حرب اليمن في نهاية عامها الخامس ..الموقف الأمريكي و الروسي منها “2-3” ..
الأحد, 22 مارس 2020 - 12:00 م
0 106
بقلم د / حسن زيد بن عقيل
عاصفة الحزم 2015 قد حددت أدواتها و أهدافها مسبقا ، قبل عدة سنوات ( 2008م ) . استهدفت الشعب اليمني بماضيه و حاضره و مستقبله ، بهذه المحرقة و الإبادة الجماعية ، و عبر القصف براً و بحراً و جواً ، و الحصار و التجويع و نشر الأوبئة و منع وصول الأدوية أو السفر للعلاج . حقاً انها محرقة و إبادة جماعية أو ممكن ان نطلق عليها هولوكوست القرن الواحد و العشرين . ما هو الـ ” هولوكوست ” هي الإبادة الجماعية ، التي تعني قتل مجموعة كبيرة من البشر ، بسبب إنتمائهم أو دينهم . هذا ما يقوم به التحالف السعودي – الإماراتي ، إبادة الإنسان اليمني بسبب إنتمائهم ليمن الحضارة و التاريخ العريق . وكذا بسبب إنتمائهم للمذهب السني و الشيعي الزيدي ، الرافض لمذهبهم الوهابي السلفي الارهابي و الذي تدين به السعودية و الإمارات . حقاً انها محرقة حقيقية و عملا إجرامياً موجهاً ضد اليمنيين ، نفذها التحالف السعودي بالاشتراك مع الولايات المتحدة و بريطانيا .
كانت اهدافهم العسكرية مركزة على المواقع المدنية و على تدمير البنية التحتية لليمن بأسلحة أمريكية – اوروبية و بعضها محرم استخدامها دولياً . هذه الجريمة يجب ان تسجل في التاريخ ويتم تدريسها ضمن المنهج التعليمي للاجيال القادمة ، و يقام نصب تذكاري لشهداء و جرحى هذه المحرقة . الشعب اليمني لم يهدد الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو الحلف السعودي – الإماراتي . لم يخطط اليمن لشئ سئ ضد هذه البلدان . الحرب التي تدار الآن في اليمن ليس لها أي طابع حرب اهلية ، أ نها حرب عدوانية فرضت على اليمن ، كان الهدف الاستراتيجي عند قوى العدوان قصف و تدمير الموانئ و الجسور و المدارس و المستشفيات و المستودعات و كل ما يرتبط بحياة الانسان اليمني . كانت غاراتهم بالقنابل فعالة للغاية بمساعدة أنظمة الرادار الحديثة .
ان استمرار العداء الأمريكي ضد الأمة العربية الإسلامية واضح و خاصة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي ترامب . الرئيس ترامب هو الذي وقف ضد الجهود المبذولة لإنهاء التدخل الأمريكي في اليمن . أستخدم ترامب حق النقض أربع مرات لمنع الكونجرس من سحب الدعم العسكري الأمريكي و إنهاء مبيعات الأسلحة إلى المملكة السعودية و حلفائها . بحجج كاذبة ، حسب ما يطرحه المسؤولين في إدارة ترامب ان السعوديين بحاجة إلى الدعم و التدريب الأمريكيين لمنع المزيد من القتلى المدنيين . لكن تقارير الأمم المتحدة تكذب هذه الحجة . ان التحقيق الأخير للأمم المتحدة ، يؤكد ان الولايات المتحدة مع بريطانيا متواطئة في جرائم الحرب .
الدور الأمريكي في الحرب
منذ أن بدأت السعودية و حلفائها العدوان على اليمن في مارس 2015م ، قدمت الولايات المتحدة دعمها الكامل للتحالف السعودي . قصفت الطائرات الأمريكية آلاف الأهداف ، بما في ذلك المواقع المدنية و البنية التحتية .
إن التواطؤ الأمريكي في حرب اليمن يتجاوز خلق أزمة كارثية في اليمن ، و بيع أسلحة للسعودية و الإمارات بقيمة مليارات الدولارات . هذا التواطؤ أضر أيضاً بالمصالح الأمريكية ذاتها في المنطقة . حرب اليمن خلقت حالة من عدم الإستقرار في الشرق الأوسط ، بحرب اليمن زادت التوترات بين الخصمين الإقليميين إيران و السعودية . يدعم السعوديون و حلفاؤهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً . بينما تدعم إيران سلطة أمر الواقع ، الذين يسيطرون على المدن الرئيسية في البلاد حيث الكثافة السكانية منذ 2014م .
ان مشاركة الولايات المتحدة في حرب اليمن في الأساس يعتبر تورط أمريكي غير مدروس في الصراع الدموي . الإدارة الأمريكية بذاتها تعترف بأنها قد ورطت الجيش الأمريكي منذ البداية ، هذ باعتراف Gen LIoyd Austin,commander of US Central command الجنرال لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأمريكية الذي قال حينها ” لا أعرف حالياً الأهداف و الغايات المحددة للحملة العسكرية السعودية ، و يجب أن أعرف ذلك لكي أتمكن من تقييم احتمال النجاح ” . و كذا وزير خارجيتهم وآرن كريستوفر حينها قد حذر دول مجلس التعاون الخليجي من التدخل في اليمن . لأن الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية و سوف تساهم في الإضطرابات في المنطقة . لكن الصلف و العنجهية السعودية و الإماراتية طغت على إدارة أبوظبي و الرياض ، الآن سوف يتجرعون العلقم نتيجة ما جنته ايديهم .
إذا التدخل العسكري الأمريكي في اليمن كان غير مدروساً ، قد أنكشف و يخضع الآن للتدقيق المتزايد . لأن التحالف بين الولايات المتحدة و السعودية أثار جدلاً بين المشرعين الأمريكيين . و أثار إهتمام أكثر بعد مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في تركيا . بعد هذا ظهرت بوضوح بشاعة الحرب الأمريكية السعودية الإماراتية في اليمن ، و التي راح ضحيتها أرواح الآلاف من الأبرياء اليمنيين .
قدم فريق من محققي الأمم المتحدة ، تقريرا يثبت كيف ان الولايات المتحدة إلى جانب بريطانيا و فرنسا . انهم دول متواطئة في جرائم الحرب في اليمن بسبب الاستمرار في بيع الأسلحة و تقديم الخدمات الاستخباراتية لدعم السعوديين و حلفائهم ، و خاصة الإمارات .
الدور الروسي في الحرب
موقف روسيا في مثل هذه الحالات ، عادة ما يكون حذراً بشأن المكونات السياسية التي تستولي على السلطة عبر الإنقلابات . لكن في الحالة اليمنية ، كان موقف روسيا مختلف ، في احداث سبتمبر 2014 كان موقفها محايداً . روسيا تعتقد ان التوصل الى حل سياسي مع الحوثيين و حلفائه الرئيس علي عبدالله صالح ( وهو حليف روسيا في اليمن ) ممكن و لا توجد موانع في الدخول في حوار فعّال مع السلطة ، لكن هذا يعتمد على الحوافز ! على هذا الأساس دعت روسيا إلى اشراك أنصار الله في الدبلوماسية المتعددة الأطراف . عند إذن نستطيع ان نقول ان السمة المميزة لسياسة روسيا اتجاه اليمن منذ بداية الحرب 2015م هي ” مسك العصا من النصف ” . لذا لا نستغرب في أبريل 2015م ، كانت روسيا الدولة الوحيدة في مجلس الأمن الدولي التي امتنعت عن التصويت على قرار 2216 ، الذي دعا إلى حظر الأسلحة على الحوثيين و فرض حظر على سفر زعيم الحركة عبدالملك الحوثي . الموقف الروسي الوسطي شجع انصار الله الى السعي للحصول على دعم روسي أكبر ، لهذا السبب بدأت المغازلة الحوثية للروس . في فبراير 2015 طلب الدبلوماسيين الحوثيين من روسيا الإعتراف بشرعية حكمهم على اليمن في مقابل صفقات في قطاع الطاقة في اليمن . الا ان العرض التجاري للحوثيين لم تؤت ثمارها . في 28 يوليو 2016 تم تشكيل المجلس السياسي الأعلى ، هو هيئة تنفيذية عليا شُكلت من قبل أنصار الله و حزب المؤتمر الشعبي العام لحكم اليمن . أصبح صالح الصماد رئيسا له في 6 أغسطس 2016 . حينها أشاد القائم بالأعمال الروسي في صنعاء ، أوليغ دريموف ، بإنشاء المجلس السياسي الأعلى . و في نفس الوقت أعربوا الروس عن دعمهم لحكومة اليمن المدعومة من الأمم المتحدة ( هادي ) . و لتأكيد النوايا الحسنة لروسيا اتجاه حكومة الإنقاذ الوطني هو بقائها في صنعاء . هنا نؤكد ان سياسة روسيا اليمنية ” مسك العصا من النصف ” .
في 4 ديسمبر 2017 تم اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء ، هذا أثار غضب الروس ، كتعبير عن معارضتهم لاغتيال الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، قامت روسيا في نهاية المطاف بإبعاد موظفيها الدبلوماسيين من صنعاء في ديسمبر 2017 . الا ان موسكو استمرت في معارضة حملة التحالف بقيادة السعودية لهزيمة أنصار الله عسكرياً . على الرغم من ان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وصف الحوثيين على انهم ” حركة راديكالية ” بعد وفاة الرئيس صالح ، لكن علاقة انصار الله مع موسكو لم تتأثر .
كثفت حركة أنصار الله من تواصلها الدبلوماسي مع روسيا مرة اخرى ، في 26 أكتوبر 2018 التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بوفد من انصار الله برئاسة محمد عبدالسلام لمناقشة تسوية سلمية محتملة في اليمن . كان رد فعل أنصار الله إيجابياً . بعد فترة وجيزة من لقائه مع بوغدانوف ، تحدث عبدالملك العجري ، عضو المكتب السياسي لانصار الله ، إلى سبوتنيك ، و أعلن دعمه لروسيا لتصبح مكاناً لمحادثات السلام بين اليمنيين .
في الاخير رغم ان روسيا ترفض الإعتراف بشرعية استيلاء انصار الله على السلطة في صنعاء ، لكن روسيا تعاملت مع أنصار الله بشكل أكثر إيجابية من أي قوة عظمى أخرى بسبب إيمانها بضرورة التوصل إلى حل سياسي للصراع اليمني . هذا النمط من العلاقة جعل انصار الله يتقبلون مطالب روسيا و منحوا موسكو دوراً أكثر بروزاً في إنهاء الحرب الأهلية اليمنية .