استطلاعات وتحقيقات

الاحتفال باليوم العالمي للمرأة 8 مارس .. المرأة اليمنية و مآسي الوحدة العشوائيّة!!

بقلم د/ حسن زيد بن عقيل

يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي الذي يصادف الأحد القادم ، بعيدا و متناسيا قضية المرأة اليمنية  التي  يعبث التحالف السعودي الإماراتي بكرامتها و عفتها و نضالها و وعيها و سلميتها . وتحكم على انسانيتها بالإعدام وسط تصفيق الاذرع الموالية لهم . التي تقبض الثمن مقابل تنظيم مسيرات شعبية شكرا و عرفانا للمستعمر السعودي – الإماراتي ، لانهم اذلوا شعب الجنوب اليمني رجالا و نساء . هذا المقال المختصر حول تطور الحياة السياسية للمرأة العدنية .

ارتبطت المرأة العدنية بمنظومة القوانين المدنية التي يحتكم لها المواطن بشكل عام في ظل الامبراطورية البريطانية . في عام 1937 تم إنشاء نظام قانوني لعدن برؤى و منطلقات تتفق و وضعها السياسي و الإداري الجديد حيث انتقلت عدن في هذا العام الى سلطة التاج البريطاني . هذه القوانين المدنية تنظم الحقوق و الواجبات لكل المواطنين وفقا للوضع القانوني للقضايا المعروضة أمام القضاء . لكن بريطانيا تركت كل القضايا المتعلقة بالمهور و الزواج و الطلاق ، وممتلكات المرأة و الوصايا و الهبات و الأوقاف و النسب و النفقة و الميراث لتعاليم الشريعة الإسلامية للعمل بها بموجب قوانين 1938 – 1939 . و جددت هذه الإدارة التزامها عبر هذه القوانين بعدم التدخل في قضايا الاحوال الشخصية للمسلمين بكل طوائفهم .  قد ساعد الإدارة البريطانية في تطبيق هذه القوانين هو انتشار الوعي المجتمعي بالقانون و قيمته الضابطة للحقوق و الواجبات . و تزامن هذا مع تحول مدينة عدن إلى ميناء مزدحم و مركزاً للتجارة و التصنيع و النقل في شبه الجزيرة العربية . هذه العوامل مجتمعة صبغة المجتمع العدني صبغة التمدن و الإدارة و سيادة النظام و ضمان الحقوق . اضف إلى ذلك جلب البريطانيون ثقافة الأندية و الجمعيات إلى عدن . هذه الأندية و الجمعيات جذبت ابناء الطبقات العليا من الكتاب و العلماء و الشخصيات البارزة . هذه الأندية و الجمعيات عادة ما تطرح مواضيع للنقاش مثل حقوق المرأة كجزء من المناقشات الوطنية حول الحداثة و التقدم و التعليم و الاقتراع و حقوق المرأة .

في الاربعينيات من القرن الماضي ، تطورت هذه الأندية و المجتمعات ، و ظهرت منتديات خاصة بالنساء العدنيات . في عام 1945 تم تأسيس ” نادي سيدات عدن ” الذي ضم عددا من زوجات القادة البريطانيين و عددا من السيدات العدنيات اللواتي ينتمين الى  النخب المرتبطة بالإدارة البريطانية ، اللاتي يعملن في الأعمال الخيرية . لكن في اوائل الخمسينيات ، سرعان ما تطورت الحركة النسائية ، وخرجت النساء  العدنيات من بيوتهن للانضمام إلى الحياة العامة . و في نفس الوقت انتقلت  قيادتهم  إلى اليمنيات ، فشكلن ما سمي بجمعية المرأة العدنية . و الأدوار التي لعبتها في تلك الفترة شملت مهنة التدريس و التمريض و أنشطة الرعاية الاجتماعية بين فقراء المستعمرة . و فيما بعد لعبوا دوراً نشطاً في الكفاح ضد الاستعمار . شاركت الحركة النسائية اليمنية الحركة النقابية و السياسية في الكفاح من أجل الاستقلال في اطار الوحدة الوطنية . الدور المشرف و البارز الذي ساهمت فيه المرأة اليمنية كان واضحا في وثائق تاريخ الثورة اليمنية ضد المستعمر . حيث شاركت المرأة اليمنية في المسيرات و الإعتصامات مع أمهات المعتقلين و في توزيع المنشورات و في إخفاء السلاح و نقل المواد الغذائية من محافظة الى اخرى كما اشارت المناضلة رضية شمشير .

من خلال هذا النشاط برزت أسر مؤثرة في المشهد السياسي . كانت احد هذه الاسر هي عائلة لقمان إلى جانب الغانم و المكاوي وغيرهم . في عام 1940 أسس الاستاذ محمد علي لقمان واحدة من أولى الصحف ” فتاة الجزيرة ” التي تصدر باللغة العربية في عدن ، و خصص قسم فيها للمرأة يسمى ” نصفنا الجميل ” . و ايضا اصدرت السيدة ماهية نجيب وهي أول امرأة يمنية ترأس تحرير مجلة نسائية في الجزيرة العربية حيث رأست تحرير مجلة ” فتاة شمسان ” في مطلع عام 1960 .

بعد الاستقلال من الحكم الاستعماري البريطاني من الجزء الجنوبي من اليمن عام 1967 ، أصبح حقوق المرأة واحد من الأولويات على جدول أعمال الجبهة القومية . إن سياسة تحرير المرأة كانت جزء لا يتجزأ من السياسة المناهضة للامبريالية و الرجعية للجبهة القومية ، التي أستلمت السلطة من الاستعمار البريطاني . و تمشيا مع الاهداف السياسية للجبهة ، دُعيت المرأة للانضمام إلى الحياة العامة – للالتحاق بالتعليم و الإنضمام إلى سوق العمل .

في عام 1968 و لتعزيز حقوق المرأة تم تأسيس ما يسمى الاتحاد العام للمرأة اليمنية لمواصلة دورها و نشاطها مثل اسلافها في الأربعينيات و الخمسينيات من القرن الماضي . و لتحقيق تلك الأهداف  تمت  صياغة  قانون الأسرة  بعد  فترة  وجيزة من  الاستقلال ”  قانون رقم 1 لعام 1974 ” . اما في الجزء الشمالي من اليمن تم سن قانون الاسرة في عام 1978 ” قانون رقم 3 لعام 1978 ” و الذي كان أكثر تحفظاً من القانون الجنوبي . بهذا تكون اليمن بشطريه اول دولتين في شبه الجزيرة العربية تصدران قانون تنظيم الاسرة . في مايو 1990 مع الوحدة تم دمج العديد من مؤسسات الدولة و في نفس الوقت تم السماح لبعض القوانين الشطرية بالاستمرار في كلا الشطرين منها قانون الاسرة . بعد عامين من الوحدة تم الغاء قانون الاسرة لعام 1974 ( في الجنوب ) و قانون الاسرة لعام 1978 ( في الشمال ) . وتم اصدار قانون جديد للأحوال الشخصية بموجب مرسوم رئاسي في صيف عام 1992 . للعلم لقد تمت صياغة هذا القانون قبل الوحدة و شارك في صياغته فقهاء شوافع و زيود .

حياة المرأة اليمنية قد تأثر كثيراً بعد الوحدة ، فقد تعرضت الحركة النسائية للتهميش إلى حد كبير و تم تحويل المنظمة النسائية إلى هيئة حكومية ، نشاطها الرئيسي محصور في إدارة فصول محو الأمية للنساء ، و بعض الانشطة المتعلقة بالحفاظ على الصناعات الحرفية الشعبية التقليدية و تمثيل البلد في المؤتمرات الدولية للمرأة .

للاسف بعد اصدار قانون للاحوال الشخصية عام 1992 تم طمس الايجابيات في قانون الأسرة الجنوبي من كل الاهداف التقدمية ، هذا يعتبر نكسة في حقوق المرأة الجنوبية . حيث كانت المرأة الجنوبية تتمتع في السابق بالمساواة القانونية في شؤون الأسرة . كما ان الوضع السياسي و الاقتصادي العام قد تدهور في ظل الوحدة العشوائيّة . و زادت الحرب العدوانية بقيادة التحالف السعودي الإماراتي وويلاتها من تدهور اوضاعهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى