مقالات

عين الذئب..! بقلم الكاتبة ليزا جاردنر

بقلم / ليزا جاردنر

تمكنت عائلة “آل سعود” منذ القرن الثامن عشر من نشر العقيدة الوهابية في شبه الجزيرة العربية، باستعمال آلية اجتهادات الملّة وتوسيع هيمنة الفتاوى تحت غطاء سياسة الفتوحات الإسلامية وبدعوى تخليص المسلمين من براثن الاستعمار…!

فلعبت آنذاك الحركة الوهابية دور المحرر في الوسط الإسلامي مما مكنها من الانتشار بسرعة في بلدان أخرى من الجزيرة العربية واليمن وأفغانستان وغيرها… ولعل انهيار يوغسلافيا في ذاك الوقت وانتشار الحروب في المعسكر الشرقي الأوروبي، ساعد على توغل العقيدة الوهابية المتطرفة وتغلغلها في ذهنية الشباب المسلم فانتصبت أفغانستان كمرفأ للتطرف الديني الوهابي وتعمق أكثر بتمرير أساليب الفتوى وبتكثيف المحاضرات الدينية وباستعمال الأشرطة المؤثرة جدا على الوجدان الوطني والديني وهي تصور الوضع الدامي في أفغانستان في مواجهة الغزو السوفياتي، فتمكنت بذلك من استقطاب جماهير من الشباب المسلم وتعبئته لخدمة مصالح الغرب ضد العدو السوفياتي باسم الدين..! وذلك لغاية تصفية الشباب العربي.

ولا يخفى اليوم على أحد كيف كانت وما زالت الوهابية تنظر بعين الذّئب إلى الأراضي اليمنية، هذه الأراضي التي تعايشت مع اليهود والمسيحيين والبهائيين ومع جميع الفرق الإسلامية من زيدية وإسماعيلية وصوفية وكانت كلها متكاتفة لبناء اليمن الحبيب لدى الجميع.

لكن رغم معارضة اليمن المعارضة الشرسة للأفكار الوهابية الدموية المتطرفة التي أدت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى انهيار الثقافة الإسلامية المعتدلة التي ساهمت في تلاشيها المناهج التعليمية المفروضة من برنامج ومشروع “كوند ليزا رايس” التي تمكنت من ترسيخه منذ أواخر التسعينات والذي كان يرمي إلى توجيه عقول الشباب نحو وجهة وهابية مستعملة آليات الهيمنة الثقافية الدخيلة والغريبة على المجتمع اليمني والعربي عموما فكان اللقاح الخطير بين حركة الإخوان والحركة الوهابية لغاية شرخ العقيدة الإسلامية السمحة والمعتدلة في اليمن وفي بقية البلدان العربية الإسلامية وذلك بتمويل سعودي بالأساس مصدره مداخيل مواسم الحج والدولار البترولي فكان الضخ بلا حساب وشراء الذمم بلا تردد وهتك الأعراض بلا هوادة.. وانتشرت التحريمات من كل صوب ونحب وراجت الفتاوى باسم ما يجوز وما لا يجوز..! فأصبح صوت المرأة عورة! وملابسها فتنة! وعينيها إثم وجرم وتعليمها خطيئة …! وتكاثرت الممنوعات والمحرمات في مقابل الحريّة المطلقة للرجل …رجل البترول والراعي للدين والأخلاق…والوصي على المرأة!!!

فكانت وما تزال هيمنة الحكم الباطرياركي وسيطرة العقلية الذكورية المستبدة والمهيمنة والمُقَزِّمة للمرأة وقد وجدت هذه العقلية مدعماتها وسنداتها و”تشريعاتها” في المذهب الوهابي كإيديولوجيا، وفي النظام الرأسمالي الامبريالي البترولي في التمويل وفي التحكم في دواليب اقتصاد البلد من الداخل وبقية البلدان من الخارج وذلك ببث الثنائية الملازمة لكل العلاقات المصلحية بين الرجل والمرأة وبين البلدان الغنية والفقيرة وكذلك في العلاقات الدولية …وغيرها وطالما أن هذه العلاقات تُبنى على ثنائية القوي والضعيف فلا غرابة عندها أن تُعَامَل المرأة مثلا بهذا المنطق ومع هذا التصور الأيديولوجي الوهابي تصبح مجرد وسيلة إنجاب ومتعة ليس أكثر وأنها تبقى دائما تحت الوصاية وخاضعة مطلقا لولي أمرها …! وما علينا في هذا المجال إلا أن نماثل بين خصوبة الأرض البترولية “وهي المرأة الحلوب” في الخليج العربي وغيره في علاقتها بمن يخصبها من البلدان المهيمنة اقتصاديا.. كأمريكا ومن ناصرها وأوروبا ومن جاورها….

وقد لا نجانب الصواب مع المفكر “أدوارد سعيد” الذي تحدث عن نظرية الاستشراق حين لاحظ أن الغرب ينظرإلى المجتمع العربي والإنسان المسلم كما تُصَوِّرُه صفحات الجرائد اليومية وكما تَصِفُهُ المواقع الإخبارية الأجنبية بما هو إنسان “همجي” و”متوحش” و”خارج عن السيطرة” إنه “غجري” في تفكيره وسلوكه لا يحترم المرأة ولا ذاته تُحظى بالاحترام طالما أنه يتعامل معها كأداة لكل أداة…

إن هذا التسويق المُشِين للمجتمع العربي عموما والإنسان المسلم بالخصوص ليس الغرب هو المسؤول عنه، بل نحن العرب ونذكر بشكل مخصوص الحكام منهم …فمن يتواطأ مع قوى الاستعمار ويمد يده الخائنة للنظم الرأسمالية الامبريالية لا يمكن أن يُرجى منه خيرا في المحافظة على السيادة الشعبية ولا حتى الكرامة الإنسانية أو التمتع بقسمة عادلة لخيراته بين أفراده!

ولا يفوتنا أيضا ما حدث من عمليات تدمير للشعب اليمني وللشباب اليمني حين استغل بعض حكامه وبعض أحزابه كالرئيس الراحل صالح وكحزب الإصلاح والزنداني، الفقر والعوز والحاجة الموجعة للشباب اليمني فاستهووه بالإعانات والتدريس المجاني وبجمع التبرعات لصالحهم من أجل قضاء حاجاتهم واعتبروه منّة وفضلا لتطويعهم بشتى السُبُل..!

لكن وأخيرا وليس آخرا هل من يقظة حقيقية من الشعب اليمني تكشف المستور وتفضح النوايا الشريّة الحربية “لآل سعود” وتواطؤهم مع قوى الاستعمار من أجل تركيع الشعب اليمني الحر، والرافض لكل أنواع الحروب… فاليمنيون لا يمجدون في الأصل الحرب ولا الإرهاب فهم بِطَبْعِهِم مُسالمين، لكن طالما أن العدو أمامهم فإنّهم لن يستسلموا بل سيقاتلون بشرف و”يفقؤون عين الذئب” بدفاعهم عن وطنهم وبالمحافظة عن هويتهم ودينهم السّمح إلى آخر رمق… ولن تنطلي عليهم “صفقة القرن” بين السعودية وأمريكا ومن تواطأ معهما..!

إن السيادة الشعبية لليمن هي رهان كل يمني حرّ… والمقاومة هي واجبه المقدس وإن التصدّي بكل ما أوتي اليمني من قوى ووسائل ضد الطغاة والسفاحين هي دَيْدَنُه واستقلال اليمن غايته القصوى وللتاريخ شأنٌ في التحقيق الفعلي لكل تِلْكُمُ الغايات النبيلة.

             عاشت اليمن حرّة أبية مستقلة…

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى