الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

غريفيث ينقلب على الحوثيين… تراجع عن اتفاقه معهم بعد مغادرته لصنعاء!

حيروت – صنعاء

تراجعت الأمم المتحدة عن الاتفاق الذي أبرمته مع حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين، بخصوص صيانة السفينة العائمة، «صافر»، على رغم الخطر البيئي الذي تمثِّله على البحر الأحمر والدول المحاذية له، وتزايد مؤشرات انفجارها في ظلّ ارتفاع درجات الحرارة وبدء تسرُّب المياه إلى داخلها. د
وفي حين تتحجّج المنظمة الدولية بنفاد النفقات التشغيلية لإجراء أعمال الصيانة، تشير المعطيات إلى رهانها جنباً إلى جنب التحالف السعودي – الإماراتي، على «صافر» كورقة ضغط على حكومة الحوثيين.

من جانبها، أسقطت حكومة الإنقاذ الحجج التي يسوقها التحالف السعودي – الإماراتي بخصوص السفينة «صافر» العائمة قبالة سواحل مدينة الحديدة، بعدما قدَّمت كافة التسهيلات للأمم المتحدة، ومنحت فريق الصيانة التأشيرات المطلوبة لدخول الأراضي اليمنية كما أمَّنت له الحماية اللازمة، فيما عقدت اللجنة الإشرافية لصيانة «صافر»، عدّة اجتماعات، وأبرمت أكثر من اتفاق، أملاً في إزالة الخطر البيئي الذي يتهدَّد مياه البحر الأحمر. لكن، وبحسب مصدر سياسي، فإن حكومة الإنقاذ فوجئت، أمس، بتراجع الأمم المتحدة عن تنفيذ عملية الصيانة العاجلة والشاملة للسفينة، على رغم تأكيد فريق الصيانة التابع لشركة Asia Offshore Solutions (AOS) السنغافورية التي تعاقدت معها المنظمة الدولية في تموز/ يوليو الماضي لتقييم وصيانة الخزّان العائم، خطورةَ وضع السفينة وضرورة خضوعها لصيانةٍ عاجلة.
الانتكاسة الجديدة في المفاوضات حول صيانة «صافر» التي ترسو على بعد 15ميلاً بحرياً من شواطئ ميناء رأس عيسى النفطي غرب اليمن، تزامنت أيضاً مع ارتفاع منسوب مياه البحر التي تتسرّب إلى داخل السفينة المحمَّلة بأكثر من 1,1 مليون برميل من خام صافر الخفيف، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 40 درجة مئوية في السواحل اليمنية خلال الأيام الماضية، وهو ما يضاعف مخاطر حدوث تسرُّب نفطي كارثي قد تصل آثارة إلى جميع الدول المحاذية للبحر الأحمر وصولاً إلى قناة السويس.

في هذا الوقت، كشفت اللجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم، “صافر”، أمس، عن انقلاب الجانب الأممي على معظم بنود الاتفاق الموقّع مع حكومة الانقاذ.
وقالت، في بيان، إنها وصلت إلى طريق مسدود جرّاء انقلاب الأمم المتحدة على معظم بنود الاتفاق، معربةً عن أسفها الشديد لما آل إليه اتفاقها مع المنظمة الدولية الذي جرى توقيعه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. ولفتت اللجنة إلى أن الاتفاق يُلزم الأمم المتحدة الإسراع في تنفيذ اتفاق التقييم والصيانة الشاملة للسفينة، كونها تمرّ في خطر يتصاعد يوماً تلوَ يوم جرّاء تأخير أعمال الصيانة التي كان يفترض أن تبدأ مطلع العام الجاري، ولكن تم تأجيلها أكثر من مرّة.
وأوضحت اللجنة، في بيانها، أنها عقدت اجتماعَين يومَي الخميس والجمعة الماضيين، واجتماعاً ثالثاً، أمس، مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، لمناقشة خطة العمل التي قدَّمتها المنظمة الدولية والتي يفترض أن تترجم الاتفاق الموقَّع، ولكنها فوجئت باستبعاد الأخيرة معظمَ أعمال الصيانة العاجلة المتّفَق عليها، وإبقائها فقط على أعمال التقييم، بذريعة أن الوقت والتمويل لا يكفيان لإجراء أعمال الصيانة المتَّفَق عليها، محملةً، في الوقت ذاته، المنظمة الدولية «المسؤولية كاملة عن أيّ تداعيات لهذا التراجع المؤسف».
وفي إطار ما سبق، أفاد مصدر خاص في اللجنة الإشرافية، بأن الجانب الأممي تراجع عن أعمال الصيانة المنصوص عليها في الاتفاق، وعن كثير من أعمال التقييم التي تمّ تحويلها إلى مجرّد فحوص بصرية لا تخضع لأيّ معايير متعارف عليها. وأشار المصدر إلى أن خبراء شركة «إيه أو إس» السنغافورية، أكدوا عدم الاتفاق مع الأمم المتحدة لشراء الأدوات والمعدات اللازمة للصيانة، ما يؤكد، وفق المصدر، أن المنظمة أنفقت الأموال المخصّصة لصيانة «صافر»، والتي تزيد قيمتها على خمسة ملايين دولار، خلال الأشهر الفائتة، على النفقات التشغيلية والاستشارات، من دون أن تقوم بأيّ دور ملموس في الحدّ من كارثة بيئية وشيكة في البحر الأحمر.

وكانت الأمم المتحدة قد حدَّدت فترة التقييم للسفينة العائمة التي يبلغ وزنها قرابة 400 ألف طنّ، وتقدَّر سعتها التخزينية بأكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط، بيوم واحد منتصف العام الماضي، قبل أن تتراجع، في حينه، لتترك الأمر إلى تقدير خبراء شركة «إيه أو إس».
وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، قدَّر خبراء الشركة السنغافورية مدّة التقييم والصيانة بشهر كامل، وهو ما رفضته الأمم المتحدة أخيراً، مبرّرةً موقفها هذا بنفاد النفقات التشغيلية. من جهتهم، أكد خبراء في شركة «صافر» النفطية أن الشركة المالكة كانت تقوم بصيانة سنوية للسفينة العائمة بتكلفة 25 مليون دولار، وأن توقُّف الصيانة مردّه العدوان والحصار المتواصلَين.

وفي منتصف عام 2016، نفدت مادة المازوت التي تُستخدم لتشغيل المولدات الكهربائية التي تعتمد عليها السفينة في تشغيل الغلايات الخاصة بها لإنتاج البخار اللازم الذي يَحول دون تراكم الغازات وانفجار خزانات النفط على متنها. وعلى رغم استيراد شحنة مازوت لتشغيل الغلايات، قدرها 3600 طنّ، منعت قوات «التحالف» دخولها إلى الميناء في ذلك العام، ما أدّى إلى تآكل السفينة التي يبلغ عمرها 40 عاماً، بفعل الملوحة والرطوبة وارتفاع درجات الحرارة.

وفي ظلّ تصاعد المخاطر، كشفت الاجتماعات الأخيرة أن الأمم المتحدة ودول تحالف العدوان وحكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، تَستخدم السفينة العائمة، «صافر»، كورقة ضغط على الحوثيين، على رغم سوء وضعها الفني، وتزايد مؤشرات انفجارها يوماً بعد آخر.
وتفيد دراسات أُجريت في هذا السياق، بأن تكلفة التسرُّب النفطي المحتمل، سيكلِّف اليمن والمنطقة أكثر من 25 مليار دولار كحدٍّ أدنى، وسيُستّخذ كذريعة لإغلاق ميناء الحديدة، كما سيدّمر 500 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية التي يستغلّها نحو ثلاثة ملايين مزارع يمني، و8 آلاف بئر مياه، كما يُحتمل أن يخلّف مستويات مضرّة من الملوثات الهوائية تؤثر على أكثر من 8 ملايين شخص، فضلاً عن أنه سيدمّر البيئة البحرية في البحر الأحمر، ويحرم أكثر من 100 ألف صياد يمني من ممارسة أعمالهم لسنوات طويلة.

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى