الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

هل يتذكر “التحالف” ما فعله بعقان لحج؟

لحج – عبدالرب الفتاحي

تعطلت حركة المسافريين في لحج هذا العام، بشكل أوسع، وذلك بسبب التدفق الكبير للسيول في سائلة عقان، التي تعتبر نقطة التقاء مجرى سيل وادي تبن مع وادي ورزان. هذا ما أعاق حركة المواطنين لعدة أيام، وتسبب في ازدحام غير مسبوق للسيارات والمسافرين على ضفتي السائلة، دون القدرة في العبور.

يعود هذا في الأساس إلى انهيار جسر عقان بالكامل، بعد تدميره بغارات جوية لطيران التحالف العربي، في أبريل 2015. وكان الجسر يقدم عبورًا بريًا سهلًا للآلاف من السكان في مديريات شمال لحج، بالإضافة للملايين من السكان في محافظة تعز، كونه يقع في الطريق الرئيسي الذي يربط تعز بعدن عبر محافظة لحج.

عقان يأتي ضمن 117 جسرًا تعرضت لحوالي 131 من الهجمات الجوية بالطيران الحربي للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، ما بين عامي 2015 و2019، حسب تقرير موثق عن استهداف الجسور لأرشيف اليمن نشر في أكتوبر 2020.

يصف صالح عبدالله القباطي، مواطن من مديرية القبيطة في لحج، للمشاهد، ظروفهم بأنها تكون أكثر صعوبة، مع تزايد المياه التي تكون قوية وكثيفة، بحيث إن العبور من السائلة يعد مخاطرة.

ويجد القباطي العديد من الصعوبات في تأخره المستمر عن قريته، في جبال القبيطة، فهذا العام تميز بتزايد تدفق المياه وزيادة منسوبها في سائلة عقان، التي تعتبر الممر الوحيد لهم، بعد أن تم تدمير جسر عقان في إحدى الغارات قبل 6 سنوات.

ويقول القباطي: “عبور الناس في هذا المكان في فصل الصيف، يتحول ليكون كابوسًا، بخاصة بعد تدمير جسر عقان الذي كان مهمًا لنا حيث الحركة فيه كانت مستمرة وآمنة، والناس كانوا يتحركون بكل سهولة، ولم يكن هناك خوف كالذي نعيشه الآن”.

ويضيف أن التدمير الذي أصاب جسر عقان بعد استهدافه، وضع تنقلات الناس لتكون مهددة وخطيرة، وهناك ضحايا وخسائر متزايدة يتكابدها المواطنون.

ويشير إلى أن السيول الكبيرة أغرقت مواطنين في نفس المكان، وجرفت العديد من السيارات، وأتلفت البضائع، وهناك خسائر مستمرة كل عام جراء اعتماد الناس على هذا الممر الخطير.

أرواح مهددة

السائق محمد عبده، من سكان مدينة كرش، شمال لحج، يقوم بنقل المواطنين والبضائع أكثر من مرة في اليوم، تحدث عن تعقيدات السفر والاعتماد على طريق يمرون عبره، بينما هو ليس آمنًا، وفيه مخاطر كثيرة، تترافق مع وجود السيول ذات الكثافة الهائلة، والتي زادت هذا العام مع الأمطار التي شهدتها المناطق الشمالية.

ويحدد عبده الخطورة في الزيادة المفاجئة في المياه، ومجيء سيول بشكل أسرع، وبفترات قصيرة، وهذا يفقد الناس حياتهم، لأن ذلك لا يمنحهم أي خيار للنجاة، بخاصة إذا كانوا في السائلة.

ويقول: “جسر عقان هو الذي كان يمنع عن الناس مثل هذه السيول، وإنقاذ حياة الكثير بوجوده، لكن مع تدميره وعدم إعادة بنائه، فإن ذلك فرض على الناس الاعتماد على هذا الطريق، الذي أصبح الوحيد والخطير بنفس الوقت”.

أكبر الجسور
يرى المهندس علي غالب صالح، الذي شغل منصب مدير عام الطرقات في محافظة لحج، ما بين 1979 و2000، أن استهدف الجسر في إحدى غارات التحالف مع بداية الحرب، لم يكن خيارًا سليمًا ومنطفيًا، وتسبب بضرر كبير بمصالح الناس وتنقلاتهم، وأن الصواريخ الثلاثة أدت لضرب مركز الثقل والتوازن في الجسر، وأن الآثار والأضرار كانت كبيرة ومكلفة.

وتحدث مدير الطرقات السابق، والذي أنشئ الجسر تحت إشرافه، عن أن هذا الجسر هو الأكبر على مستوى اليمن، وبني في مطلع الثمانينيات، من خلال الإعداد لخطة شملت بناء 6 جسور في نفس الفترة، وذلك لمواجهة ظروف المنطقة الصعبة والوعرة، وكان جسر عقان من ضمنها.

وحدد المهندس صالح طول الجسر بأنه يصل إلى 180 مترًا وعرضه 10 أمتار غير جوانب الرصيف في الجهتين، ويقوم هذا الجسر على 4 أعمدة؛ عمودين على كل جهة، ويرتبط الجسر على 4 قواعد رئيسية وقاعدتثن إضافيتين للحماية.

وكشف أن الحديد الذي وضع في بنائه تم استيراده من السعودية، وتم الاعتماد على خبراء أجانب في التخطيط له وتنفيده، إلى جانب مهندسين يمنيين، وأشرفت عليه وزارة الإنشاءات وقتها، وتم وضع خلطة محددة لبناء الجسر والأعمدة من خلال خلط الكري والنيس والأسمنت، ولم يتم استخدام الماء، وتم استبداله بمادة لاصقة تم استيرادها من الأردن.

استهداف الجسر في حرب 94

وقال: “في 1994 تعرض الجسر لبعض الأضرار بعد وضع عبوتين ناسفتين على أعمدته، وتم وضع خطة لإعادة ترميم الأعمدة بـ30 مليون دولار، وتم تكليف شركة صينية بالصيانة بخطة أعدت من قبل الهيئة العامة للطرق والجسور، وتم استدعائي للاطلاع على هذا المقترح، واعترضت على المبلغ الكبير، ووضحت للمهندس على حسين الكرشمي أننا قادرون على ترميمه، وبالفعل نجحنا في ذلك، بخاصة مع احتفاظنا بالتصميمات وكل ما يرتبط به”.

وأضاف أن الجسر في تلك الفترة ظل متاحًا لحركة السيارات عليه، رغم الأضرار التي لحقت به، وكذلك أثناء ترميمه.

وأكد صالح في حديثه: “مثل هذا الجسر في كل الفترات، ممر آمن للمسافرين وحركتهم، وهو خط دولي، ولديه القدرة لتحمل أكثر من 100 طن”.

واعتبر أن إعادة بناء ما دمرته الغارات للجسر، هو الخيار الأنسب، إذ كانت الغارات مركزة، وتسببت بسقوط جزء كبير من الجسر، كما ألحقت أضرارًا بقواعده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى