مقالات

رحيل العالم اسماََ على مسمى …

 

بقلم / عبدالباري طاهر

الوعظ بالحال ابلغ من الوعظ بالقال

حكمة صوفية

رحل العالم الجليل عبدالله حسن العالم . العالم والمفكر الصامت ، وصمته دائما بليغ ودال ، يمتلك وقار العالم وصمت الحكيم ، وزهد الفادي ، وتواضع الإنسان .

كانت العالم في طليعة طلاب القاهرة منتصف خمسينات القرن الماضي حينها أعلن عن (( مؤتمر الطلاب اليمنيين بمصر )) ، وتحديدا ١٥ أغسطس ١٩٥٦ . حضر المؤتمر ممثلا للرئيس جمال عبدالناصر . عضو مجلس القيادة : كمال رفعت . كما حضر المؤتمر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات . وقف الطلاب الشبان في مؤتمرهم . ازاء قضية جديدة هي وحدة الشعب اليمني ، وفتحوا حواراََ مع رابطة ابناء الجنوب ، ومع الإتحاد اليمني ، وهما الحركتان الوطنيتان الام للشمال والجنوب . كما وقف المؤتمر ازاء وحدة الكفاح ضد النظام الكهنوتي في الشمال ، والإستعمار البريطاني في الجنوب ، ووقفوا ضد سعي الإستعمار البريطاني لتأسيس إتحاد بإسم الجنوب العربي . كان العالم في طليعة هذه الكوكبة ، وعندما قامت المخابرات بطرد الطلاب لخلاف بين القوميين والماركسيين كان العالم إلى جانب المتضامنين مع زملائهم المطرودين ، وهم محمد عبدالله باسلامة ومحمد جعفر زين وعمر الجاوي ، وكان لهولاء الطلاب اعتصامات واحتجاجات ازعجت السفارة اليمنية . المطرودون رحلوا بطائرة اما المتضامنون فعبر البحر ، وهم كما يذكر الدكتور محمد جعفر زين في كتابه (( مذكرات أول رئيس لجامعة عدن ))

علي حميد شرف ، وأحمد الخربي ، وابو بكر السقاف ، وحمود طالب ، وعبدالله حسن العالم ، واخوة آخرون .

كان من نصيب العالم الإبتعاث إلى الإتحاد السوفييتي درس السياسة والإقتصاد . عاد إلى صنعاء عام ٦٧ . تولى منصب وكيل وزارة الإقتصاد تعرفت عليه في هذه الفترة . كان صديقا للأستاذ عبدالله الصيقل شفاه الله والفقيد الكبير يوسف الشحاري ، وعندما ألقى يوسف الشحاري خطابه الناري أمام مظاهرة ضد الوضع ، وجرى اعتقاله وكان يوسف حينها عضوا في مجلس الشورى . فكان العالم شديد الإرتباط بالأخوين : يوسف والصيقل ، وكثيرا ما زرنا يوسف الذي كان يجلجل في المعتقل شعرا ونثرا ضد الحكم ورموزه . لم يستقر كثيرا في عدن ، وكان كثير الإنتقاد للأوضاع في الجنوب . عمل لفترة ليست بالقصيرة في الأكوا في لبنان . كان وثيق الصلة بحزب التجمع الوحدوي ، وتتسم اراؤه السياسية بالنضج والمسؤولية الرفيعة . كان ممن أصر إلى جانب الأخ الوزير عبدالله عوبل والزميل أحمد كلز علي للعمل في الهيئة العامة للكتاب . هذا العالم الجليل كثير الانزواء وقليل الاختلاط بالناس ، دائم الصمت ، لا يهتم كثيرا بالنقاش ، ويكتفي بتعليق حذر ومقتضب . المثقفون من أمثال عبدالله حسن العالم قليلون . فهم يعيشون حياة ابناء شعبهم بدون استعلاء من أي نوع . في اللقاءات الخاصة مع ابو بكر السقاف رفيق دربه ، وصديقه أحمد كلز و عبدالكريم قحطان ومنصور هائل . كان العالم يمتلك حسا رفيعا في تناوله لمجرى الأحداث ورؤية واقعية وعميقة لما خلف المرئي وبصيرة نافذة لقراءة كف المستقبل فرحم الله العالم الجليل ، وعزاؤنا لأسرته واهله ومحبيه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى