استطلاعات وتحقيقات

هذه الأسباب وراء إقالة ترامب لوزير دفاعه

كتب ديكستر فيلكينز تحقيقاً في مجلة “ذا نيويوركر” الأميركية كشف فيه أنه في عام 2018، بينما كان المسؤولون الأميركيون في كابول يجلسون للتفاوض مع حركة طالبان، انتشرت نكتة في السفارة الأميركية مفادها أنه في أي لحظة يمكن أن تنحرف المحادثات عن مسارها بسبب “تغريدة داموقليس” – أي قرار أحادي من الرئيس دونالد ترامب بانسحاب جميع الجنود الأميركيين من أفغانستان من دون أي اتفاق على الإطلاق. والآن، في الأيام الأخيرة من ولايته، قد يحاول ترامب فرض مثل هذا الانسحاب، إن لم يكن عن طريق التغريد، فمن خلال تنفيذ ذلك في اللحظة الأخيرة.

وقال الكاتب إن مسؤول الإدارة المطلع على عمل الرئيس المنتهية ولايته بانتظام أن ترامب مصمم على إعادة جميع القوات الأميركية المتبقية في أفغانستان البالغ عددها 4500 جندي – أو على الأقل أكبر عدد ممكن قبل مغادرته منصبه. وقال المسؤول “إنه يريد أن يضعنا في مسار لا رجوع فيه نحو انسحاب كامل”.

وقال المسؤول إن الخروج من أفغانستان كان أحد الدوافع الرئيسية وراء قرار ترامب إقالة وزير دفاعه مارك إسبر الأسبوع الماضي. فمنذ انتخاب ترامب، في عام 2016، وعد بإنهاء التدخل العسكري للبلاد في أفغانستان، حيث انخرطت القوات الأميركية هناك منذ عام 2001. وقد قلص ترامب حجم القوة هناك – من حوالى عشرة آلاف جندي عندما تولى منصبه – وهو أعلن الشهر الماضي أن جميع القوات الأميركية ستعود إلى الوطن بحلول عيد الميلاد، أي قبل نهاية العام الحالي. لكنه لم يحقق انسحاباً كاملاً، وهو ما ألقى باللوم فيه على وزيري دفاعه – وبشكل أساسي إسبر وسلفه جيمس ماتيس. وقال المسؤول في الإدارة الأميركية للمجلة إن ترامب “شعر وكأنه يسير ببطء في ذلك منذ أن تولى منصبه. الآن مع رحيل إسبر، يمكنه فعل ذلك”.

وأكد مسؤول أميركي سابق التقى كبار صانعي السياسة هذا الوصف لنوايا ترامب. وقال عن سياسة أميركا تجاه أفغانستان: “كل شيء يتناثر في الهواء الآن”. 

فالوضع في أفغانستان هش. في شباط / فبراير الماضي، وقع دبلوماسيون أميركيون وحركة طالبان اتفاقية تسحب بموجبها الولايات المتحدة جميع قواتها بمجرد استقرار الأوضاع الأمنية في أفغانستان. لكن ترامب خفض عدد القوات الأميركية على الرغم من أن الشروط لم تتحقق بعد. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الرئيس كان يقوّض مفاوضيه ويشجع حركة طالبان. قال مسؤول أميركي للكاتب: “المشكلة مع طالبان هي أنهم يحصلون على كل شيء بالمجان الآن”.

وليس من الواضح ما إذا كان هناك وقت كافٍ للانسحاب الكامل قبل أن يترك ترامب منصبه. فأفغانستان بلد غير ساحلي ومحاطة بدول معادية للولايات المتحدة أو يصعب اجتيازها. كما أن حلفاء أميركا في حلف الناتو لديهم ما مجموعه عشرة آلاف جندي في البلاد، وسيتعين على الولايات المتحدة المساعدة في انسحابهم.

وأضاف الكاتب أن الانسحاب الكامل ستكون له عواقب وخيمة، إذ يتفق معظم الدبلوماسيين والقادة العسكريين على أنه من دون استمرار الدعم المالي والعسكري الأميركي، ستنهار الحكومة الأفغانية والقوات المسلحة في نهاية المطاف. وقال المسؤول الأميركي: “آمل أن يدرك الرئيس أننا إذا غادرنا فإن النقاش سيصبح: {من خسر أفغانستان؟}”.

ويخشى العديد من القادة الأميركيين والأفغان من أن الانسحاب الكامل من شأنه أن يحوّل الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة في أفغانستان إلى حريق كامل. ونقل الكاتب عن زعيم أفغاني قوله إن الجماعات من مختلف الأطياف السياسية تعد نفسها. وقال: “يمكن للجميع رؤية ما يحدث، وهم يسلحون”.

وعندما أقال ترامب إسبر، واصل مسؤولو حملته حملة عدوانية لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، ورفعوا دعاوى قضائية زعموا فيها تزوير الناخبين وضغطوا على المجالس التشريعية للولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون في ميشيغان وبنسلفانيا وأماكن أخرى لمنح الأصوات الانتخابية للرئيس ترامب. وقال مسؤول ديمقراطي منتخب في ميشيغان للكاتب: “إن الضغط لقلب الناخبين حقيقي للغاية. لن أحتفل بانتصار بايدن حتى يؤدي اليمين”.

ونقل الكاتب عن مسؤول في الإدارة قوله إن الدراما حول الانتخابات كانت في الغالب مسرحية سياسية، تهدف إلى ترطيب غرور ترامب المكسور. وقال المسؤول: “كل من حول الرئيس يعلم أن الأمر قد انتهى باستثنائه”. وأرسل المدعي العام ويليام بار أخيراً خطابًا إلى المدعين العامين الأميركيين يوجههم فيه للنظر في مزاعم تزوير الناخبين؛ لكن المسؤول أكد أن بار كان يحاول استرضاء ترامب بينما كان ينبّه المدعين العامين لتجاهل أي شيء إذا لم يكن تزويراً كبيراً في الانتخابات. وقال المسؤول: “كان يخبر المدعين العامين أنه سيتم اتباع حكم القانون”.

وقال مسؤول الإدارة إن العديد من الأشخاص حول ترامب كانوا يحاولون إقناعه بالتنازل عن خسارته للرئيس المنتخب جو بايدن – وهي مهمة غير سارة بشكل واضح. وأضاف أنه منذ الثالث من تشرين الثاني / نوفمبر، تحول مزاج ترامب من الإنكار إلى الغضب. وقال: “نحن نعتبر ذلك تقدماً”.

المصدر : نيويوركر + الميادين

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى