مقالات

رمزية الوعل في القومية اليمنية بقلم/ حفظ الله العميري

بقلم/ حفظ الله العميري

تتجلى عبقرية اليمني القديم في اختياره الوعل رمزاً لحضارته، بل وكان يقدسه أحياناً حيث كشفت الأبحاث التاريخية أن الوعل كان رمزاً لإله القمر السبئي “إلمقة” نظراً لقرونه المنحنية على شكل الهلال.

الوعل البري، أو النوبي كما يطلق عليه، هيئته توحي بالشموخ ولذلك كان اليمنيون القدماء يعتبرون الإله “عثتر” – وهي رمزية سبئية للوعل- علامة لفحولة وخصوبة اليمني القديم وإلهاً للمطر، تركيبته البدنية وخفته وهيئته الجميلة لها دلالات على هذه الحضارة الفتية وخاصة أنثاه ذات الملمس الناعم، ولذلك سماها اليمني القديم “أروى” وجمعها “أراوي”، ومنه جاء اسم فتياتهم.

يستخدم الوعل قرونه للدفاع عن نفسه لما لها من القسوة والهيبة، وهي تبدو كسيفين، وتشير المراجع التاريخية أن “ذو القرنين” سمي بهذا الإسم تيمناً بالوعل، للدلالة على هيبته، ومنها أخذ اليمني الشكل المنحني للخنجر (الجنبية) اللباس التاريخي لليمنيين، وكان يعتقد أن لقرونه فوائد علاجية، ولا زالت تستخدم للزينة والتباهي للآن في حضرموت وشبوة.

يعتبر الوعل من الحيوانات النادرة جداً التي تمتلك ذقناً مرتباً، وهذه صفة كان يربطها اليمنيون القدامى بالخشونة ولا زالت عند بعض القبائل اليمنية حتى وقتنا الحاضر.

يسكن الوعل شواهق الجبال، ويمتاز بالقدرة الفائقة على التسلق وتحدي الصعاب، وهي صفات متشابهة مع شخصية اليمني، حيث سكن اليمني القديم قمم الجبال، وبنى الحصون الشاهقة، التي تقيه من ضربات العدو في الحرب، وتمنحه السعادة والمنظر الجميل في أوقات السلم.

يتميز لون الوعل بقربه من لون التراب، وبعضها لونها بني، وهو اللون التاريخي لليمنيين، فمنه نسجت بشرة الأمة اليمنية، ومنه جاء لون القهوة الشجرة القومية اليمنية الشهيرة، ولون الياجور الحجر الشهير جداً في اليمن.

يمتاز الوعل بأنه حيوان غير وحشي رغم نمط عيشه البري، لكنه شرس ولا يستسلم بسهولة عند محاولة افتراسه، وهذه شخصية اليمني المعروفة عبر التاريخ، حيث يمتاز بالسلم وحسن الجوار، لكن عند تعرضه للخطر لا يلين، ويدافع عن أرضه وحياته ومكتسباته بشراسة وعنفوان.

مما سبق نستنتج أن اختيار اليمني القديم للوعل كرمز قومي وتاريخي للحضارة اليمنية، وتجسيده في أغلب النقوش والتماثيل والآثار والعملات النقدية المكتشفة ليس محض صدفة، بل بذكاء وبعد دراسة وتقصي حثيث، لتشابه صفات الوعل مع شخصية اليمني، ومن الواجب الحفاظ على هذا الرمز التاريخي وعمل محميات طبيعية للوعول في مناطق تواجدها، حيث تواجه الوعول صيداً جائراً في شبوة وحضرموت، وعلى الدولة والمجتمع حمايتهم، والحفاظ عليهم من خطر الإنقراض.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى