تقارير وتحليلات

تحالفات ربع الساعة الأخيرة.. تحالفات كروت الشحن!!

بقلم / سامي عطا

يوجد سبعة اشياء تدمر الإنسان : السياسة بلا مبادىء , المتعة بلا ضمير , الثروة بلا عمل , المعرفة بلا قيم , التجارة بلا اخلاق , العلم بلا انسانية , العبادة بلا تضحية”.  “المهاتما غاندي”

هناك شعارات يتم إطلاقها ولا تكون متطابقة مع سلوك وفعل من أطلقها أو لا تحمل تطابقاً واقعياً معها ، هذه الشعارات يطلق عليها منطقياً تخريجات.

وكم تخريجات جرى تسويقها في هذا البلد، قبل وأثناء حرب ٩٤  , وما بعدها تم تأثيم وتجريم الداعيين للإنفصال وأطلق عليهم عصابة ” الردة والإنفصال” جمع بين الفتوى الدينية والفتوى السياسية يعكس طبيعة تحالف طرفي النظام في تلك الحرب الذين شكلوا عصابة ٧/٧، عصابة السبعين ( حراس الجمهورية اليوم) وعصابة الستين ( شرعية الفنادق اليوم) إجتمعوا على تخريجات من قبيل شعار” الله الوطن الثورة” و” الوحدة ” خط أحمر، لا بل تم رفعها إلى مرتبة القدسة.

في حين ظل نضال معظم الجنوبيين يتعاظم ويكبر حتى تأسيس الحراك عام ٢٠٠٧م ويرفضون هذا الوضع ويقفون في مواجهة مع تلك العصابة.

وعندما شب الخلاف والنزاع والإنقسام داخل عصابة ٧/٧ مروراً بثورة ١١ فبراير ٢٠١١م المصادرة ، وحتى سقوط الفرقة والتي تلتها حرب عدوانية رافقها تضليل اعلامي تمكن التحالف من استدراج بعض الجنوبيين للإنخراط في أتون الحرب الذي يعني تحالفهم مع طرف في تلك العصابة التي كانت سبباً في مظلوميتهم. ربما حصلوا على وعود شفهية باستعادة دولة الجنوب , وكان التحالف يعاني حينها من نقص عددي في القوى البشرية، ولذا وجد في استغلال المظلومية والعزف عليها وسيلة لهذا الاستدراج. لقد أراد التحالف من هذه الخديعة أن يستخدمهم كوقود حرب بسبب حاجته إلى حشد مقاتلين، أي بندقية للأيجار، ولسان حال التحالف ” اليوم حرب وغداً أمر “.

ونسي المخدوعون أن جلادهم “طرفي عصابة ٧/٧” في حالة إنقسام منذ ماقبل الحرب – أعادت المبادرة الخليجية إنتاجه – مع ذلك أراد طرف أن يصفي حسابه مع الطرف الآخر والثأر والانتقام لذاته وكبريائه، ولذلك أعتقد أن تحالفه مع الأنصار كان وسيلة لتحقيق أمانيه، وفي المقابل ذهب الطرف الآخر لاحقاً إلى استخدام الحراك والمظلومية الجنوبية أداة لحربه مع خصمه.

بيد أن الأنصار لم يتركوا لحليفهم المفترض أية فرصة لأن يجعلهم أدواتاً في يده، بل أخذوا زمام المبادرة في تصدر المشهد، وقادوا دفة المعركة بكل إقتدار ، وقطعوا الطريق على شريكهم المفترض اللعوب ، وتحملوا كل أشكال مكائده والاعيبه وخياناته، وعليه أنتهى به الأمر إلى مصيره المحتوم، وبعد أحداث ٢-٤ ديسمبر ٢٠١٧ م  فر بعض قادته إلى مكانهم الطبيعي وصاروا أدوات للإمارات ، وأسسوا ما بات يعرف بقوات “حراس الجمهورية” ومعظم أفراد هذه القوات في الأساس أتباع للرئيس الراحل على الرغم من حالة خصومة هذا الطرف مع الحراك الجنوبي المتبادلة . إذ كان الحراك الجنوبي في مظاهراته واحتجاجاته منذ نشأته يرفع شعارات – على الرغم أنها شعارات مقززة – من قبيل ” لا سنحاني بعد اليوم” و” لا زيدي بعد اليوم” و” يا زيود يا جعود علي سالم بايعود” وغيرها من الشعارات التافهة والمقززة.

السؤال هنا : مع الأخبار المتواترة اليوم عن دعم قائد قوات حراس الجمهورية ضد شرعية عبدربه  ما الذي استجد حتى تتغير العلاقة بين الطرفين من حالة عداء إلى حالة انسجام ووفاق ؟! والعداوة تتحول إلى تحالف ، لا أعتقد أن حراس الجمهورية أقتنعوا أخيراً بالإنفصال ويكفرون عن ذنوبهم ولا أظن أن الانتقالي أقتنع بالوحدة ليتحالف مع من ظل يكرر الوحدة خط أحمر ويقدم نفسه مدافعاً عن “الوحدة” المقدسة ويصف خصومه بالإنفصاليين؟ ، وكيف يمكن أن يفسَّر هذا التحالف ؟

ولا يمكن تفسير الصراع الناشب في الجنوب حاليا إلاّ بكونه صراع ممتد بين شقي نظام عصابة ٧/٧ بدأ إثر حرب ١٩٩٤م ومستمر حتى الٱن ، ولذا لا ” حراس الجمهورية” صادقون في تحالفهم مع الانتقالي بالنظر إلى تحالفاتهم دائمة التقلب، ومثلما نكثوا بتحالفاتهم السابقة منذ إبرام عقد الوحدة عام ١٩٩٠م حتى اليوم، ولا أعتقد أن تحالفهم مع الانتقالي سيكون خارج سياق الغدر في تحالفاتهم، فمن غدر بالاشتراكي ومن ثم الإصلاح ومن ثم الأنصار ، بالتأكيد سيغدر بالانتقالي فلقد درج هؤلاء على تحالفات الكروت كما صرح زعيمهم ذات يوم بتفسيره تحالفه مع حزب الإصلاح قبل الانتخابات الرئاسية عام ٢٠٠٦م .

ولذا أعتقد أن توزُّع القوى الداخلية المتناحرة بين دول تحالف العدوان  ليسوقها من جهة إلى التناحر والإحتراب بين بعضها البعض ومن جهة أخرى إلى عقد تحالفات زائفة تخلو من أي إلتزام اخلاقي ببنوده. لأنها ليست تحالفات إنما اتفاقات مخاتلة ومداهنة يلحقها غدر وتنصل. هكذا درجت القوى السياسية في هذا البلد ولن يحيد ما يحدث في الجنوب بين الفرقاء، لأنها ثقافة درجوا عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى