مقالات

صناع التاريخ.. هم من عرفوا لماذا وكيف يعيشون

 

 

بقلم / عبدالعالم السامعي

 

 

 

عندما تسافر من اليمن سترى شعوباً غيرنا وستعرف وجهاً آخر للحياة. ستصدق كم كذبنا حين قلنا أننا استثناء. وستتأكد أننا لسنا أعرق شعوب الأرض كما ندعي، وستكتشف أن بلادنا ليست سعيدة ومباركة كما تعلمنا، بل حمراء من دمائنا المسفوكة عبثاً.

نفتقر جدًا لثقافة (عيش اللحظة)

نفتقر لمبدأ الاستمتاع بأصغر الأشياء

ونبحث دائمًا عن أكبرها!

وحتى عندما نجد أكبرها

نبحث عن الأفضل.

بالأمس قمنا بزيارة مع الأستاذ الدكتور عبدالله المطوع أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الملك سعود وزملينا عمر الكردي إلى محافظة العيينة مسقط رأس الشيخ محمد ابن عبدالوهاب، ومقبرة شهداء معركة اليمامة، ووادي بوضة خارج الرياض. وفي الوادي جلسنا نتحدث عن التاريخ وغيره من الموضوعات.

قراءة التاريخ تحتاج متخصصون في سبر أغواره، ينطلقون من إيمان بهذا التاريخ وأهمية توظيفه في سياق استعادة الذاكرة من أي انحرافات وخرافات وخزعبلات لتكون مستندا تبنى عليه سردية وطنية أكثر تماسكا وثباتا.

فِقه التاريخ والاستفادة من درسه ليس ترفاً ولا نافلةً بل هو تحصين للأجيال وللأوطان من تدوير مآسيها وإعادة إنتاجها، ووقاية لها من مكر التاريخ؛ حتى لا يعيد نفسه بطريقةٍ أو بأخرى.

إن جزءاً من الضريبة الفادحة التي يدفعها العرب اليوم؛ سببه قصور وعينا التاريخي وضعف احتفائنا بتأويل أحداثه ومآثر أبطاله؛ وإحياء القِيَم التي ناضلوا لأجلها وبما يخدم حاضرنا ويستشرف مستقبلنا الذي نحلم به.

هذا ما تعلمته من أستاذنا القدير عبدالله المطوع أثناء الزيارة.

لن تستطيعوا التخيل كيف كانت ابتسامته الساحرة ومودته الغامرة ونحن في الوادي، كأننا زملائه منذ الطفولة تشعر بحيوته المتدفقة مثل شلال يسري في أعصابك وضوء ينسرب في روحك.

لديه معالم وملامح شخصية قلة ما تجده عند الغير.

لقد التقيت بالكثير من أساتذة وطلاب وباحثين سعوديين، لكن لم اتبين تلك المعالم مجتمعة في أحد كما هي عند الدكتور عبدالله المطوع

حيوية متوهجة

ثقة بالنفس لا حدود لها

ذكاء

ثقافة شجاعة

متواضعاً بدون تكلف، جاداً مع لين ومرح، مهذباً حتى عندما يعبر عن انفعالاته.

ليس في قلبه مكان للحقد والكراهية.

فيه صلابة وشموخ جبل طويق.

فيه كل ما في المملكة العربية السعودية من معايير الجمال والخضرة والخير وبسمة المحبة للحياة والناس.

نموذج فريد لأكاديمي شاسع كمحيط، وأستاذ ملهم لأجيال تدين له بفضل وتبجيل.

ليس مجرد أستاذ جامعي فحسب؛ بل فيلسوفا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

شخصية خفيفة الظل عميقة الفكر.

نظراته هادئة تخجل وتذوب منها.

أكاد أجزم أن هذا الرجل صورة حية للملاك للعلم للخير للمعرفة للنجاح للسعادة.

لا أخفيكم سراً أني أحاول جاهداً أن أتمثل كيانه.

تتمنى أن تظل رفيق دربه للأبد.

محظوظ أنا بكوني أحد طلابه .

أستاذي القدير: أجلك وأكثر من ذكر اسمك والتباهي بعلمك وفضلك وكرمك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى