مقالات

اتحاد الأدباء والدور الملهم.. حين أعلن البردّوني ودماج والجاوي توحد الحرف والكلمة اليمنيتين بقلم| عبدالرحمن بجاش

بقلم| عبدالرحمن بجاش

دور كبير في زمن الكبار…

تأتي لحظة ملهمة وكبيرة في زمن كبير، فيبىرز إلى العلن كيان كبير.

في أزمان صغيرة ضاع الفعل والفاعل، تبدى الفعل هلاميًّا، والفاعلون انعكاسًا لذلك الضعف.

اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين جاء في لحظة كبرياء وطنية، كانت تطرح الوحدة كمشروع استراتيجي بحجم الوطن اليمني كله، وليس مجرد هروب نظام إلى نظام!

استطاع الأديب اليمني أن يستشرف الحاجة إلى فعل عظيم يكون بحجم التطلع الوطني، فجاءت وحدة الأدباء والكتاب أولًا، خطوةً كبيرة جدًّا لم يستطع النظامان في الشطرين أو السياسة العقيمة أن يكونوا بحجمها خطوة، فصارا يتعاملان مع الكيان الإبداعي الجديد بنوع من الشك والريبة، لكنهما لم يستطيعا كبح جماح الفعل، فقد وُلد الاتحاد قويًّا بواسطة أسماء قوية وكبيرة تخضع لها الأقلام والرؤى.

فئة صغيرة استطاعت أن توحد حملة الحرف والكلمة، في زمن كان، حتى البرميل، مشطورًا نصفين لا يتحرك أيٌّ منهما حتى يعاد بالرجلين، وليس باليدين! وعندما فقد السياسيون وعيهم ولم يصدقوا أنهم أنجزوا بحجم الجبال، أعادوا البرميل ليس إلى كرش أو الشريجة، بل إلى الرؤوس الصدئة التي لا تجيد غير الحروب، ليشطر الوطن هذه المرة في النفوس وليس على الأرض؟!

في اليوم الثالث عشر من مايو 1971، كان إعلان تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، لحظتها اشرأبت أعناق الناس، من كانوا يحلمون باليمن الموحد إلى العنوان الذي يتقدم دائمًا الصفوف بالحرف والكلمة، يلهم الناس إلى أي اتجاه يتجهون.

دائمًا وأبدًا تنتصر الشعوب بوحي من الكلمة التي تتنوع شعرًا، رواية، قصة، فكرًا، أدبًا، تعبر عنهم، عن آمالهم وأحلامهم وأمنياتهم.

جاء اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كيانًا موحدًا في لحظة، كانت البلاد تتلاحق نخبها بين الشك واليقين!

في18 سبتمبر 1972، تم افتتاح أول مقر له في عدن، وفي العام 94، جرى الاستيلاء عليه من “المنتصر”؟! وهي دلالة على النقمة حيال كيان أحرج المتلاعبين وأكد لهم قبل وحدتهم الهشة -التي قتلوها في العام 94!- أنهما لم يكونا في حجم الفعل.

يعلن البردّوني ودماج والجاوي توحد الحرف والكلمة اليمنيتين، وفي لحظة شك قصوى، فقد انتقلوا بالفعل إلى مقدمة أولويات الساسة، وغصبًا عنهم، إذا صح التعبير، والأديب على الدوام بوصلة الشعوب حيث اتجه يتجهون.

استطاع الاتحاد، في السنوات بين تأسيسه وإعلان الوحدة اليمنية، أن يكون كيانًا فاعلًا، روّج لما هو قادم واستشرف مستقبله، وإن خذلت السياسة فيما بعد فعل الكلمة.

كانت مجلة “الحكمة” لوحدها فاعلًا رئيسيًّا في تهيئة الناس، ورسم ملامح يمن ديمقراطي، يحترم حق التعبير والنشر وحقوق الإنسان عمومًا، كتتويج لنضال الناس الذي توّجوه بثورة سبتمبر62 وأكتوبر بعدها بعام، ولعبت الكلمة المذاعة دورًا فاعلًا في الحفاظ على عظمة الفعل، ولعبت القصيدة الدور الأكبر في الواقع في تثبيت أقدام المقاتلين الذي استشهد معظمهم في الجبال والوديان انتصارًا لفعلهم الكبير في 62 و63.

جاء مايو 1990 بأعظم بشرى لليمنيين “الوحدة اليمنية”، وللفعل الكبير انتصرت الكلمة، وضد الفعل الكبير انتصر من تعامل مع ما أنجز بمنطق البائع المشتري، وليس بمنطق صاحب المبدأ والقضية!

كان البردّوني -رحمه الله- أول من رفض الأسلوب الذي به تمت “وحدة النظامين”، ولذلك طوال ما تبقى له من عمر ظل غير راضٍ عما تم “زواجة أخدام اليوم الثاني في قسم الشرطة”، وتنبأ بما سيأتي “أي علي سيخصي علي”.

لم يكن العليّان بحجم الحلم؛ كانا مجرد رئيسين، أحدهما حسن النية، والآخر مبيت النية!

ظل اتحاد الأدباء، ككتلة تساوي كل الأحزاب والنخب، يعمل بكل ما يستطيع من خلال الحرف والكلمة على الحفاظ على ما أنجز، والعمل على إنتاج ثقافة للوحدة تحميها.

في لحظة فقدان يقين، تسيدت الرصاصة الفعل، فكان مقر الاتحاد أول ضحية لمن تفيدوا عدن وخذلوا صنعاء!

غاب الكبار، ليغيب الفعل الكبير.

تمخض الجبل في الأخير أي شيء لنرى كل شيء!

يظل الاتحاد، رغم كل الوجع، موحدًا في أقلام الأدباء والكتاب.

ويقينًا أنه ينبعث في اللحظة المناسبة قائدٌ ملهمٌ لليمن الذي نريده لكل اليمنيين بمواطنة حقيقية، يعلوها الدستور، ويحافظ عليها قانون ينظم الحياة، وصيغة حكم تعطي لكل يمني الحق في أن يعتلي الكرسي، قادمًا من الصندوق الحقيقي؛ يمن بلا “مطلع ومنزل”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى