الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

لماذا ألقت السعودية بكل ثقلها لوقف التحقيق في انتهاكات حرب اليمن؟

حيروت – صحافة عالمية

نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مصادر مطلعة قولها إن السعودية استخدمت “حوافز وتهديدات” ضمن حملة ضغط أطلقتها لوقف تحقيق أممي في انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان.

وفي تقرير نُشر الأربعاء 1 كانون الأول/ ديسمبر، ذكرت الصحيفة أن تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ضد تمديد التحقيق المستقل في جرائم الحرب باليمن، كان نتاج نجاح المساعي السعودية.

واعتبرت أن نتيجة التصويت بمثابة “الهزيمة الأولى” لإجراء من هذا النوع في المنظمة الحقوقية الدولية التي تأسست في جنيف قبل 15 عاماً.

ووصف مسؤولون سياسيون ومصادر دبلوماسية وناشطون لديهم معرفة وثيقة بجهود الضغط السعودية الحملة السرية التي أثّر فيها السعوديون على مسؤولي بعض الدول لضمان وقف التحقيق.

ورقة الحج وسلاح المعونات
تشير مصادر الغارديان إلى أن وسائل الرياض في هذه الحملة تعددت بين الترغيب والترهيب. وهي تزعم أن المملكة حذّرت إندونيسيا – أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان – من أنها ستضع عقبات أمام سفر المواطنين الإندونيسيين إلى مكة لأداء الحج والعمرة إذا لم تصوّت ضد القرار في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

لكن في حالة أخرى لجأ المسؤولون السعوديون إلى سلاح المعونات إذ أعلنت دولة توغو الأفريقية في وقت متزامن مع التصويت على القرار أنها ستفتتح سفارة جديدة في الرياض، وأنها ستتلقى من المملكة دعماً مالياً لأنشطتها من أجل مكافحة الإرهاب.

وبينما امتنعت إندونيسيا وتوغو عن التصويت على القرار الخاص باليمن عام 2020، صوتت كلتاهما ضد استمرار التحقيق هذا العام. ورُفض تمديد التحقيق بأغلبية قليلة (21 ضد مقابل 18 مع)، فيما امتنعت سبع دول عن التصويت.

ودأب المجلس على التصويت سنوياً لتجديد قرار التحقيق الذي صدر لأول مرة عام 2017. وفي العام الماضي، صدر القرار بأغلبية 22 صوتاً مقابل 12، مع امتناع 12 عضواً عن التصويت.

والسعودية ليست عضواً يحق له التصويت في مجلس حقوق الإنسان.

وعلّق أحد المسؤولين على نتيجة التصويت هذا العام بقوله: “هذا النوع من التحوّل في المواقف (من حيث عدد دول الرفض والامتناع عن التصويت) لا يحدث من تلقاء نفسه”.

ولم ترد سفارتا إندونيسيا والسعودية في واشنطن أو وزارة الخارجية في توغو على طلب الغارديان للتعليق.

“مهزلة”
في الإطار نفسه، قال جون فيشر، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية في جنيف، إن التصويت “كان صعباً للغاية”، مضيفاً أنهم يعرفون أن السعودية وحلفاءها “كانوا يعملون على مستوى عالٍ لإقناع الدول من خلال مزيج من التهديدات والحوافز لدعم مساعيهم بغية إنهاء ولاية آلية المراقبة الدولية هذه”.

واعتبر فيشر فقدان التفويض “ضربة كبيرة لجهود المساءلة في اليمن ولصدقية مجلس حقوق الإنسان”، مضيفاً أن “هزيمة القرار من قبل أحد أطراف النزاع دون أي سبب سوى التهرب من التدقيق في الجرائم الدولية، تعد مهزلة”.

وألمح مصدر آخر مطلع إلى أن السبب وراء المساعي السعودية لوقف تقارير الخبراء الأممين حول اليمن، والتي تعرف اختصاراً بـ”GEE”، هو أن المملكة أصبحت أكثر جرأة في “إدانة” أطراف الصراع بمرور الوقت.

والعام الماضي، أوصى فريق الخبراء البارزين لأول مرة بأن يركز المجتمع الدولي اهتمامه على “المساءلة” عن جرائم الحرب المحتملة في اليمن. وضمّن تقريره الختامي خمس توصيات، من بينها إحالة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القضية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وردّ مصدر على ذلك بالقول: “أعتقد أن تلك كانت نقطة البداية (للتفكير في وقف التحقيق) إذ أدرك التحالف السعودي أن المطالب ذهبت بعيداً جداً”.

ولفتت الغارديان إلى أن الدول التي تدعم استمرار التحقيق، وأبرزها هولندا، فوجئت بالجهود السعودية لوقفه، وهي التي كانت تخطط لتمديد التفويض عامين بدلاً من عام واحد.

وأوضحت مصادر الصحيفة أن “أجراس الإنذار” لمؤيدي التحقيق بدأت تدق قبل نحو أسبوع من التصويت، إذ أدركوا أن الحملة السعودية “مختلفة تماماً عن السنوات السابقة”، جزئياً بسبب انخراط السعودية مع صانعي السياسات في كل بلد على حدة، في إشارة إلى إجادة السعوديين التعامل مع كل بلد بوسيلة الضغط التي تناسبه.

وشرح أحد المصادر: “يمكنك أن ترى التحول الكامل في المواقف. كان ذلك بمثابة صدمة”. عادة، تكون قرارات الدول معروفة قبل أيام من التصويت. لكن في التصويت على تحقيق اليمن، رفضت الدول التي يحق لها التصويت إعلان موقفها النهائي، وهو ما اعتبره المؤيدون لتمديد التحقيق علامة مقلقة على تعرض البعض لضغوط شديدة. لكنهم مضوا قدماً في التصويت.

وقال أحد المطلعين على الأمر للغارديان: “فوز السعوديين في هذه المعركة على حساب الشعب اليمني أمر مروع. لقد صدم الجميع حقاً. يجب أن تكون هناك مراجعة لأعضاء المجلس الذين لا يستطيعون تحمل الضغوط”.

يُشار إلى أن أعضاء مجلس حقوق الإنسان الذين يحق لهم التصويت يخدمون لمدة ثلاث سنوات. والبلدان التي غيّرت موقفها من تمديد تحقيق اليمن بين عامي 2020 و2021، هي إندونيسيا وبنغلاديش والسنغال وتوغو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى