حرب اليمن و”تهديدات” إيران ملفات زيارة بومبيو إلى السعودية
حيروت- متابعات:
خلال زيارة للرياض استمرت ثلاثة أيام، عقد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لقاءات مع العاهل السعودي وولي العهد ومسؤولين آخرين، بينهم وزير الخارجية ونائب وزير الدفاع، كما زار القوات الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية.
وذكرت وكالة “الأناضول” في تقرير مطول، أنه قبيل وصوله السعودية، مساء الأربعاء الماضي، قال بومبيو إن إيران يجب أن تتحمل مسؤولية الهجمات التي تشنها فصائل الحشد الشعبي العراقية (موالية لطهران) على القوات الأمريكية في العراق.
وأضاف أنه سيناقش مع المسؤولين السعوديين قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، ويطرح قضية وليد فتيحي، وهو طبيب أمريكي سعودي يخضع للمحاكمة في المملكة وممنوع من مغادرتها.
تتشارك الولايات المتحدة والسعودية مخاوفهما من التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وتهديدات الجماعات المسلحة المحلية، المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وكذلك كل ما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب وتمويله، إضافة إلى قضايا ثنائية خاصة بالصراعات الإقليمية المسلحة في سوريا واليمن.
حظيت التهديدات الإيرانية وسبل مواجهتها بالجزء الأكبر من اهتمامات بومبيو، الذي أعاد التأكيد على “وقوف الولايات المتحدة بجانب السعودية في مواجهة التهديدات الإيرانية، وهو ما يؤكّده الوجود العسكري الأمريكي المتعاظم في المملكة”، حسب بيان للخارجية الأمريكية.
ويتواجد نحو 2500 جندي أمريكي في قاعدة الأمير سلطان الجوية، وستقدم واشنطن منظومات دفاع جوي لمساعدة السعوديين في الدفاع عن بلدهم ضد أية هجمات صاروخية إيرانية محتملة بعد الهجمات على منشآت “أرامكو” النفطية (في 14 سبتمبر/ أيلول الماضي) وعجز الدفاعات السعودية عن تأمين الحماية.
وتضم القاعدة طائرات مقاتلة، تابعة لسلاح الجو الأمريكي، تمارس أنشطتها يوميًا في الأجواء العراقية والسورية، ومنظومتي دفاع جوي مضادتين للصواريخ، لمواجهة أي هجوم إيراني مباشر أو من خلال قوات حليفة (لطهران في دول أخرى) على منشآت ومصالح السعودية.
رسميًا، تنفي إيران أية صلة لها، مباشرة أو غير مباشرة، بالهجمات التي تعرضت لها السعودية، كما تنفي تزويد (حليفتها) جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) في اليمن (جنوب السعودية) بأسلحة وصواريخ بالستية.
وجاء إرسال القوات الأمريكية إلى السعودية كجزء من جهود إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، بعد هجمات على ناقلات نفط قرب مضيق هرمز والهجمات على “أرامكو”، وما سبقها من تصاعد في حدة التوترات بين واشنطن وطهران، منذ قرار ترامب، في مايو/ أيار 2018، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني متعدد الأطراف الموقع في 2015، وإعادة فرض عقوبات على طهران.
حرب اليمن ووحدة الخليج
أشارت الخارجية الأمريكية، في بيان، إلى زيارة بومبيو للقاعدة الجوية، وإلى العلاقة الأمنية الأمريكية السعودية طويلة الأمد، وتصميم الولايات المتحدة على الوقوف بجانب السعودية في مواجهة “السلوك الإيراني الخبيث”، وفق البيان.
واهتمت الخارجية بلقاء بومبيو وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ومباحثاتهما بشأن “التهديد المستمر الذي يشكله النظام الإيراني”، وارتفاع مستوى العنف في اليمن، وضرورة تقديم الدعم المشترك لجهود مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مارتن غريفيث، لتعزيز العملية السياسية، إضافة إلى الحاجة إلى توحيد مجلس التعاون الخليجي، في إشارة إلى الأزمة الخليجية المستمرة منذ يونيو/ حزيران 2017.
ومنذ هذا التاريخ، تواصل كل من السعودية، الإمارات، البحرين ومصر قطع علاقاتها مع قطر، وفرض “إجراءات عقابية” بحقها، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة.
كما أعاد بومبيو، خلال زيارته لسلطنة عمان الجمعة الماضي، التأكيد على أهمية “التعاون الأمني في المنطقة من خلال مجلس تعاون خليجي موحد، لتفعيل الأمن والاستقرار في المنطقة”، إضافة إلى التشديد على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في اليمن، وضمان السلام والأمن والاستقرار.
وترتبط سلطنة عمان، إحدى دول الخليج العربي، بعلاقات جيدة مع طهران وبقية الأطراف.
كما التقى مع نائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، الذي كان سفيرًا للمملكة بواشنطن، وناقشا الشراكة الأمريكية السعودية، وكيفية مواجهة التهديدات الإيرانية، والدور الإيراني في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، بجانب وحدة مجلس التعاون الخليجي، التي ترى واشنطن أنها ضرورية في مواجهة التهديدات الإيرانية، وللحد من نفوذ إيران في المنطقة.
تراجع الثقة
يرى مراقبون أن ثقة السعودية ودول خليجية أخرى، مثل الإمارات، بالتحالف مع الولايات المتحدة، تراجعت لحد كبير بعد الهجمات على “أرامكو”، والتي حمّلت واشنطن ودول أخرى إيران المسؤولية عنها، ولم ترد عليها الرياض ولا واشنطن، التي سبق وتوعدت مرارًا بالرد على أية هجمات تستهدف المصالح الأمريكية أو مصالح الدول الحليفة لها في المنطقة.
يبدو أن هناك متغيرات في الموقف الأمريكي من إيران وتهديداتها، بعد تصاعد التوترات بينهما في العراق، في أعقاب استهداف قواعد أمريكية، واعتماد واشنطن الرد العسكري على مواقع تابعة لفصائل الحشد الشعبي غربي العراق، نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي.
وكذلك في ظل مواصلة تلك الفصائل استهداف القواعد الأمريكية، خاصة بعد اغتيال كل من قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/كانون ثاني الماضي، عبر غارة جوية أمريكية قرب مطار بغداد الدولي.
الرؤية الأمريكية الجديدة للتهديدات الإيرانية وجديتها تتفق إلى حد بعيد مع الموقف الثابت للسعودية، التي ترى أن إيران تشكل خطرًا وتهديدًا حقيقيًا لأمنها واستقرارها، وكذلك أمن واستقرار منطقة الخليج العربي والمنطقة بأسرها.
وتعتقد كل من واشنطن والرياض أن إيران تشكل التهديد الأكبر لمصالحهما في المنطقة.
وتعد السعودية الحليف الأوثق للولايات المتحدة، حيث ترتبطان بعلاقات تحالف استراتيجي قائم منذ عقود على المصالح المشتركة.
وتخوض السعودية، وفق مراقبين، حرب الولايات المتحدة ضد إيران والجماعات الحليفة لها في دول أخرى بالمنطقة، وتحديدًا في اليمن، حيث تدعم طهران الحوثيين، الذين يواصلون استهداف مصالح سعودية والعمق السعودي بالصواريخ البالستية وبالطائرات المسيرة.
ويرى مراقبون أن إطلاق الحوثيين صواريخ بالستية على أهداف سعودية في مدينة ينبع على ساحل البحر الأحمر، خلال زيارة بومبيو، هو رسالة إيرانية غير مباشرة لكل من الرياض وواشنطن، التي صادرت إحدى سفنها الحربية، قبل أقل من أسبوع من زيارة بومبيو، شحنة أسلحة في بحر العرب بها أكثر من 150 صاروخًا مضادًا للدبابات وصواريخ أخرى مضادة للطائرات يُعتقد أنها إيرانية الصنع وكانت في طريقها إلى الحوثيين.
على ما يبدو، سعى بومبيو، من خلال زيارته الرياض ومسقط، إلى دعم التحالف الأمريكي المفترض في مواجهة التحديات التي تشكلها إيران والقوات الحليفة لها، والتي باتت تهدد الوجود الأمريكي في العراق والمنطقة عمومًا بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها القواعد والمصالح الأمريكية.