مجلس القيادة الرئاسي.. وماذا بعد؟ بقلم| وضاح اليمن الحريري
بقلم| وضاح اليمن الحريري
استكمالا لمقال سابق نشر في يناير 2019م بعنوان ( هل يرحل الرئيس هادي وتبقى الشرعية) وبعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في لحظات درامية انبثقت عن المشاورات اليمنية في الرياض في الايام الاخيرة من شهر مارس وبدايات ابريل 2022م، وجدت أن فتح الحديث استمرارا للموضوع السابق مسالة ذات ضرورة وأهمية لاستشراف بواطن المرحلة المقبلة في ظل هذا المتغير الهام الذي حدث.
إن تشكيلة مجلس القيادة الرئاسي تعكس توقعات سابقة لدى البعض بأن ورقة الرهان الأخيرة للتحالف كما يبدو، في مواجهة الحوثي سلما او حربا، قد عقد لوائها بإعادة فرض المؤتمر الشعبي العام كقائد وموجه للدولة ومؤسسة الشرعية لعدة اعتبارات ليس هنا المجال لذكرها تفصيلا، بعد ان يتم تجميع أجنحة المؤتمر وبالأحرى القطاع السعودي والقطاع الإماراتي، دون التخلي عن الحليف الأساسي التجمع اليمني للإصلاح، بتوافق على فك عملة الشرعية من رئيس واحد الى مجلس رئاسي برئيس مؤتمري يضاف الى قائمة رؤساء المؤتمر في مجلسي النواب والشورى، عدا صف طويل منهم في مفاصل الدولة والمؤسسات، ليصحو الشعب اليمني ذات صباح على نظام حكم قديم- جديد كل محطاته بادارة القوى السياسية التقليدية متزامنا معها قوة المال والسلاح والدعم الإقليمي.
لقد تحمل الرئيس عبدربه اوزار النخب الحاكمة منذ انطلاق المبادرة الخليجية وحتى لحظة تحنيه، وقد كان مساهما بقصد او بدون قصد فيما آلت اليه أحوال الشرعية من تدهور وانقسامات وتشرذم وكذلك حال البلاد في سنوات الحرب.
إذن الإرادة السياسية لدول التحالف وفي مقدمتها المملكة توجهت نحو اعادة انتاج الماضي القريب بأسماء، في معظمها اسماء قديمة لم يخلو العقدان الماضيان من حضورها ومساهمتها المسبقة فيما صارت احوال البلاد عليه خلال تلك الفترة.
نجد في مثل هذه اللحظة أن علينا ان نقبل بمثل هذه النتيجة، باعتبارها احدى اللحظات التاريخية التي تنقل فيها السلطة سلميا في ادارة مقاليد حكم الدولة، متمنين لبعضنا البعض التوفيق والنجاح فيما عجزنا عن فعله دائما وأبدا.
مجلس القيادة الرئاسي قد تشكل، وستنخفض صور وتعلو صور أخرى بدلا عنها، لكن صلب المشاكل وجوهر القضايا لن يتغير فبيان المشاورات اليمنية قد خرج بتجديد الثقة في الحكومة، وحصلت اليمن على فرصة بوديعة جديدة لفترة اضافية، غير ان ذلك سيجعل من كل من صار في صدارة المشهد، مسئولا مسئولية كاملة عن نتائج الفترة القادمة وبالذات إذا ظلت الحرب مستمرة دون تسوية أو مفاوضات في طريق التسوية.
مجلس القيادة الرئاسي الذي تشكل، قد يصبح بحد ذاته مشكلة، او عاجزا عن حل مجموعة من المشاكل التي ستواجهه، على اصعدة الاحوال المعيشية والأوضاع السياسية والتناسق الأمني والعسكري وغيرهم، وليس ابعدهم مشكلة مرتبات السنوات الست التي قطعت عن موظفي الدولة في المحافظات الشمالية، بينما تمثل الاقلمة والانفصال مسألتين شائكتين أمامه، اما اعادة اندماج الحوثي في قوام الدولة ومحاصصته فيها فهي أم المشاكل، اذ ستفرض على البلد تركيبة جديدة من المحاصصة، لن ينجو منها احد في المدى القريب والمتوسط، حيث تظهر اطر هذه المستويات من المشاكل، بحاجة إلى قوى دافعة وزخم عالي للتعامل معها، إذا لم يحققه المجلس سريعا فهو لن يتحقق.
مجلس القيادة الرئاسي وبعد مرور يومين وبعد الكلمة التي القاها رئيسه، لم يتجاوز لحظة الذهول المتعلقة بتفويضه، بينما من الواجب عليه ان يتخطاها في اقرب وقت وان يستشعر عامة الناس بافضلية تشكيله عن الوضع الأحادي السابق، لقد صار لليمن قيادة جماعية لعل وعسى ان تتفادى الأخطاء الجسيمة السابقة، لكن هذا وحده لا يكفي، اذ لابد ان تنطلق في مجال المعالجات البنيوية على وجه التحديد، يليها المعالجة لطبيعة العلاقة مع الغير والاخر، التحالف او القوى السياسية والاجتماعية في الساحة اليمنية ومع الحوثي ايضا، وفي حالة التوجه نحو القيام بدور الحكومة كسلطة تنفيذية فإن التباسات عميقة ستحدث، وسيكون في محصلتها اضعاف اي اجراءات تسعى الحكومة للقيام بها، علينا ان نلاحظ ان هذه اللحظة معنا فيها رئيس وسبعة نواب وجميعهم سيحكمون المناطق المحررة فقط والتي سينعكس عليها صراعهم او توافقهم والمساحة ضيقة لا تكفي لكل هذه السلطات والقوى وبالذات اذا عملت صراحة كل واحدة منها على تنفيذ اجندتها الخاصة وتجاهلت الاخرين..وفقهم الله..وللحديث بقية.