تقارير وتحليلات

حرب اليمن في نهاية عامها الخامس 1-3 ..

بقلم د / حسن زيد بن يحيى

انهت الحرب في اليمن عامها الخامس ، هي حرب همجية ، ان اطراف النزاع ، السعودية و الإمارات و اذرعهم في اليمن ليس لديها أي اهداف واضحة . نرى عندهم فقط نزعة السيطرة على مقدرات البلد و ثرواتها و التحكم في مستقبله . ساعدهم في ذلك فشل منظومة الحكم السياسية و الاقتصادية و الأمنية في كلا الشطرين منذ مؤتمر الخرطوم 1967م مروراً بالمصالحة الملكية – الجمهورية وصولاً إلى ما يسمى شرعية عبدربه منصور هادي ، كرئيس لليمن بالتنسيق مع ” الأمم المتحدة ” و دول ” مجلس التعاون الخليجي ” 2012م . للأسف طيلة هذه المدة 1967 – 2012م توالت على عدن و صنعاء أنظمة مختلفة و هشة . في الجنوب بدأت تظهر هشاشة الدولة و إفلاسها من حركة التأمينات و مصادرت الأملاك الخاصة للمواطنين ، مروراً بتصفية الجيش الاتحادي ( الوطني ) و إذلال شيوخ و اعيان القبائل ، وصولا إلى حرب 13 يناير 1986م ضد الرئيس المعتدل و الوطني علي ناصر محمد . للعلم بحرب 13 يناير 1986م و خروج الرئيس علي ناصر محمد ، نستطيع ان نؤرخ و نقول في هذا التاريخ قد سقط النظام السياسي في الجنوب . ثم جاءت الوحدة الفاشلة 1990م و التي استنجد بها البيض لحماية ما تبقى من نظام الحزب الاشتراكي . في الشمال بدأ سقوط النظام الجمهوري 1970م و تدهور أكثر و أكثر بعد مقتل الرئيس الحمدي . فعليا بعد إنهاء دور الجبهة الوطنية في المناطق الوسطى و الجنوبية من الجمهورية العربية اليمنية ( 1978 – 1982م ) . و انتهى النظام الجمهوري تماماً بهروب الرئيس على عبدالله صالح الى الأمام إلى الوحدة الفاشلة 1990م .

للأسف ولدت الوحدة 1990م ميتة . رغم انها كانت حلم و أمنية لكل يمني حر . لكن القوى الإقليمية ، بدءا من الجار السعودي فالإماراتي ثم الإيراني مستغلين هشاشة النظام للتدخل في الشأن الداخلي اليمني . بعد عام 1994م أصبحت الحياة في الشطر الجنوبي لا تطاق ، بالتالي أعلنت القيادات الجنوبية الانفصال بتحريض و دعم سعودي ( خليجي ) . حينها جاء اعلان الانفصال في ظل مناخ دولي غير مهيأة لتقبل الانفصال . رفضت الولايات المتحدة الإعتراف بدولة الانفصاليين ( دولة البيض ) . وكان ذلك خشية من ان يتحول النزاع اليمني إلى نزاع إقليمي ، و بدوره سوف يؤدي إلى استقطابات جديدة في العالم العربي . و لا أحد يستطيع التكهن إلى أين ستقود حرب الإنفصال .هل تتحول اليمن إلى أفغانستان ثانية ؟ هذا ما كان يعتقده و يخشاه الأمريكان . و قد ورد هذا على لسان وزير خارجيتهم حينها وآرن كريستوفر . عندما حذر دول مجلس التعاون الخليجي من التدخل في اليمن . لأن الحرب ستستمر إلى ما لا نهاية و سوف تساهم في اشعال الإضطرابات في المنطقة . لم تقتنع دول مجلس التعاون الخليجي بعدم التدخل في اليمن .

مع إندلاع الإحتجاجات الشعبية التي شاركت فيها كل فئات الشعب اليمني ، منهم جماعات من الحوثيين و الحراك الجنوبي . كذلك  إنضموا قادة عسكريين بوحداتهم العسكرية إلى المحتجين  في ساحات التغيير عام 2011م . قام الرئيس صالح بقمعهم بعنف ، لكن فشل في إخمادهم . كاد ان يقتل فيها الرئيس صالح في 3 يونيو 2011م . أجبرت الإحتجاجات و الإنتفاضات المسلحة الرئيس اليمني السابق المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية ، علي عبدالله صالح ، على الإستقالة في نوفمبر 2011م . هذا الحراك الشعبي أقلق المملكة العربية السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية . لهذا جاءت ” المبادرة الخليجية ” في 3 أبريل 2011م . هي المبادرة التي شكلت أول رد فعل خارجي ضد الحراك الشعبي ، لإجهاض ثورة فبراير 2011م . التي لم تكن ضد شخص علي عبدالله صالح ، بقدر ما كانت ضد منهج شامل للنظام الذي أسسه علي عبدالله صالح و حلفائه قبل ما عرف بـ ” الربيع العربي ” . عملت المبادرة على نقل السلطة من شخص علي عبدالله صالح إلى عبدربه منصور هادي في عام 2012م ، بعد تعليق العمل بالدستور . كان من شروط المبادرة على الرئيس هادي و في ولايته هذه أن يضع دستور جديد و تنظيم انتخابات جديدة في غضون عامين . لم يفعل هادي أي من هذه الأشياء ، لذلك قامت حركة انصار الله بالتحالف مع القوى المؤيدة للرئيس صالح في حزب المؤتمر الشعبي و عناصر من الجيش و شيوخ القبائل بالإنقلاب على هادي في سبتمبر 2014م ، و وضع هادي رهن الإقامة الجبرية في المنزل و طالبته هو و حكومته بالوفاء بشروط ولايتهم و تنظيم انتخابات جديدة .

في نفس العام 2014 رفض هادي التجاوب مع الحوثيين و الرئيس صالح و الجيش و شيوخ القبائل ، و في الأخير استقال من منصبه في يناير 2015م . ثم فر إلى عدن و بعدها إلى المملكة العربية السعودية . بطلب من هادي أطلقت  المملكة العربية السعودية حملة قصف وحشية بحرية و غارات جوية بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، التي تعتبر جزء من تحالف العدوان على اليمن منذ عام 2015م تحت مبرر إعادة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي إلى السلطة . الولايات المتحدة هي التي زودت قوى التحالف بالطائرات و القنابل و الصواريخ وغيرها من الأسلحة . و كذا المملكة المتحدة هي ثاني أكبر مورد للأسلحة في السعودية . و من دون الاستخبارات الفضائية الأمريكية و التزود بالوقود في الجو ، لما استطاعت المملكة العربية السعودية من شن غارات جوية في جميع انحاء اليمن كما فعلته و تفعله الآن . لذلك فإن الأسلحة الأمريكية و التزويد بالوقود في الجو و الدعم الدبلوماسي ، هذه العوامل مجتمعة كانت عوامل هامة و رئيسية في استمرار  السعودية و الإمارات في حربهم العدوانية لخمس سنوات على اليمن .

كاتب و محلل سياسي يمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى