مواجهات كريتر الدامية | الرياض تدخل على الخط المعاكس لعلاقتها مع أبوظبي.. هل انتهت شعرة معاوية بين الحليفين في اليمن؟
حيروت – خاص
على مدى الأشهر القليلة الماضية، شهدت مدينة عدن مواجهات مسلحة بين فصائل تابعة للانتقالي في بئر أحمد، ودار سعد، ومنطقة الحسوة، فيما تمّ رصْد مواجهات مماثلة بين فصائل الانتقالي في الشيخ عثمان، والبريقة، والمعلا، وخور مكسر، ومؤخراً في كريتر.
واندلعت الاشتباكات المسلحة في كريتر على خلفية اقتحام قوات إمام النوبي مركز شرطة كريتر لتحرير سجين شارك في المظاهرات التي شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية.
وقال أسامة الروحاني نائب المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية إن الاشتباكات في عدن بمثابة دورة متجددة من العنف، وقد تكررت نتيجة عدم وجود الدولة ومؤسساتها.
اتفق معه الباحث السياسي، لقاء مكي، الذي أعتبر أن الاشتباكات الأخيرة في عدن واحدة من تداعيات ما أسماها “اللادولة” في اليمن؛ فالحكومة مُنعت مرارا من العودة إلى عدن قبل أن يعود رئيسها مؤخرا، إضافة إلى الانتهاكات التي طالت اتفاق الرياض.
ومن الملاحظ أن واقع الصراعات البينيّة في أوساط الانتقالي أخذت طابعاً تصاعدياً منذ إعلان أبو ظبي الانسحاب من اليمن، وتسليم الرياض قيادة التحالف في عدن في تشرين الأوّل عام 2019.
وتظهر محاولة السعودية في إخضاع قوات الانتقالي لقيادتها بحكم أنها القائد العسكري للقوات المشتركة في اليمن، لكنها فوجئت أن جزء كبير من تلك القوات لا تزال تدين بالولاء للإمارات.
وبحسب رأي مكي، فإن توجيهات الإمارات ربما لم تعد تُسمع بشكل واضح.
من جهته، وصف الانتقالي، الاقتتال البيني الذي حدث في كريتر بين فصائله، بأنه مؤامرة قادها إمام النوبي، دون الإشارة بصورة مباشرة إلى السعودية، لكنه ألمح ضمنياً في الاجتماع الذي رأسه عيدروس الزبيدي، أن أحداث كريتر جاءت ضمن مُخطط سياسي لعكس صورة مغلوطة عن حقيقة الأوضاع الأمنية في عدن، لتبرير رفض عدد كبير من الوزراء العودة إلى عدن لممارسة أعمالهم في إطار حكومة المناصفة.
ويرجّح العديد من المراقبين أن الرياض عندما عجزت عن السيطرة بصورة كاملة على قوات الانتقالي بعد انسحب الإمارات؛ لجأت إلى تفكيك تلك القوات تدريجيا من الداخل، مستدلين بأن الرياض عمدت إلى تفكيك ألوية العمالقة السلفية الموالية لأبو ظبي، والتي تتكوّن من 13 لواءً عسكرياً، ويفوق عدد منتسبيها الـ26 ألف مقاتل، معظمهم من أبناء المحافظات الجنوبية، فيما ينحدر معظم قادتها من مديريات يافع.
وخلال العامين الماضيين، تمكّنت السعودية من تفكيك عدد من ألوية العمالقة وإضعافها من الداخل، لينشق عن الإمارات اللواء الثاني بقيادة حمدي شكري، واللواء الثالث بعد استقالة قائدة السابق عبد الرحمن اللحجي. كما انشقت ألوية المقاومة التهامية، لتصبح ضمنياً موالية للرياض وحكومة الرئيس هادي.
وعلى هذا المنوال، ساد العزف السعودي على التوتر المناطقي بين قوات الانتقالي سيّما في الضالع وردفان، حيث اندلعت في الخامس من الشهر الماضي، مواجهات عنيفة بين قوات الحزام الأمني بقيادة أبو علي، وقوات الأمن في الضالع التابعة لفصيل المقاومة الجنوبية، واتسعت إلى أحياء المدينة.
وفي مايو الماضي، دارت مواجهات مناطقية بين عناصر ينحدرون من يافع، وآخرون من الضالع في معسكر الجليلة التابع للانتقالي في محافظة الضالع، على خلفية إشكالات بين تيار الضالع في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، والجناح العسكري للمجلس الذي تقوده قيادات تنحدر من مديريات يافع.
اللافت في الأمر هو أن قوات الانتقالي التي أضحت اليوم عرضة للاختراق السعودي، فشلت في بناء حاضنة شعبية في المناطق التي تسيطر عليها في لحج وأبين وعدن والضالع، إذ تعيش بين قبائل الصبيحة وردفان ويافع حالة صراع عسكري مستمر، وهو ما سهل عملية اختراقها من الداخل من قِبَل السعودية.
وكانت قيادات ميدانية في المجلس الانتقالي قد اتّهمت الرياض بالوقوف وراء مواجهات كريتر في اليومين الماضيين، مشيرةً إلى أن “المخطَّط السعودي يهدف إلى إخلاء عدن لمصلحة قوات الإصلاح”.
ويقول مراقبون في عدن إن “السعودية وقفت وراء الاقتتال الأخير في المدينة بعدما طالبت الانتقالي بتنفيذ اتفاق الرياض الذي يُلزم المجلس بإخراج كافة الميليشيات المسلّحة من عدن إلى خارجها، وتسليمها لجهات أمنية موالية للسعودية”.
ومؤخراً، قادت وساطة إلى اتفاق قضى بوقف المواجهات البينية التي اندلعت بين قوات الانتقالي في كريتر بمدينة عدن.
وكشفت مصادر أن الاتفاق نص على إخراج النوبي من منطقة كريتر بعدن، ودخول قوات المجلس الانتقالي، وسط غموض بشأن المكان الذي نُقل إليه النوبي، إلا أن معلومات مسربة لـ”حيروت الإخباري” تفيد بأن النوبي في مقر التحالف في البريقة، وهذا ما يؤكد دخول الرياض على الخط المعاكس لعلاقتها مع أبو ظبي، وضلوعها في هذه المواجهات الدامية، .