مقالات

ناشئو اليمن نافذة للسلام.. الحل المستحيل قد يبدو ممكنًا هذه المرة بقلم| بشير سنان

بقلم| بشير سنان

اقتربت الحرب في اليمن من دخول عامها السابع ولا أفق يلوح قريبًا لتسويةٍ، أيًّا كان مصدرها، تنهي مأساة إنسانية هي الأكبر في العالم، وفق تصنيفات الأمم المتحدة؛ ما يهدد حياة الملايين بالموت جوعًا.

سيناريو مجهول ينتظره اليمنيون، وملامحه تشير إلى تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة وفق ما هو على الأرض، بعد سنوات من تلاحم شطري اليمن (شمالًا، وجنوبًا) في العام 1990.

ومع تلاشي فرص السلام المفترضة (داخليًّا) أو (خارجيًّا)، جاء فوز منتخبنا الوطني للناشئين ببطولة غرب آسيا ليحيي بعضًا من تلك الآمال من خلال الفرحة الكبيرة التي عمت أرجاء البلاد بتتويج استثنائي من أراضي الجارة العربية السعودية.

مشاعر ممزوجة بالفرحة عاشها اليمنيون، ليس بالفوز فحسب، بل بالاحتفالات الصاخبة التي عمت عموم المحافظات اليمنية وهتف فيها الجميع “بالروح بالدم.. نفديك يا يمن”، وغيرها من الهتافات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي.

ذابت كل الشعارات الحزبية والفئوية والسياسية في مزيج وحدوي لم نشهده منذ سنوات طوال، بفعل التداعيات السياسية على الأرض التي أحدثت جروحًا غائرة تسبب بها الجميع دون تحميل جهة معينة مسؤولية تلك الجروح.

اليوم ومع نافذة الأمل التي جاءت عبر بوابة الرياضة، وكرة القدم على وجه التحديد، بات على رعاة السلام في اليمن تسليط الضوء على ذلك الشعاع الذي انتظره اليمنيون منذ أمد طويل، والعمل جديًّا على الاستفادة مما تحقق بفعل جلدة مدورة تقاذفتها أقدام اللاعبين لصنع تلك الفرحة.

لست مبالغًا في حديثي، ولن أرفع سقف الطموحات والآمال تجاه ما حدث، بيد أن الشواهد التي أفرزها تتويج ناشئينا بأول لقب في تاريخ اليمن، تستحق الوقوف عندها بجدية، والنظر في إمكانية البحث عن الحل المستحيل للسلام، وإنهاء الحرب من خلال تطبيع الأوضاع الرياضية في البلاد.

قد يقول قائل: “وكيف لكرة القدم والرياضة أن تأتي بما عجزت عنه عقول السياسيين خلال كل تلك السنوات؟”، والجواب بكل بساطة، يكمن في رصد ردود الفعل التي أعقبت التتويج من كافة المكونات السياسية، وقبل ذلك ردود الفعل المجتمعية.

طوفان بَشَريّ عمّ ربوع البلاد دون تنسيق مسبق من أقصى الوطن إلى أقصاه، عكَس حقيقة الأثر الكبير الذي تركته الحرب في نفوس اليمنيين، وأكّد بما لا يدع مجالًا للشك أن واحدية الأرض والإنسان ما زالت تخطب ودّ اليمنيين متى ما أرادوا ذلك.

كقائد عسكري شجاع، دعا اللاعبون كافة شرائح المجتمع لنسيان أثر سنواتٍ طوال من الحرب، والاحتفال بما حققته أقدامهم، فكانت الاستجابة سريعة ومدهشة، لفتت حتى أنظار المجتمع الدولي لما حدث في تلك الليلة.

مجددًا يمكننا القول إن الحل المستحيل قد يبدو ممكنًا هذه المرة من خلال تحييد الرياضة عن السياسية، وإعادة المنافسات الرياضية داخل البلاد، والدوري العام لكرة القدم على وجه الخصوص، ودعم المنتخبات الوطنية.

ومن نافل القول الإشارة إلى أن دوري الكرة (المُعلب) الذي عاد مؤخرًا بعد توقف جاوز الست سنوات في أقصى البلاد، وتحديدًا محافظتي (سيئون وشبوة)، لا يفي بالغرض المرجو والمنتظر بتطبيع الأوضاع الرياضية.

يحتاج اليمنيون اليوم إلى قرار شجاع من وزارتي الرياضة، شمالًا وجنوبًا، بتحييد المنافسات الرياضية، والسماح لكل لاعبي الوطن دون استثناء، بالمشاركة في المسابقات المختلفة التي ستعيد الجماهير إلى المدرجات تدريجيًّا لتشجيع أنديتها ومنتخباتها، والبناء على ذلك الزخم الكبير الذي ستصنعه المنافسات.

جرّبنا كل الحلول السياسية والعسكرية الممكنة، فلماذا لا تكون الرياضة خيارًا جديًّا لصنع سلام مستدام أو التمهيد لذلك الأمل الذي ينتظره كافة اليمنيين دون استثناء. بحسب خيوط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى