الأخبارثقافة وفنمحليات

مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

حيروت _ متابعات خاصة:

عندما تفكر في حوريات البحر، من الصعب ألا تتخيل الأميرة ذات ذيل السمكة، التي تخيلها الكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسن في قصته الخيالية الكلاسيكية بأن “بشرتها صافية وحساسة مثل بتلة الورد، وعيناها زرقاء مثل أعمق البحار”.

وبعد نحو قرنين من الزمان، بدأ التمثيل العالمي للمخلوقات البحرية الأسطورية فقط في الابتعاد عن الصورة التي ظهرت لأول مرة في فيلم “حورية البحر الصغيرة”، إذ من المتوقع أن تطلق “ديزني” هذا العام إعادة تخيل حية للقصة مع الممثلة الأمريكية صاحبة البشرة السمراء هالي بيلي في دور حرية البحر “آريل”.

ولطالما كانت حوريات البحر جزءًا مهمًا من الفولكلور الأفريقي.

بين الأساطير والسحر والوحوش..مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

ومن شخصية “Watermeid” الأسطورية في جنوب أفريقيا المُصوَّرة في لوحات خويسان الصخرية، التي يُعتقد أن بعضها يعود لـ28 ألف عام، إلى”مامي واتا” وهي روح مائية معترف بها في التقاليد الشفوية عبر القارة والشتات الأفريقي في الأمريكتين، تسبق حوريات البحر من البشرة السوداء “آريل” بزمن طويل.

وللمساعدة في تغيير الطريقة التي نرى بها البحر ، ينتج الفنان البصري والمصور النمساوي النيجيري ديفيد أوزوتشوكو صورة خيالية سريالية تحتفل بالأجساد السوداء والبنية.

ويتعامل عمل هذا الشاب العصامي البالغ من العمر 23 عامًا مع الشوق والانتماء، والهوية السوداء، والسحر.

ويتضمن التصوير التجاري الخاص به تعاونًا مع موسيقيين أمثال فاريل ويليامز ومصممي الأزياء، وقد حصل على عمولات من دار “ديور” وغيرها، إلا أن أسطورته وصوره الخيالية هي التي تأسر الخيال.

“الماء والسواد”

بين الأساطير والسحر والوحوش..مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، عرض أوزوتشوكو صوره في مهرجان “Photo Vogue” في مدينة ميلانو بإيطاليا، من سلسلة مستمرة بدأ في تجميعها عام 2016 تحمل عنوان “Mare Monstrum”.

وتُعد هذه السلسلة أول مجموعة عمل مقصودة لأوزوتشوكو، بعيدًا عن الصور الفردية، والتي تستمد الإلهام من قصص مخلوقات خيالية من القارة الأفريقية والشتات، والتقاليد الخيالية والأسطورية في أوروبا.

وقال أوزوتشوكو: “من خلال هذا النهج الأسطوري أجد الكثير من الحقيقة، وأحيانًا يكون هذا أمرًا مُرضيًا بشأن الأسئلة السياسية التي تهمني”، مضيفًا أنه لا يزال يحاول فهم كيف يمكنه تسليح فنه لقضيةِ ما.

والتقط أوزوتشوكو بعض الصور للسلسلة ببلدة ساحلية في السنغال، وهو مكان يغادر منه الناس، حسبما يقول، للقيام برحلة إلى جزر الكناري ثم إلى أوروبا – وغالبًا لا يعودون مرة أخرى.

ومن خلال عمله، يأمل أوزوتشوكو في تفكيك بعض أعمال العنف التي يعاني منها اللاجئون من القارة الأفريقية أثناء قيامهم برحلة الخطر بحثًا عن مأوى على الشواطئ الأوروبية، وتشابه ذلك مع تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.

من التصوير الذاتي إلى الخيال السريالي

بين الأساطير والسحر والوحوش..مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

ووجد أوزوتشوكو شغفه في إنتاج الصور عندما كان مراهقًا صغيرًا في لوكسمبورغ، واتخذ هذه الحرفة في البداية كهواية لإثارة إعجاب الفتيات.

وعندما كبر، أصبح التصوير الفوتوغرافي بمثابة وسيلة لفهم ومعالجة هويته الخاصة.

وأوضح أوزوتشوكو: “كان من المهم في البداية بالنسبة لي أن أكون قادرًا على إنشاء هذه المساحة التي شعرت فيها بأنني مرئي، وأن أخلق هذا المسرح لنفسي”، لافتًا إلى أنه “مع مرور الوقت، أصبحت مهتمًا أكثر بمرحلة ما بعد الإنتاج، وهذا مكنني من البدء في بناء عوالم من حولي، والانغماس أكثر في الشخصيات وإنشاء مشاهد ووضعيات خيالية”.

بين الأساطير والسحر والوحوش..مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

ومن خلال عملية تستغرق “أسابيع أو شهور أو حتى سنوات”، يرسم أوزوتشوكو في البداية مفاهيمه وصوره، ثم يلجأ إلى كاميرته – مما يسمح بالتجريب والتطوير أثناء التصوير.

وقال إن “هذا يُعد الشطر الأول من العملية، أي الحصول على تلك المواد المرئية”.

أما الشطر الثاني، فيتمثل في دمج كل هذا معًا من خلال المجال الرقمي، وفي كثير من الأحيان دمج موضوع منفصل وخلفية، وربما عشرات الصور.

ومن خلال الأوضاع الملتوية وتلك الطبقات الدقيقة للصور، تصبح شخصيات أوزوتشوكو أشبه بأشكال نحتية غريبة في مناظر الأحلام القاحلة، في مكان ما بين السريالية والواقعية المفرطة.

ويستمتع أوزوتشوكو بغموض عمله، قائلًا إن “الأمر أشبه بلعق العسل من غصن شائك، أن يكون لديك هذا النهج المتناقض في الفن، وأعتقد بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالأجساد السوداء”.

الصور المتحركة

بين الأساطير والسحر والوحوش..مصور من أصل نيجيري يتخيل مخلوقات بحرية سوداء في أعماله

وتُعرض أعمال أوزوتشوكو حاليًا في معرض جماعي متجول، بعنوان “Fire”، الذي استضافته مجموعة جائزة التصوير الدولية “Prix Pictet”.

وأصدر فنان الوسائط المتعددة أيضًا فيلمه القصير الأول “GÖTTERDÄMMERUNG” العام الماضي، وهو الآن بصدد الانتهاء من تركيب أول فيلم له بعنوان “الغسق المدني”.

ويُعد مفهوم المنزل موضوعًا مركزيًا في الكثير من صور أوزوتشوكو.

ويُعد العثور على الانتماء في الفن أمر مهم بالنسبة له كشخص من أصل أفريقي يعيش في أوروبا، وبالتالي فإن إنشاء مساحات تمثيل، يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة له كفنان.

وأكدّ أوزوتشوكو أن القدرة على تخيل نفسك في سياقات جديدة لا يجب أن تكون بمثابة ترف أو حصرًا على أحد، مضيفًا أن “هناك حاجة إنسانية عميقة لأن نحلم، وهناك شيء يبعث على الارتياح بشأن امتلاك عناصر مرئية والحصول على شيء ملموس يمكنك أن ترى نفسك تنعكس فيه”.

 

المصدر : CNN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى