الإنسان بطبعه فاسد (للأسف) لولا القانون والدين !! بقلم / نصر صالح
بقلم/ نصر صالح
أقرأ كثيرا في وسائل التواصل، كلام منسوب إلى المتخصصين في علم الاجتماع حول الفساد واللصوصية، من مثل:
«أنك (1) إذا كنت في فندق أو مطعم، ووضعت كمية من السكر أو الحليب في الشاي أكثر مما تفعل في منزلك، فإن لديك استعدادا للفساد. و(2) إذا كنت تستخدم المزيد من المناديل الورقية او الصابون او العطور في المطعم أو المكان العام أكثر مما تفعل في المنزل، فإنه إذا أتيحت لك الفرصة للإختلاس فسوف تختلس. و(3) إذا كنت تقدم لنفسك المزيد من الطعام الذي يمكنك التهامه في الأفراح والبوفيهات المفتوحة لمجرد أن شخصًا آخر سيسدد الفاتورة، فهذا دليل على أنه لو اتيحت لك فرصة أكل المال العام فستفعل. أو (4) إذا اعتبرت ان ما تلتقطه من الشارع من مال وغيره هو حقك، فلديك بوادر لصوصية».
والكثير من هذا القبيل..
والواقع، كما أظنه، لا بل كما هو في الواقع.. فالأمر أراه مختلفا تماما.
فلو سلمنا بهذا المنطق، فكل الناس عندهم استعداد ليكونوا فاسدين وليكونوا لصوصا. وأعتقد – بل وهذا هو الواقع للأسف الشديد – أن الإنسان بطبعه فاسد وسارق ومتوحش ومجرم أيضا.
.. وكل ما في الأمر أن الدين يهذب غرائزه وطباعه، والقوانين تردعه، والشرطة تمنعه.
وإلاّ لماذا يقوم الناس بسرقة مؤسسات البلد ويسطون على حقوق العامة، لاسيما العامة الضعفاء، عندما تسقط مدينة أو قرية لأحد في الحرب ويختفي أفراد جيشها وشرطتها الأصليين؟
حصل ذلك أمام عيني – في عدن المدينة – مثلا – عدة مرات.. حصل بعد مجزرة 13 يناير 1986م نهب وسطو وإجرام مخيف. كذلك، حصل في 7 يوليو 1994م نهب وسطو وإجرام مخيف أيضا. كما حصل في 14 يوليو 2015م نفس الشيء.. كل أحداث النهب والسرقة والسطو والأعمال غير القانونية تلك حدثت أمام عيني.. رأيت الناس كيف يتحولون إلى لصوص وإلى أشرار متوحشين فجأة، ولعدة أيام، قبل أن يعاد النظام وقبل أن تعيد أقسام الشرطة ترتيب أفراد قواتها، وقبل أن يوفر المنتصر قوات شرطة وأمن جديدة..
في أمريكا (الولايات المتحدة الأمريكية)، يا ويل لو انطفأت الكهرباء ساعة واحدة فقط، واختفت خلالها أيضا الشرطة بسبب انشغالها في أي كارثة طبيعة مفاجئة، فإنه يتم نهب المحلات والبقالات، وتحدث أعمال عنف واغتصاب فضيعة.
فإذن سلطة القانون ومعها قوات الأمن هي من تحمي الناس من شرور بعضهم.. ومن السرقة ومن الفساد ومن كل الأخطار.. حتى الدين لا ينفع – أحيانا – لا سيما في حالات الفوضى التي تحدث بعد الكوارث البشرية، ويطلع مفتي المنتصر ليجيز نهب وسبي من يعده عدوا..
سلطة القانون وهيبة الدولة هي ما تمنع الفساد والسرقة والتعدي على حقوق الآخرين.
لكن لا بد من قانون رادع، ولا بد من دولة مهابة.
أتذكر في زمن بريطانيا، كان الموظف إذا اختلس خمسين شلن، يتم طرده من الوظيفة ولا يتوظف بعد ذلك أبدا..
وأتذكر في زمن الاشتراكي، تم اعتقال «الرفيق» سلطان الدوش، ولمّا سألت زملائي: لماذا يعتقل هذا الزعيم النقابي المدافع عن حقوق العمال والنقابيين، اتدرون ماذا كان الجواب؟ «اسكت يا أهبل الدوش كان يخزن ويسكر الخميس والجمعة بـ (خمسمائة شلن)، من فين له 500 شلن كل اسبوع؟».. نعم 500 شلن «يلبعها» المسئول كان يسجن بعدها في زمن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية..
أنا لست متحيزا للنظام البريطاني أو النظام الاشتراكي.
لكن ما يحدث اليوم، غلط × غلط. غلط أن ُيقال للموظف الذي يختلس 500 مليون ريال «شاطر ورجال».. وتتم ترقيته أحيانا.
لماذا لا يُطرد ويُحرم من التوظيف مجددا الموظف إذا «اختلس» 50 شلن، أو يُسجن إذا «لبَع» 500 شلن.
#
535ك