تقارير وتحليلات

حصيلة اصابات “كورونا ” في نيويورك مرتفعة .. وتاجر “البيت الابيض ” يلقى انتقادات واسعة ..

أصبحت أزمة فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية حدثاً فارقاً في فترة حكم الرئيس الأمريكي، فقد لاقى دونالد ترامب انتقادات لاذعة لسلوكه في إدارة الأزمة، انتقادات تناسبت مع قدر استهتاره في التعاطي مع الفيروس.

إذ تواجه الولايات المتحدة الأمريكية تسارعاً كبيراً في حدة انتشار الوباء، فقد بلغ عدد المصابين بالفيروس 53 ألف حالة، فضلاً عن 685 حالة وفاة.

أزمة كورونا في الولايات المتحدة أظهرت الرئيس ترامب على أنه شخص عديم الخبرة والإمكانيات، فهو لم يتصرف مع الوباء من البداية على نحو علمي أو منهجية متزنة، وسط ذلك، ظهر حاكم ولاية نيويورك كواحدٍ من الشخصيات الأبرز والأكثر حضوراً في مكافحة الفيروس، فقد قدم خطاباً واقعياً مبتعداً عن الشعارات والتفاؤل “الكاذب”، وإلى جانب حاكم نيويورك، تصدر المشهد أنتوني فاوتشي وهو مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، الذي لم يدخر الوقت في الظهور على وسائل الإعلام محذراً من حساسية الوضع، وحجم الكارثة التي تنتظر البلاد.

هاتان الشخصيتان ساهمتا في تعرية الرئيس ترامب، الذي قدم خطاباً ملتبساً ومشتتاً ومبتعداً عن جوهر الأزمة، فتارة يغرد عبر (تويتر) منتقماً من خصومه، وأخرى يبشر بدواء الملاريا “كلوروكوين”  على أنه “هبة الله”، وأخيراً خرج اليوم متفائلاً على نحو “هلامي” بانتهاء الفيروس مع قدوم عيد الفصح !

الفارق الخطابي بين الرئيس الأمريكي وفاوتشي (79 عاماً)  انسحب على شرخ في المواقف بين الرجلين،  فقد ناقض الأخير تصريحات ترامب فيما يخص دواء الملاريا، وقال معلقاً عليه: “أتصرّف بحذر… أقول أموراً للرئيس لا يرغب في سماعها، وقد صرّحت علناً بأمور مختلفة عمّا أكّد هو” وأضاف” لا أريد أن أُحرجه… أريد فقط أن أقدّم الوقائع”.

الحسابات التي ينطلق منها الرئيس الأمريكي في الإدلاء بمواقفه وتصريحاته منها، لا يبدو أنه يبنيها على وقائع علمية، أو تقدير لقيمة الإنسان وصحته، هو يقدم حلولاً وتصريحات من منطلقات تجارية بحتة، تعتمد حسابات الربح والخسارة، وتأثير هذا الواقع الذي فرضه الوباء على اقتصاد البلاد، لقد ملّ ترامب من الإغلاق ومن توقف عجلة الإنتاج، وهو معترض منذ البداية على كل سياسيات الإغلاق والحظر وعلى كل السياسيات الصحية التي ينصح بها بناءً على وقائع وأسس علمية ومقاربة من تجارب دول أخرى، إذ قال: “لو كان الأمر بيد الأطباء لأغلقوا الكوكب كله .. هذه البلاد لم تبن لتغلق”.

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، كان ترامب على مدار سنوات حكمه، بطل الحلول العملانية الآنية السريعة، الذي يتخذ إجراءات تحقق ثماراً قريبة الحصاد، هكذا تصرف في توفير ملايين الوظائف للأمريكيين عبر حلبه لـ مليارات المملكة العربية السعودية، وهكذا فعل في حماية سفارته وقواعده في العراق عبر اغتياله لقاسم سليماني، وهذه السياسية التي تحقق نتاجات سريعة ولا تأخذ بالحسبان الآثار والعواقب الاستراتيجية، قدمته كرئيس شعبي، ربما كان يمتلك قبل أزمة كورونا مؤشرات تقدمه للفوز في جولة انتخابية قادمة.

لكن جائحة الفيروس التاجي المستجد، أظهرت الأزمة التي تعيشها دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة، يتصرف رئيسها مع كارثة كهذه بمنطق حساباتي طفولي، فتارة يقارن عدد ضحايا كورونا بعدد الوفيات من الإنفلونزا العادية، وأخرى يقارن تعداد الوفيات بعدد ضحايا حوادث السيارات السنوي في بلاده، ثم يستشهد بسذاجة على سلامة طرحه: “هل نوقف السيارات بسبب حوادث السير” ؟.

في محصلة الأمر، أظهرت الأزمة الحالية سوء اختيار الأمريكيين لرئيسهم، وأظهر الولايات المتحدة الأمريكية كدولة مراهقة، تحتاج القرارات الكبيرة والحاسمة فيها لأسابيع كي يتم اتخاذها، ووسط ذلك، يجلس الأمريكيون في بيوتهم، وتتعرقل حركة الاقتصاد، التي لم تحركها “قفزات الرئيس البهلوانية” في ادعاء إيجاد الدواء السحري للفيروس، فيما يفترس الوباء الولايات المتحدة، ويقدم الفيروس ذاته، الصين، كقوة اقتصادية وتكنولوجية عظمى في العالم.

يشار إلى أنه وبحسب آخر احصائية أصدرتها السلطات الأمريكية يوم أمس الثلاثاء فقد أصيب 9249 شخصاً بعدوى فيروس كورونا، وهو ما يعد مؤشراً على خروج الأمور من القدرة على السيطرة، إذ تتربع الولايات المتحدة حالياً، في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار الفيروس، وتجاوزت بذلك إسبانيا التي تحتل المرتبة الرابعة..

وتوفي يوم أمس الثلاثاء 132 شخصاً، فيما تعد مدينة نيويورك المنطقة الأكثر خطورة في الولايات المتحدة، إذ قال عدة المدينة أنها تمثل مركزاً لتفشي الفيروس في البلاد .

المصدر : النهضة نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى