مقالات

تصحيح مفاهيم “23” .. مهم وسري سابقاً .. أفكار أولية لمبادرة سلام !! بقلم /أزال الجاوي

بقلم /أزال الجاوي

جوهر الأزمات في اليمن خلال العقود الماضية كان الإقصاء والتهميش والاستئثار بالسلطة والثروة ،  وكان ذلك هو السبب الرئيسي للصراعات والحروب والتي كانت تحسم إما بحروب خاطفة لصالح طرف وتؤسس لما بعدها من حروب أوعندما تطول تنتهي بتسوية واتفاق بين الفرقاء على اسس محاصصة تنتج ايضاً في نهايتها نزاعات .

هذه الحرب كانت الأعنف والأطول ومازاد في عمرها وسخونتها هو اعتقاد جميع الأطراف على مقدرتهم على الحسم رغم إثبات الواقع خلال عامين أنه لن يتحقق ذلك الحسم  ، بل حتى وإن تحقق فلن يستطيع إعادة الإتزان والإستقرار والأمن والأمان للدولة (مايسمى بالمناطق المحررة نموذج ) ، إلا أن ذلك الواقع الواضح لم يغير عقلية الإقصاء والاستحواذ المعتادة ،  فمالم يتحقق بالحرب يعتقد الفرقاء أنه يمكن تحقيقه من خلال المفاوضات بإزاحة هذا الطرف او ذاك بل اعتبروا أن ذلك شرط لوقف الحرب والسلام .

منذ اليوم الأول في المفاوضات في الأشهر الأولى من الحرب كانت كل المبادرات والوساطات “الدولية” تتحدث عن إخراج أحد أطراف المعادلة بدءاً بطلب استسلام طرف (الإنقلابيون) ومحاولات فرض إخراجهم من المعادلة السياسية ثم تحول الحديث عن إخراج الطرف الآخر من المعادلة (الشرعية ممثلة في الرئيس و / أو نائبه) أو تجريدهم من الصلاحيات .

فكرة إخراج أحد أطراف الصراع من المعادلة والتي تبناها المجتمع الدولي والإقليمي خلال فترة العامين لم تكن إلا وصفة لاستمرار الحرب وتأجيجها ، وما يطرح اليوم من المبعوث الدولي من تعديلات تصب في نفس الاتجاه للمحاولات والمبادرات السابقة والتي لن تخلق سلام بقدر ماستخلق مزيد من التعقيدات التي ستؤجج الإنقسامات وتصعد في الأزمات .

المطلوب :

1- حوار مباشر بين الفرقاء أو عبر وساطات وطنية وسطية وبعد التوصل لتوافق عام يمكن طلب رعاية دولية أو إقليمية (وهو ما بدأ فعلاً لكن ليس بالقوة والزخم المطلوبين بل بدأ وكأنه محاولة على استحياء تواجه بحاجز صد من بعض الفرقاء ) .

2- مشروع وطني انتقالي مؤقت يهدف إلى إيقاف الحرب وإعادة الأمور إلى نصابها وصولاً لانتخابات متوازنة تأتي بممثلين حقيقيين لشعب وظيفتهم الحوار من أجل مشروع وطني دائم .

3- عدم إقصاء أي طرف في المرحلة الإنتقالية لاستحالة ذلك واقعياً على أن يتم تحييد أطراف الأزمة (الحرب ) من ممارسة السلطة مؤقتاً بعد المرحلة الانتقالية وبعد إتمام مصالحة وطنية شاملة تعيد وتحفظ حقوق الجميع الشخصية والعامة .

4- توسيع المشاركة في الحوار والمفاوضات وكذا في إدارة المرحلة الإنتقالية ليشمل الأطراف الموجودة في المعادلة الواقعية اليوم كالحراك الجنوبي والسلفيين وغيرهم .

5- بما أن موضوع السلطة العليا (الرئاسة) وصلاحياتها هو موضوع الخلاف الرئيسي فإن معالجته يجب ان يحظى بالأولوية بحيث يضمن مشاركة الجميع ( في ذلك نقترح مجلس رئاسي مكون من 5 اعضاء من الخمسة المكونات الرئيسية(مؤتمر وحلفاؤه + مشترك (اصلاح) + انصارالله + حراك + (الشرعية ) الرئيس ) و العودة لدستور دولة الوحدة لأن في ذلك مزايا مهمة هي كالتالي :

1) دستور دولة الوحدة يقلص صلاحيات الرئيس (الفرد) لصالح مجلس رئاسي (سلطة جماعية ) والقرارات فيه بالغالبية ويمكن جعلها بالإجماع بقرار داخلي بسهولة.

