الجدل في صفقة اللحوم الفاسدة (لمستشفى الصداقة) كفر، إذ تغدو لادنيا ولا دينا
———————————————–
# بقلم: عفراء خالد الحريري#
وأنتِ بألف فارس وقبس الحقيقة
( إلى د. رجاء أحمد علي مسعد…
كوني بخير دائمًا، فعسى الله يحدث بعد ذلك أمرا )
لأول مرة أسمع إذاعة عدن الغد ومن حسن حظي، بدأت المقابلة مع د. رجاء أحمد علي مسعد، وبعيدًا عن كلُّ الألقاب و المكانة الأكاديمية و التخصص المميز في حينه آنذاك، تلك المسميات التي سردها المذيع عنها و هي علامة فارقة عند كثير من الناس و هي التي بموجبها تتوزع المناصب القيادية بغض النظر عن محتوى و مضمون صاحبها و صاحبتها.
بإنصات شديد أستمعت إلى امرأة لا تربطني بها معرفة عميقة أو نشاط أو قضية أو عمل …وإنما معرفة عابرة تتعلق بموضوعها وقضيتها.
بأمانة الكلمة التي تخطها أناملي وأنا أكتب مقالي هذا، أقف إجلالًا و إحترامًا و تقديرًا لها لتلك المرأة التي قلما مررت بأمثالها في محطات رحلة عمري مع النساء و بين النساء. هي ذلك المضمون الذي لم يُعرفه المذيع و زميلته الذي يغني عن كلُّ الألقاب والمسميات، الذي يجعل من كلماتي ركيكة المعنى لربما لاتفي بوصفها، وتجعل مني عاجزة في التعبير عنها و ربما قليلة الحيلة حال وقفتي معها
ليس لأني لا أملك من الشجاعة الكثير و من الجراءة الضعف و الصدق لا أعرف غيره، بل لأني لست من الهدوء منها مقدار ذرة و من الحكمة قيد أنمله.
ماأروعك د.رجاء … صدقكِ، وضوحكِ، شجاعتكِ، حكمتكِ، نزاهتكِ، ثقتكِ بكِ إعتزازكِ بنفسكِ… حديثكِ الهادئ و إحترامكِ للطرف الآخر على الرغم من ممارسته لسلوك” أساء به لنفسه- كما جاء في معرض الحديث-“. حتى وأنا ألتمس بحة الحزن من صدأ صوتكِ، فكبرياءكِ أحاله دون أن يشعر بها احد…
أدركت الان لماذا كان عزوفكِ عن مناصرتكِ من النساء و الرجال يراوح مكانه؟ لأن من لها شخصية تلك خصالها ونفس ذلك عمقها و رجاحة عقل تحسد عليها على مدى سنوات عمرها ولم تتغير؟ فصدقها ووضوحها وشفافيتها وحده سلاحها في وجه الفساد قبل الظلم. (وكم أتمنى بأن تكن هناك كثير من النساء مثلكِ في هذه المدينة، لأصبح حالها و حالنا مختلف تمامًا؟ دون ماهو موجود وقائم من مجاملات ونفاق و زيف وكذب تجاه بعضنا البعض مثلنا مثل الرجال).
لقد كنتِ في مقابلتكِ بألف فارس قد ولى زمانهم، تجلوا بوجودكِ واقعًا مسموع، تاركين بصمة وآثر، لم يقبلوا ضياع الحقيقة، وإن كان على حساب قطع ارزاقهم، كنتِ وحدكِ أولئك الفرسان.
إلاّ أنه لم يعد لدينا فرسان وتضايقنا الحقيقة لأنها تزعج المسؤولين علينا و تضج مضاجعهم و تصم مسامعهم و تعمي أبصارهم من أعلى هرم السلطة السياسية مرورًا بالسلطة التنفيذية و القضائية والمحلية إلى قاع تلك السلطات ومابينهم و بينهن من رجال ونساء، وفي مواجهة كلُّ ماحدث معكِ ولكِ.
من الوهلة الأولى حتى هذه اللحظة طالما لم ينتج من صدأ الصوت وصوت الرأي العام أي رد فعل من السلطة السياسية( مجلس القيادة الرئاسي، الحكومة وكما تسمى السلطة التنفيذية، وتليها السلطة القضائية وهي التي أصبحت و أمست وباتت تحتفظ بملفات الفساد مثلما تحفظ المتاحف جماجم الاجسام، وهذا الاحتفاظ بالملفات لمجرد القول ومن أجل القول فقط بأن لدى النيابة العامة و النيابات الأخرى المتخصصة بقضايا الفساد. توجد ملفات فساد، حتى يظن المرء منا بأنها سلطة معتكفة، عاكفة، تدرس تلك الملفات وتحللها وتتفحصها مرة ومرتين وأكثر
خوفًا من أن تغرق المدينة بها، مما اضطر أمر الاعتكاف، بأن تلتزم السلطات السياسية والتنفيذية و المحلية المذكورة الصمت تجاه الفساد حتى تمنع منعًا باتًا التدخل في شؤون السلطة القضائية
لهذا نجد الفاسدين/ات و”هم قلة في م/عدن” يرتجفون، يقشعرون، يتباكون، يصلون، يتطهرون… في مناصبهم ومواقعهم وفوق كراسيهم وإدارتهم كملائكة لاغنى للمسؤولين في تلك السلطات عنهم وعن أعمالهم الطيبة، الصالحة، السوية، المحافظة على المال العام قبل الخاص، المتحلية بالأخلاق والفضيلة، المنتظرة بخشية وحياء وخجل أوامر النيابة العامة و النيابات الأخرى، بعد إعتكاف هذه الأخيرة.
أو ثلة فاسدين/ات مؤدبة تنتظر قرار أو موقف أو أمر أو تكليف السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ بمنع او تغيير او سحب أو تكليف ..وغيرها من الصلاحيات التي اتخذها ضد الفاسدين، فافزعهم ولدينا نماذج كثيرة منهم نحثت أسمائهم( رجال و نساء) في قائمة العِبر والإعتبار التي انشاءها المحافظ ليتعظ أمثال هؤلاء فخضعوا لاوامر تلك السلطات، وأصبحت المؤسسات الحكومية تخلو من الفاسدين/ات. وبعد إعتكاف السلطة القضائية لبحث قضايا الفساد و إلتزام السلطة السياسية و التنفيذية بالمنع البات في التدخل بشؤون القضاء وحسم المحافظ ووقفته الجادة تجاه الفاسدين وبعد كلُّ هذا : هاهي مدينة عدن في موسوعة المنظمة الدولية لمكافحة الفساد، نموذج يحتذى بها، وتم تكريمها ونشر تجربتها لكونها كافحت الفساد، بل وأستأصالته من جذوره بفضل تلك السلطات خاصة وتحديدا القضائية و المحلية فيها.
ونحن كمواطنين لا نعلم عن الفاسدين، غير لحظة تعيينهم وتدويرهم وإستحالة تغييرهم ومستويات نزاهتهم وحُسن ملافظهم و تحليهم بالاخلاق و الأمانة.
ياسيدة قبس الحقيقة: للحوم الفاسدة منتهية الصلاحية لذة مذاق أخرى، أحلى أجمل، أطعم، أفضل، ..إنها اي صفقة اللحوم الفاسدة تسمو على كرامة الإنسان، و تعلو فوق سيادة القانون، تتمتع بشرعية أعلى من شرعية كلُّ تلك السلطات مجتمعة ومتفرقة، صفقة اللحوم الفاسدة أحلها الشرع بفتوى إمام شيخ فقيه مجتهد، فلا نملك مناقشة الفتوى والدخول في جدل بشأنها إذ أفتى بها شيخ جليل فقيه مجتهد، فسندخل بجدلنا معه حولها( أي صفقة اللحوم الفاسدة) نار جهنم وتعدمنا دنيانا وآخرتنا، فنغدو كفار لادنيا ولادينا، وإلاّ لما ولماذا؟ التزمت السلطة السياسية والتنفيذية والقضائية الصمت تجاه موقفكِ منها وموقف الرأي العام؟ وشجعت بضوء أخضر دفاع السلطة المحلية في دفاعها المستميت عنها.
إلاّ لأن صفقة اللحوم الفاسدة وحدها الآية التي تقرر كسبنا الدنيا والآخرة أو خسارنا الدنيا والآخرة. .
ان أخطر أنواع الفساد للأسف هو أن تتعسف بظلم الآخرين بمجرد أنهم رفضوا تنفيذ طلباتك المخالفة للقانون أو رفضوا تنفيذ ما تريد منهم لصالح أفراد على حساب وأحقية آخرين ضعفاء وبغض النظر إذا لديهم صلاحية أو ليس لديهم”أن هذا التعسف سواءا كان بالاتهام او بغير الاتهام، هو الذي بات ملحوظًا في الآونة الأخيرة يمارس ضد النساء في اغلب الاحيان، في مؤسسات ومرافق وزارات و مكاتب وزارات الدولة هو أخطر أنواع الفساد، وخاصة إذا مس الشرفاء منا ومنهم، إذ لا يجد معظم هؤلاء الشرفاء من يحميهم ويقف معهم، وباتوا الكثير منهم يبحثون عن «واسطة فقط» من أجل الحصول على حقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون الذي سحقته أكثر مما هو مسحوق صفقة لحوم فاسدة محمية من السلطة المحلية و رعاية السلطة التنفيذية و عناية السلطة السياسية و حدث و لا حرج عن السلطة القضائية.
فصفقة اللحوم الفاسدة ليست أول الصفقات ولن تكون أخرها في هذه المدينة،،، لصفقة اللحوم الفاسدة دلالة قدسية في قاعات الترحيب بها، وصفحات عقودها، وعلاقة أطرافها، وكم صفقة مثل صفقة اللحوم الفاسدة تغرق بها هذه المدينة التي أفسدتها السلطات المذكورة سلفًا في كلُّ شيء، ولم يتحدث عنها أحد، إلاّ أنتِ كنتِ الألف فارس وكنتِ قبس الحقيقة.