عن المبادرة السعودية: بارقة أمل أم أنها ولدت ميّتة.. وماذا يعني ترحيب الكويت بها وعرض قطر احتضان المباحثات؟
حيروت – متابعات
أعلنت السعودية عن مبادرة جديدة لإنهاء الحرب، في الوقت الذي تستمر فيه المعارك على أكثر من جبهة، ومواصلة الحوثيين هجومهم لاقتحام محافظة مأرب.
تتضمن المبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي ورفضتها جماعة الحوثي بشكل ضمني، وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
وتأتي المبادرة السعودية على إثر جولة قام بها مؤخرًا مبعوث الرئيس الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ، وجاءت بالتوافق مع الموقف الأمريكي ومواقف الدول التي زارها ليندركينغ، الذي تنقل بين الدول الخليجية مثل سلطنة عمان وقطر والكويت، وفق “خيوط”.
وتحظى المبادرة باهتمام الكويت، فيما عرضت قطر عرضت احتضان أي مباحثات قادمة بين طرفي الحرب في اليمن حكومة هادي والحوثيين، في حال موافقة جميع الأطراف عليها.
المضي بالخيار العسكري
في الوقت الذي رحبت فيه حكومة هادي بالمبادرة السعودية، بشأن وقف إطلاق النار الشامل، وفتح مطار صنعاء لعدد من الوجهات، واستكمال تنفيذ اتفاق استوكهولم، ودخول السفن بكل أنواعها ما دامت ملتزمة بقرار مجلس الأمن، على أن تودع الأموال إلى البنك المركزي ودفع المرتبات منها على أساس قوائم 2014، ودعم العودة للمشاورات السياسية، كان موقف جماعة الحوثي غير واضح بالموافقة عليها أو بالرفض الصريح التي جاء ضمنيًّا، وفق الناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبدالسلام والذي اعتبر المبادرة السعودية هروبًا للأمام من دولة مشاركة في الحرب على اليمن تبحث عن “التفلت” من الضغوط الإنسانية التي تتعرض لها، وهو موقف اتسق إلى حدٍّ ما مع الموقف الإيراني الذي اشترط، وفق بيان لوزارة الخارجية، رفع الحصار وإيقاف ما العدوان على الشعب اليمني.
لاقت المبادرة ترحيبًا كبيرًا من المجتمع الدولي، إذ رحبت بها كل من سلطنة عمان وقطر والكويت والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين والاتحاد الأوروبي، فيما قال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، اليوم الإثنين 23 مارس إن المنظمة الدولية ترحب بمبادرة السلام السعودية الجديدة لإنهاء حرب اليمن، والتي تتسق مع جهود الأمم المتحدة، في حين كشفت مصادر أممية مطلعة عن ظهور منتظر للأمين العام للأمم المتحدة للحديث عن المبادرة.
تعقيدات الحرب
حسب خبراء ومحللين سياسيين، فإن الفجوة متسعة للغاية بين طرفي الحرب في اليمن، الأمر الذي سيصعب من عملية التجاوب مع المبادرة السعودية أو أي مبادرة أخرى لا يتم إتباعها بضمانات وموقف دولي صارم وموحد تجاه الطرف الذي يرفض أي توجهات لإحلال السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
ويقول الباحث الاقتصادي ياسين القاضي، إن الحرب خلفت تركة ثقيلة للغاية وانهيارًا شاملًا في جميع المجالات، وهو ما يجعل أي مسارات لإيقافها في موقف حرج لمواجهة هذه التركة، والتوجه لإعادة الإعمار التي ستكون مكلفة للغاية في ظل انعدام أي مبادرات اقتصادية واقعية بالتوازي مع التوجهات الدبلوماسية والسياسية الرامية لإيقاف الحرب.
وفي الوقت الذي يسود فيه ترقب كبير عن مسارات الأزمة بعد المبادرة السعودية مع استمرار المعارك خصوصاً في مأرب، يمضي الشعب اليمني غير مبالٍ بكل هذا الضجيج السياسي الذي يتناول أزمة معقدة استعصت على الحل، إذ يواجه حربه الخاصة في توفير لقمة العيش، وسط انهيار اقتصادي تسبَّب بتردٍّ معيشي كبير، وفاقم الأزمة الإنسانية التي فجرتها الحرب، وتصنفها الأمم المتحدة بأنها الأكبر على مستوى العالم.
في هذا السياق، يقول عامل في مجال البناء، إنه ينتظر أي بارقة أمل بطالب عمال بناء، إنه لم يسمع على الإطلاق بالمبادرة السعودية، لكنه يأمل على كل حال بإيقاف الحرب، فقد تعب الناس منها ومن آثارها وتراجعت الأعمال وزاد الغلاء وتراجع الدخل بشكل كبير.
أما مواطن آخر يعمل موظف في إحدى الدوائر الحكومية في صنعاء، فيؤكد، أن أطراف الحرب اختطفت أرزاقهم وصادرت أعمالهم ورواتبهم، وتركتهم يكابدون معاناة قاسية لم يعد باستطاعتهم تحملها، مضيفًا أن الوضع في اليمن وصل لمرحلة لم يعد مجديًا الاكتفاء بإيقاف الحرب، بل يجب محاسبة جميع الأطراف التي تسببت في معاناة اليمنيين وتجويعهم وتردي أوضاعهم المعيشية.
ويشكو مواطنون في عدن من تردٍّ كبير للوضع المعيشي وانعدام الخدمات العامة مثل الكهرباء، الأمر الذي ضاعف معاناتهم بشكل كبير، في ظل توترات تشهدها المحافظة، على إثر مظاهرات واحتجاجات تطالب بتحسين الأوضاع وتوفير الخدمات، بينما تراها مصادر حكومية أنها مسيسة للضغط على الحكومة وتطفيشها وعرقلة عملها.