2) العودة لدستور الوحدة سيقلص الجدل حول الصلاحيات التي ستتطلب مفاوضات طويلة وشاقة وسيختصر المشاق والعقبات فما نص عليه الدستور مرجعية للجميع وملزم لهم .

3) دستور دولة الوحدة أكثر الدساتير شرعية بحكم الإستفتاء عليه في أنزه استفتاء وفي ظل توازن .

4) دستور الوحدة يعطي صلاحيات كبيرة للسلطة التنفيذية (الحكومة) وهذا مطلوب فإذا تم مشاركة السلطة على المستوى الأعلى (مجلس الرئاسة) فلا داعي لتقاسم الحكومة حيث يمكن أن تحيد الحكومة واعضاءها من القسمة والمحاصصة لصالح الخبرة والكفاءة في المرحلة الإنتقالية وهذا سيسهل ايضاً عملية تسليم مرافق ومقدرات الدولة والسلاح للحكومة باعتبارها طرف محايد .

وغير ذلك  ، يدرك الجميع أن أي عملية سلام لايمكن أن تتم دون شراكة دول الإقليم والمجتمع الدولي إلا أن البحث عن الحلول وايجاد معادلة سياسية متوازنة تخرج البلاد من حالة الحرب هي مسؤولية يمنية بدرجة اساسية يجب ان نمسك بتلابيبها ومفاتيحها حتى وإن لم نستطع الوصول لذلك السلام المنشود بسبب التجاذبات في دول المحيط لايعني ذلك بأي شكل من الاشكال أن لانمتلك تصور للحل لفرضه حين تسنح لنا الظروف كما لايجوز لنا كيمنيين أن تتقطع سبل ونوافذ التواصل الوطنية البينية وأن نحصر تواصلنا عبر جهات ووساطات خارجية لاتهتم ولا تستوعب اوضاعنا مثلنا (فأهل مكة ادرى ).

أزال الجاوي

23/10/2016م

( الافكار الاولية قابلة للتعديل والتغيير وبما يتطلبه الواقع وآراء الفرقاء ).

ملاحظة :

تلك المبادرة تقدم بها العبد لله قبل عامين شفهياً وهي امتداد لمشروع قدم للقوى الوطنية في 2011 , وكتابياً باحرفها الموضحة أعلاه قبل عام بالضبط بحسب التاريخ المدون ادنى المبادرة وقد تم عرضها على معظم القوى والمكونات السياسية الوطنية وكذا تم عرضها على بعض الدول الراعية للعملية التفاوضية اليمنية وكانت الآراء متفاوتة حولها إلا أن مساعي الوساطة (المحلية ) تباطأت أحياناً وتوقفت في أحيان أخرى ،  وآخرها بسبب اندلاع حرب السيطرة على ميناء المخا حيث تم إغلاق أبواب المفاوضات في حينه إلى حين انتظار ماستسفر عنه تلك الجولة من الحرب وغير ذلك من امور .

اليوم المبعوث الدولي ولد الشيخ تبنى أو حمل معه للأطراف المتحاربة نفس المبادرة تقريباً إلا أنه عدل بعض الامور فيها والتي ربما ستخلّ بجوهر العملية السلمية وربما تفشل المبادرة برمتها والتي ترتكز على تمثيل الجميع في مرحلة انتقالية وظيفتها إيقاف الحرب وتطبيع الحياة من خلال مشاركة الجميع في مجلس رئاسي مكون من خمسة وأهمل موضوع إعادة السلطة للشعب لاختيار ممثليه الشرعيين عبر الإنتخابات  ، والذين يفترض أن يكون لهم الحق الحصري بسبب التفويض الشعبي من خلال الإنتخابات المباشرة في التفاوض والتحاور وصياغة مستقبل الوطن وحل مشاكله وأزماته العالقة وليس القوى القائمة الآن ، والتي تستند في إدارتها للسلطة على القوة والغلبة والمال والدعم الخارجي فقط وإن كان لها مساندة شعبية محدودة ايضاً بحسب انتماءآتها الجهوية أو المذهبية أو غير ذلك من تمثيل منقوص مبني على نعرات ضيقة .

أعرض هذه المبادرة للعامة اليوم بسبب انها لم تعد “سرية” بعد أن تبناها المبعوث الدولي (ولد الشيخ ) إلا أني اتمنى أن يضغط الشعب وكل النخب السياسية والاجتماعية الوطنية في موضوع رفض أي حلول نهائية لشكل الدولة أو غير ذلك من قضايا عالقة إلا من خلال ممثليين منتخبين من الشعب مباشرة وهم وحدهم من لهم حق الحوار نيابة عن من يمثلونهم وتقرير مصير الوطن والشعب في المستقبل .

من حساب الأستاذ أزال الجاوي على الفيس بوك , نشرت بتاريخ 25 أكتوبر 2017 م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى