وبالدراما التي تبحث عن جلب الأموال وليس لتوصيل رسالة وأعادة مجد .

ولكننا نشاهد الغرب وخاصة العجوز سيدة العالم التي تترنح ولا تسقط وتنحني ولا تمتد لأنها حافظت على ثقافتها وتاريخها وحضارتها وغذته لجيل بعد جيل وإلتزمت بالسير على ذلك الموروث الذي عندما تزور المملكة المتحدة تجد نفسك بأنك لازلت تعيش بقرون مضت وهذا من خلال المباني القديمة التي تحافظ عليها وكذلك أساليب الحياة ولم تسمح بدخول ثقافات على مجتمعها وإلتزمت بأن تهتم بالريف الذي يعد هو أساس هذا الموروث والذي ربطته بأن يكون أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني البريطاني حيث المنتجات الزراعية لديها تعتبر من أفضل وأرقى المنتجات في العالم وتصدر لعدة دول ومنها أوروبا وأمريكا أما منتجات الألبان فهي حكاية مختلفة عن ما هو بالعالم لأن اهتمامهم بتربية المواشي بشكل لا يوصف من ناحية رعايتها وتغذيتها بعشب أخضر طبيعي لأن الأسمدة المستخدمة بزراعته هي طبيعية وهذا العشب يمتد بكافة المراعي التي ترعى به هذه  الثروة الحيوانية لينعكس على جودة ومذاق ألبانها ولحومها ولأنها تعتبر أمن قومي للحكومة البريطانية واهتمامها كذلك بالصناعات المختلفة ومنها السيارات والمصنوعات النسيجية بنوعيها .

ومن خلال متابعتنا للواقع المعاش بخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي من خلال ما سمي بمشروع “بريكست” وتوافق هذا الخروج مع ظهور جائحة COVID-19 وتتطورها إلى 20 الأمر الذي أغلق المدن وأوقف الحياة وشلّ الاقتصاد وعاكس خطط المشروع التي تم إعداد دراستها عند البدء بفكرة البريكست .

وبما أن الدولة العظمى وذات التاريخ والحضارة والثقافة الضاربة جذورها بعمق الأرض تعيش فترة زمنية عصيبة إلا أن إدارتها تعمل بكل جهد وذكاء لتجاوز هذه المرحلة باليل والنهار لفتح أسواق جديدة ومنها روسيا القطب العالمي القوي بتصدير منتجاتها من الألبان وكذلك تشجيع أبنائها على البحث العلمي لخلق تكنولوجيا جديدة لكافة مجالات الحياة لتقلل الفجوة مع التنين الصيني الذي ينطلق بتتطور منظومته الاقتصادية بسرعة الضوء .

لتبقى بريطانيا الدولة العظمى كما عرفت عبر التاريخ وهذه المرة باقتصادها المتوافق مع سياستها السلمية التي تهتم بالإنسان وتكرم المتفوق وتجدد قوانينها وأنظمتها لتحمي ثقافتها وتاريخها وحضارتها لتتزامن مع القرن الجديد قرن الديجتال والتكنولوجيا الحديثة وسنرى المملكة تحرك العالم وهي تجلس على عرش القرن الجديد لتنتصر لنفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى