شيء جديد ومهم .. الإنذار الأخير…
أحمد موسى
يدرك المسؤولين الإسرائيليين أهمية الإستماع للإدارة الأميركية واملاءاتها لإخراج إسرائيل و”هيبتها” من الوحل و”المستنقع” في غزة و”التورط” الذي اوصلها إلى هذا”الدرك العنكبوتي” و”الهزيمة الميدانية” التي تنذر بهزيمة أميركا شر هزيمة، انعكست عليها، بعد قيادتها إدارة الحرب العسكرية والأمنية في ميدان غزة بل وفي بضعة مئات الأمتار الميتة في المعنى العسكري، رغم الأحزمة النارية والتدمير السجادي للوحدات السكنية التي لم توفر فيها المراكز الصحية والدينية ودور الحضانة والمدارس والجامعات وحتى المجمعات الأممية.
هبوط أميركي تدريجي على مدارج التهدئة تقابله جبهة عسكرية اسرائيلية مهترئة في البر على انقاذ راكمها قتل البراءة والذبح للمدنيين العزل، وما تظهره وتنبئه جبهات غزة على الارض “أن إسرائيل التي انهزمت في السابع من تشرين تدخل تشرينا ثانياً من النكسة العنكبوتية والوهن الضائع على أعتاب قرارات إدارة بايدن وفريقه التائه في سفراته وتجواله غريباً واوروبيا وعربياً وخليجيا وداخل الكنيست الإسرائيلي الشاحب أعضاءه الغارق في وهم قيادته العسكرية والأمنية والاستخباراتية والنتن ياهو المشغول في تعداد قتلاه بعد أن ضاع بين فكي كماشة أسرى ضباطه وجنوده، على وقع هدير الصواريخ وضجيج صفارات الإنذار ومشهدية صورة ما اقترفه لتاتيه سريعة من شمال فلسطين المحتلة مع لبنان إلى جموع مساحة ما يسميها (دولة) إسرائيل ولا تنتهي بديمونا وما بعدها وصولاً إلى مرتفعات وعمق الجولان السوري المحتل عبورا إلى البحر الميت والرسائل اليمنية القاتلة، وربما كانت رمزية التسعة عشر هجوما للمقاومة أمس التي بدأتها من رأس الناقورة على مقربة من “كاريش” قد أتت احتفاء بمقتل تسعة عشر جنديا من نخبة الجيش الاسرائيلي بينهم قائد الكتيبة الرابعة والخمسين في لواء المدرعات، ودخول المسيرات المفخخة كمقدمة لما بعدها وما بعد..بعد، تكون نقلت معركة الدفاع إلى الهجوم داخل بقعة جغرافية رديفة المعنى وما تشكله مزارع شبعا ولبنانيتها.
لواء وكتائبه طحنوا في بر غزة ودمر الجيل الرابع من الميركافا ملتحقا به النمر الجريح أسطورة ومفخرة الصناعة العسكرية والتسليحية الإسرائيلية، معتمداً في تعويض خسائره بقصف المدنيين في غزة قتلا وتدميرا وإن احتمى بعضهم في مراكز أممية.
ومع اتساع مساحات الموت في غزة وضرب الاطفال والنساء فإن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يكذب على جنوده قائلا : “لقد حققنا نتائج مبهرة”، وهي فعلاً مبهرة بفظائعها ودخولها مصطلح المحرقة والابادة الجماعية لمليونين ونصف مليون غزاوي يتعرضون لجرائم ضد الإنسانية و”هولوكوست” غزة.
ولتبريد الجبهات اطلق وزير خارجية اميركا انطوني بلينكن بضع رشقات سياسية تضعه في مهمة سلام اثناء زيارته تل ابيب وخلال مغادرته مطار واشنطن الى بن غوريون اعلن بلينكن انه يعمل حاليا على “خطة” الوصول الى “سلام مستدام” وانه سيركز في اسرائيل على حماية المدنيين وسيتحدث مع الشركاء في المنطقة عن ضرورة عدم اتساع (…) رقعة الصراع فيما ذهب مسؤولين اميركيين إن وزير الخارجية “سيضغط على اسرائيل من اجل وقف مؤقت لاطلاق النار”، وقف ممهور بالخوف من التصعيد وفتح جبهات أخرى لن تقف عند حدود غزة بل تتعداها مروراً بسوريا والعراق وما بعد اليمني وما بينهم تثبيتا لمقولة “وحدة الساحات”، لتسرع واشنطن مستجدية “التهدئة” وإن اختلفت عناوينها ومسمياتها، فرأس التفرد والقرار الأوحد – أميركا – على المحك، والتضحية بضباطها وكبار مستشاريها العسكريين والفنيين الميدانيين قتلا وأسرى في غزة مروراً بسوريا ولا تنتهي في العراق، فضلاً عن منع تدحرج الحرب من غزة لتتحول إلى حرب إقليمية أو صراع “ميني دولية”.
مشهدية الصورة في المنطقة وإن كانت على صفيح ساخن فإن مرتكزاتها تحول بين التطورات الدراماتيكية العسكرية الميدانية في غزة وجنوب لبنان وبين جعبة الحسابات الذي يسرد اليوم الجمعة.
فمن الصمت المدوي الى واضح البيان ينتقل الامين العام ل|ح|ز|ب الله السيد حسن نصر الله في اطلالة عصر اليوم ينتظرها العدو قبل الصديق “لتحديد المسارات”وفق الاعلام العبري، فيما قول السيد واضح على الدوام عبر سواعد مجاهدي المقاومة الحاضرين في المعركة منذ اول نزال طوفان الأقصى على طريق القدس.
ووفقا للمتابعين فإن السيد وبعد تقديم لجردة “حساب الخيارات” الذي يؤسس “لقواعد اشتباك جديدة وتغيير في معادلة الردع”، وقع صمت وترقب القيادات العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية الاسرائيلية متسمرة الشاشات قبل الجبهات في وقت بدات أروقة دولية رفيعة المستوى وصناع القرار يتوسطون بإرسال اشارات ونقل رسائل تدعو ن|ص|ر|الله إلى “التفكير مليا قبل التوسع بالحرب”.
وبحسب المتابعين أن ن|ص|ر الله سيكون خطابه عال السقف بعد التمادي الصهيوني والايغال في القتل والتدمير وصمت دولي وعربي صمت القبور أمام ما يجري في فلسطين، وبالتالي فإن المرتكزات في فصل الخطاب سيكون الفيصل، انطلاقاً من العمل الميداني المتقدم على مختلف الجبهات والمحاور من الصواريخ البالستية والمجنحة والمسيرات اليمنية وليس انتهاء بمسيرة ح-ز-ب الله الأخيرة، مذكرا بما سبق من تحديد “بنك أهداف داخل الكيان الصهيوني” لتضاف إليها أساطيل حاملات الطائرات الحربية الأميركية والغربية والأوروبية و”منصة كاريش” من دون أن يغفل عن التذكير بالقتال المباشر ميدانياً في “العمق الإسرائيلي” والداخل الفلسطيني و”الجولان” المحتل، وفي الخطاب شيء جديد ومهم، يحمل الكثير من الانذارات ما الذي يسبق نهاية الفقرة، الرسالة وصلت، وبايدن-نتنياهو يسابقون الصراع على البقاء.
وليس بعيداً عن الوساطات وما يلوكه بعض الساسة، وفقاً إلى مصادر ومراجع ديبلوماسية رفيعة وفاعلة على خط الوساطة (…) نقلت رسالة وفي غاية الأهمية والسرية من قادة “محور المقاومة” إلى الأميركيين اطلع عليها بايدين شخصياً جعلته يسرع الخطى في ممارسة “ضغوطاً” كبيرة على نتنياهو وفريقه وجعلت بايدن يحط سريعاً في الكيان الصهيوني ويجتمع على عجل مع فريق نتنياهو الوزاري الحربي والقادة العسكريين والطلب إليهم والنصح ب”العقلية”، ثم اتصال بايدن بنتنياهو أكثر من مرّة وايفاده وزير حربه وأمنه القومي والضغط على نتنياهو ووضع حد للعملية العسكرية التي أثبتت”عدم جدواها ولم تؤت أكلها”، وما إيفاد بلينكن وقبله كيربي إلا للغاية نفسها، وأن صورة اسرائيل “اهتزت” عالمياً ودولياً وفي المحافل الدولية، وبالتالي على نتنياهو القبول بورقة في جعبة بلينكن وفيها “منع التصعيد والتدحرج ومقترح هدنة إنسانية وفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية وإخراج الأجانب وإطلاق سراح المخطوفين”.
*كاتب صحفي*
صاحب موقع #ميديا_برس ليبانون