الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

سباق مع الزمن لتأمين مخزون غذائي وسلعي

صنعاء – احمد راجح

دخلت الأزمة الغذائية في اليمن مرحلة صعبة مع استمرار مشكلة سلاسل الإمداد العالمية ووصول المخزون الغذائي في البلاد إلى مرحلة بالغة الخطورة، تنذر بتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية واضطراب الأسواق وتعميق الأزمة الإنسانية. ويعيش اليمن حالة استنفار متواصلة منذ نهاية الشهر الماضي مايو/ أيار، مع تزايد وتيرتها في الأسبوع الأول من الشهر الحالي يونيو/ حزيران، لإيجاد أسواق بديلة للاستيراد.

وتسعى البلاد إلى مواجهة تناقص المخزون السلعي من خلال التركيز على سلاسل إمداد آمنة ومستقرة للسلع الخمس الأساسية، والتي يأتي القمح والدقيق في طليعتها إلى جانب الأرز والسكر والمشتقات النفطية.
وتشدد وزارة الصناعة والتجارة اليمنية على عدم وجود أزمة بالمعنى الحقيقي، وأن الوضع مطمئن حالياً بالنظر إلى عدد عقود الاستيراد المبرمة والتي يقدر حجم ما ستوفره بنحو 500 ألف طن من القمح خلال الأشهر الثلاثة القادمة، إضافة إلى طلبيات بنحو مليوني طن لفترة تصل إلى تسعة أشهر.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، فضل عدم ذكر اسمه، أن لجنة الأمن الغذائي المشكّلة أخيراً تتعامل بجدية مع هذا الملف وتوجيهات الحكومة الأخيرة بضرورة تكثيف الجهود لتأمين مخزون غذائي وسلعي. ولهناك مؤشرات إيجابية لتأمين خطوط إمداد بديلة بعد نجاح الجهود التي بُذلت خلال الفترة الماضية لاستثناء اليمن من قرارات حظر التصدير التي اتخذتها الهند.

تأتي الهند في طليعة الدول التي تعتمد عليها الواردات اليمنية من الغذاء بعد روسيا وأوكرانيا وأستراليا، التي تعد ثاني منتج للقمح في العالم، لكنها أعلنت، منتصف الشهر الماضي، إيقاف تصدير هذا المنتج إلى الخارج في ظل أزمة عاصفة تجتاح الأسواق العالمية بسبب الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا.
ووجهت الحكومة اليمنية، الأسبوع الماضي، لجنة الأمن الغذائي للتركيز على توفير مخزون غذائي آمن من السلع الأساسية، خاصة القمح، على الأقل لمدة ستة أشهر، وتعزيز التنسيق والتكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والسلطات المحلية للرقابة على الأسواق.

ورأى عضو الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية علي عيسى أن الضرورة الناتجة عن تدهور الأوضاع تقتضي الاستماع إلى القطاع الخاص اليمني، ومساعدته والاستفادة من خبراته في الأسواق الدولية وإعطاءه الأولوية في التنسيق مع الجهات الدولية، فهو المعني الرئيس في توفير السلع الغذائية والاستهلاكية واحتياجات اليمنيين.
بينما أشار التاجر عبد الله البحري، وهو مالك شركة للاستيراد والشحن التجاري، إلى اتجاهين للأزمة الراهنة، منها التحدي الناتج عن اضطراب الأسواق الدولية وارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض الأمداد من قبل كبار منتجي الحبوب، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية في اليمن.

وعدد لـ”العربي الجديد” مجموعة من العوامل ساهمت في تعقيد الأزمة الغذائية والسلعية في اليمن، منها الانقسام في المؤسسات المالية، وأزمة العملة المحلية، والاعتماد على سوق الصرف في شراء الدولار لفتح الاعتمادات المستندية الخاصة بالاستيراد، وصعوبات متعددة في الشحن التجاري إلى اليمن، وارتفاع تكاليف النقل الداخلي بين المحافظات اليمنية.
وتنوعت الإجراءات المتبعة لمواجهة الأزمة الغذائية في اليمن، منها ما تم إقراره خلال الفترة القليلة الماضية من إجراءات لتقديم الدعم لمخابز وأفران عدن الخيرية لتوسعة الإنتاج واستيعاب احتياجات المستهلكين.

وتمر بعض المدن اليمنية بحالة اختناق سلعي بسبب شح المعروض من بعض السلع، لأسباب تتعلق بأزمة التجارة الخارجية والإمداد ومشكلة النقل الداخلية التي تستعصي على الحل.
وجزم المحلل الاقتصادي وليد الفقيه أن حل هذه المشاكل والأزمات مرهون بنجاح الفترة الثانية من الهدنة الممتدة لشهرين آخرين، بين ممثلي الطرفين، الحكومة اليمنية والحوثيين، للبت في الملف المالي والنقدي، بالرغم من كونه ملفاً شائكأً وبالغ التعقيد في ظل تمسك كل طرف بموقفه في إدارة عمليات البنك المركزي اليمني والسياسة النقدية والمصرفية والموانئ المعتمدة في الشحن التجاري.

وتسببت الحرب في أوكرانيا في زيادة أسعار السلع الأساسية، ما زاد من التهديدات التي تواجه اليمنيين في الوصول إلى الغذاء في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية بالفعل. وأكد برنامج الغذاء العالمي أن التأثيرات التي أحدثتها الحرب الدائرة في أوكرانيا زادت من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في اليمن.
ووفقاً لما ذكره برنامج الأغذية العالمي، من المتوقّع أن يبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون هذا العام من انعدام الأمن الغذائي في اليمن 19 مليون شخص (ثلثي عدد السكان)، نظراً إلى أن أسعار الأغذية على المستوى العالمي وانخفاض سعر الصرف قد عملت معاً على رفع نسبة التضخم إلى ما يقارب 60 في المائة.
وباعتبار اليمن بلداً مستورداً للنفط، على أساس صافٍ، فإن ارتفاع أسعار النفط أضاف ضغوطاً على ميزان المدفوعات والاحتياجات التمويلية، بحسب العربي الجديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى