للأسف.. صنعناهُ بأيدينا! بقلم| حسن عبدالوارث
بقلم| حسن عبدالوارث
نشرع في قراءة الوثائق والأدبيات السياسية التاريخية التي خلّفها لنا روّاد الفكر السياسي والمؤرخون وزعماء الوعي الوطني والقومي والانساني ، ثم نحفظها في اضبارة التاريخ الى حين يأتي موعد القراءة التالية ، انْ لم نرمها أصلاً في مزبلة التاريخ كما هو ديدننا!
واذا أردنا أن نستفيد منها في معالجة أمر من أمور حياتنا المعاصرة ، يجيئك من يزيحك عن نيّة المبادرة ، قائلاً بلهجة مثبطة ساخرة : ان ذلك لحديث الأوّلين وما لنا فيه بمنفعة!
ولهذا ، تتواتر الأجيال تترى دون أن تفقه كُنْه الدروس والدلالات التي تكتنز بها أحداث تاريخ شعبهم وبلدهم . فاذا استعرضتَ معها مجريات التاريخ التي سُطّرت منذ القرن الثامن عشر أو التاسع عشر للميلاد فقط ليس الاَّ ، لفوجئتَ بأن هذه الأجيال لا تدري عنها شيئاً ذا قيمة أو معنى.
سَلْ أولادك ، حتى خرّيجي الجامعة منهم ، عمّا يعرفون عن تاريخ احتلال عدن من قبل بريطانيا ، مثالاً .. أو عن الاحتلالين – الأول والثاني – للأتراك لصنعاء ومعظم اليمن .. ولن أتحدث عن غزوات ومغامرات الفرنسيس والأسبان والبرتغاليين والطليان وجحافل محمد علي ، ناهيك عن الحبش والبطالمة والهكسوس والروم والمجوس وغيرها الكثير.
واليوم ، تتعرض أراضي وبحار وجزر اليمن لانتهاكات احتلالية من قبل بدو شبه الجزيرة دون أن يُثير ذلك الفعل الخسيس ما يستحقه من اهتمام غاضب من قبل اليمنيين قبل الرأي العام الأقليمي والعالمي . وتأتيك المصادر الأمريكية والأوروبية بمعلومات مؤكدة دعمتها الأقمار الصناعية عن ممارسات خطيرة للامارات في جزيرتي سقطرى وميون ، فلا تجد الضجة التي تحدث اذا ما اقتتلت أسرتان مسلحتان على قطعة أرض في صنعاء أو عدن.
وتتلاحق الأخبار الموثقة عن رحلة جوية نظمتها الامارات لفوج ” سياحي ! ” اسرااائيلي الى جزيرة سقطرى .. أو عن انشاءات واقتلاعات واستحداثات دائمة في الجزيرة نفسها .. ومؤخراً بناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون .. وفي كل تلك الأحوال ينبري يمنيون لدحض ما اعتبروه مجرد مزاعم وافتراءات وراء تلك الأخبار التي – كما أسلفت – موثقة بصور التقطتها الأقمار الصناعية !
الحق أنه لن يتحرر بلد من احتلال وفيه مرتزقة أنذال يُفاخِرون بعمالتهم للمحتل ويتبخترون بين الناس لكونهم من ” محاسيب ” العدو ، وقد أمتلأت جيوبهم وأكُفّهم بالدراهم . كما لن ينتصر شعب على الظلم وفيه جوقة تُمجّد الحاكم الظالم ، وتُحيل الحقائق الى أضدادها في المبنى والمعنى بجرّة قلم أو جِرارة لسان !
ولهذا لن تتحرر اليمن ، ولن تنتصر قط ، ولن تقوم لها قائمة البتة ، بل سنظل قابعين في دهاليز التاريخ الماضوي ، نستجرّ بطولات تراكم عليها التراب منذ مئات وآلاف السنين ..
ولهذا ، لا ينبغي لنا أن نتألم من احتقار أيّ شعب لنا ، ومن امتهان أيّة دولة بنا ، مادمنا نحن بأنفسنا صنعنا بأيدينا مقام المذلّة وكتبنا مقال المهانة !