فلسطين على طريق الحرية … بقلم / مسعود بيت سعيد
بقلم / مسعود أحمد بيت سعيد
ان صمود الشعب الفلسطينية البطل على أرضه ليس وليد اللحظة الراهنة. منذ ثورة ١٩٣٦م مرورا بالنكبة وحتى يومنا هذا، والنضال الفلسطيني لم يتوقف يوما ولم يستكين. قوافل الشهداء جيلا بعد جيل في مسيرة تاريخية طويله ختامها حتما الحرية والاستقلال . ان المقاومة بكل اشكالها هي الخيار الوحيد بعدما اسقطت التجربة كل الخيارات الاخرى حلال السنوات الماضية ان الحركة الصهيونية المدعومة من قبل الامبريالية الغربية وفي مقدمتها الامبريالية الأمريكية لا يمكن مواجهتها الا بالعنف الثوري المنظم. ليس هناك شعب في التاريخ البشري نال حقوقه على موائد المفاوضات مالم تقرن تلك المفاوضات بالكفاح المسلح وبتكامل كل الاشكال النضالية الاخرى. لكن هل خصوصية القضية الفلسطينية وتعقيداتها تشكل استثناء؟ بالتأكيد ملابسات القضية الفلسطينية شديده التداخل مع الوضع العربي تتطلب معالجة من نوع معين ولكنها لا تتنافى مع قوانين ثورات التحرر الوطني المعاصرة فليس بمقدور شعب محاصر من كل الاتجاهات ان ينتزع كامل حقوقه في ظل اختلال فاضح في موازين القوى لمصلحة أعدائه مالم تتوفر الحاضنة العربية ان سياسة البطش والإرهاب والاقتلاع والتدمير والتهجير التي يمارسها الاحتلال الصهيوني لم ولن تثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة نضاله المشروع مبدعا اساليب ووسائل نضالية جديده وغير مطروقه من قبل تضاف الى سجله البطولي والكفاحي المشرف. سبعة عقود متواصلة ثورات وانتفاضات وعصيان مدني، نضال عسكري وسياسي سلمي وعنفي بالبندق بالحجارة بالسكين بالكلمة الأمينة الصادقة في ملحمة تاريخية رائعة. لكن رغم كل تلك لتضحيات لم ينجز التحرر الوطني بعد . لقد صمد الشعب الفلسطيني رغم التآمر الدولي عليه بداء من تقسيم أرضه واقتطاع جزء منها ومنحها لأقوام جاءت من كل اصقاع الارض وأعطت كل اسباب القوة والتزمت القوى العظمى في العالم بحمايتها وتولت مهمة ترويض العالم كله بالإرهاب والقتل والتدمير وبكل الوسائل للقبول بها والتعامل معها ككيان طبيعي. مرورا بتجاهل القرارات الدولية التي تقر بحقوق الشعب الفلسطيني بداء من قرار التقسيم وكل القرارات الاممية اللاحقة. لقد وضعت الامبريالية الامريكية والأوربية الكيان الغاصب فوق كل القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية وهي حالة استثنائية لم يشهد لها التاريخ مثيل من قبل. ورغم كل ذلك هذا الوضع المؤلم والصعب فمازالت المسيرة الثورية الفلسطينية مستمرة قدم خلالها عشرات الف الشهداء والجرحى والاسرى على مذبح الحرية والاستقلال. وما نشاهده وما سوف نشاهده من صور بطولية فذة لن تتوقف حتى تحقيق الاهداف العادلة بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة بالقدس العربية عاصمة وعوده اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها كحل مرحلي على طريق تحرير كل فلسطين وكلما اوغل الاحتلال في وحشيته وجرائمه تحت مرأى ومسمع من العالم الحر الذي يتشدق في كل ثانية بحقوق الانسان ويتأمر على حقوق الشعوب كلما عظمت البطولات والمأثر والتضحيات وعمليات الصمود النادرة . قدر الشعب الفلسطيني ان يقف في المتراس الاول دفاعا عن الامة العربية كلها، لان المشروع الصهيوني الذي استوطن فلسطين يهدف للسيطرة على المنطقة العربية كلها من المحيط الى الخليج وليس في هذا القول جديد. من المهم التذكير بأهداف هذا المشروع الصهيوني حتى يقف الجميع باستمرار امام مسؤولياته التاريخية انظمة وقوى سياسية وشعوب. وغم قتامة المشهد السياسي العربي وكل الاختلافات والتباينات العربية حول مجمل القضايا الا ان هناك اجماع عربي شعبي ورسمي حول مركزية القضية الفلسطينية. وهذا الإجماع من الواجب الحفاظ عليه تحت كل الظروف. وان كان هناك من يرى صعوبة ذلك في ظل الاختراقات الكبرى التي حققها الكيان الصهيوني في المرحلة الاخيرة من خلال عملية التطبيع المجاني مع بعض الاقطار العربية الا ان ذلك لا يلغى قدسية فلسطين في الوجدان العربي. التي تظل الترمومتر الذي يقاس به وطنية اي نظام عربي . ان المواجهة الحالية التي يخوضها الشعب الفلسطيني في القدس وإحيائها والتي اتسعت وشملت تقريبا كل فلسطين بما فيها ٤٨ حيث الجزء الغالي من شعبنا العربي الفلسطيني صامدا على ارضة بهويته العربية نقيض الاسرلة . كفيله بتعديل ميزان القوى التدريجي اذا أحسنت إدارة هذه العملية النضالية بعيدا عن الحسابات الفئوية الضيقة. ان الظروف الموضوعية والذاتية مهيأة لاندلاع انتفاضة شاملة ومن المهم العمل الجدي لتطوير هذه الحالة الثورية وتوفير لها الدعم المالي والاعلامي والحماية السياسية . فالاحتلال وسياساته العنصرية ضاغط والخيارات السياسية الخاطئة والانقسام المدمر تشكل عثرة حقيقية امام تحويل هذا الزخم الجماهيري المقاوم إلى فعل شعبي منظم طويل النفس . ان القضية الفلسطينية اليوم تمر بأصعب مراحلها رغم البطولة والصمود حيث يراد تصفيتها نهائيا والاجهاز التام على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. مما يفرض على الجماهير العربية المزيد من التحديات والمسؤوليات والضغط المستمر والعالي الصوت على الأنظمة العربية وان لا تكفي بالتفاعل العاطفي او الموسمي على أهميته . ولا نظيف جديد اذا قلنا بان المدخل الأساس والرئيسي هو اعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني والتي من خلالها فقط يمكن استنهاض الحالة العربية الكسيحة .ولسنا هنا بصدد المبالغة في الرهان على النظام العربي الرسمي ، فازمته مستعصية ولا تخفي على احد . لكن الحالة الشاذة للوضع الفلسطيني الداخلي تعطيه استرخاء تام ويجد نفسة في افضل حالاته في التنصل من اقل واجباته والتزاماته القومية والاخلاقية تجاه نضال الشعب الفلسطيني وحقوق التاريخية المشروعة . واذا كانت حالة التوازن التي تعمل المقاومة الفلسطينية على فرضها تنعش فينا الامل وتحيي فينا العزائم ، الا ان مواجهة مشروع احتلالي استيطاني إجلائي عنصري بهذا الحجم والمدعوم من الإمبريالية الغربية تتطلب استعدادات اخرى واستراتيجيات اخرى ولا يتحملها الشعب الفلسطيني المحاصر وحدة بل هي مسؤولية الامة العربية والإسلامية وكل احرار العالم. صحيح المشروع الصهيوني مهما كان الدعم المعادي إلى زوال لأنه مشروع استعماري عنصري وهو في حقيقته أداه للامبريالية في المنطقة ولا يعقل ان يهزم امة بهذا الحجم وكل هذه الامكانيات الكبيرة ، الا ان استمراره حتى هذه اللحظة ثمنه المزيد من الدماء الطاهرة العزيزة