مقالات

هذا عصر الإنسان بدون فوارق! بقلم| عبدالرحمن بجاش

بقلم| عبدالرحمن بجاش

كان يتكلم بحماس شديد: “لا يمكن أن أقبل بمن يقول لي إنه أفضل مني وأعلى مرتبة، وإذا قال الدين هذا، فأنا لا أريد الدين”.

في الأول والأخير، أنا علاقتي مباشرة مع الخالق، لا أريد أحدًا يتوسط لي ولا يقول لي ماذا أفعل وما لا أفعل، ولا أريد أن تكون نصائحهم أو سلطاتهم محاولة لتدجيني بأنهم أناس درجة أولى والآخرين درجة ثانية وأدنى.

لماذا ركض الناس باتجاه المستقبل؟ وبقينا نحن قاعدين في أماكننا التي ولدنا فيها؟ هل لأن أبا جهل مات وترك لنا الجهل؟! ربما.

لكن ما يبدو حقيقة ناصعة البياض، أن هذا العالم ظل على جهله ويصر على أن يتمسك به ديدن حياة، ويرفض أن يتقدم خطوة واحدة؛ لأن المسجد تحديدًا بيد مَن مصلحتهم في السلطة والثروة تدجينُ الإنسان ببقائه عند نقطة الحلال والحرام، في الوقت نفسه الذي يقولون له فيه، إن الدين المسيحي معضلته وساطة الكنيسة بينه وبين السماء! وإن ديننا لا رهبنة فيه ولا واسطة، فتكتشف يومًا عن يوم أنهم لا يريدون لك أن تدخل جنة الدنيا؛ لأن مصلحتهم تستدعي أن تظل مغيبًا، وعليك أن تبقى عند النقطة صفر.

انظر إلى العملية التعليمية، أصبحت عقيمة بأن همّها تحوَّلَ من اللحاق بالعلم والمستقبل إلى تأليه البشر؛ لكي تبقى عبدًا بامتياز!

وصل الناس إلى الذكاء الاصطناعي عندما حرروا عقل الإنسان من الخرافة، وعلموه في مدارسهم أن العلاقة بينه وبين السماء تخصه وحده فقط، وتخلت الدولة عن الدور الذي كان مرسومًا لها “واسطة بين الأرض والسماء”.

قونَنُوا الحياة وتركوا علاقات الناس ببعضهم، وعلاقتهم بالدولة محكومة بالقانون، وهيمن الدستور على الحياة بضمان حقوق الإنسان من حرية التفكير إلى حرية التدين من عدمه، وأسسوا قواعد حقوقية تضمن له أيضًا ممارسة الحياة من خلال الديمقراطية الحقيقية، وأشاعوا المعلومة للجميع، فصار الإنسان مبدعًا بوصوله إلى ما يريد من وسائل وأدوات، وهكذا قفزوا قفزات كبيرة وطويلة في اتجاه الأفق. وظلت بلدان الجهل كلما تقدمت خطوة، عاد الماضي وأرجعها إلى ما قبل تعلُّمِ الإنسان كيف يخطو.

بتوفير أساس الحياة، وصلوا إلى تحقيق الأمن الإنساني، حيث الإنسان يعيش الأمن والأمان؛ ولذلك تراه يبدع بتطوير قدراته كل لحظة عبر منظومة التعليم التي استطاعوا أن يحوِّلوها، بنضال الإنسان، إلى حق لا يستطيع أن يسلبه منه أحدٌ.

ليس من المعقول أن ترى المواطن الكوني في العالم من حولك وأنت تعاني من تصنيف للإنسان درجات؛ هم نفذوا وأنت قابع هنا.

ما لم تسعَ هذه البلاد إلى صيغةٍ تُساس من خلالها حياةُ الإنسان وتُحرِّر عقله من التبعية، فسيظل حبيس العُقَد الفئوية والطائفية والمذهبية وما يقال إنهم أفضل منكم، وهذا لا يمكن أن يكون.

ليتحرر عقلُ الإنسان. خيوط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى