الأخبارتقارير وتحليلاتمحليات

المؤتمر الشعبي يطرق أبواب الجنوب

عدن – أحمد الحسني

أثار حضور حزب المؤتمر الشعبي العام، في شبوة، ردود فعل واسعة، فيما اعتبره البعض عودة المؤتمر للسيطرة على المناطق “المحررة”، بديلًا عن “الانتقالي” وحزب “الإصلاح”، بدعم من التحالف، لكن آخرين يرون فيه نشاطًا طبيعيًا يندرج ضمن الأنشطة التنظيمية للمؤتمر الذي لايزال يتمتع بحضوره النشيط في كل المحافظات.

ومنذ مقتل زعيم المؤتمر الرئيس علي عبدالله صالح، قبل أكثر من 4 سنوات، شهد الحزب تحولات سواءً على مستوى التنظيم والهيكلة، أو على مستوى تحالفات الحزب الداخلية والخارجية، تحولات أفضت في مجملها إلى عودة الحزب إلى الساحتين العسكرية والسياسية، خصوصًا الجناح المدعوم من أبوظبي، وهو الجناح نفسه المقرب من المجلس الانتقالي الجنوبي.

وخلال السنوات القليلة الماضية، مكّن التحالف عناصر المؤتمر من أهم مؤسسات الدولة، كما جهّزت أبوظبي قوات “المقاومة الوطنية -حراس الجمهورية”، كقوة عسكرية منظمة تسيطر على أجزاء من الساحل الغربي، وكان لافتًا أن الهدف من تلك القوات السيطرة على الحديدة والتقدم صوب صنعاء، لكن حين احتدم الصراع بين قوات المجلس الانتقالي من جهة، وبين “الشرعية” من جهة أخرى، بدا لافتًا التخادم بين الانتقالي وقوات “حراس الجمهورية”، قبل أن يظهر التعاون بين الطرفين للعلن، بعد أن دعا طارق صالح، إلى “تصحيح مسار الحرب من الساحل وحتى شبوة”، واصفًا قوات “المقاومة الجنوبية وألوية العمالقة بالشركاء بقيادة التحالف”، الأمر الذي دق ناقوس الخطر بالنسبة لمكونات الحراك الجنوبي المناهضة للمجلس الانتقالي، معتبرةً حضور المؤتمر السياسي والعسكري في الجنوب، تكريسًا لـ”الاحتلال” مرة أخرى، عبر الحزب الذي قاد اجتياح 7 يوليو، في العام 1994، ولكن هذه المرة يستخدم المجلس الانتقالي كـ”حصان طروادة”.

التحالف يدفع بالمؤتمر بديلًا للإصلاح

خلال الأيام الماضية انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، حديث للسفير السعودي، محمد آل جابر، يكشف عن توجه للدفع بقيادات المؤتمر الشعبي العام، لتقلد مناصب هامة عسكرية وأمنية وتنفيذية، على حساب حضور الإصلاح في المناطق “المحررة”. تلك السياسات تأتي ضمن اتفاق الرياض، الموقع بين “الشرعية” و”الانتقالي”، وهو ما تم فعلًا بطريقة سلسة في محافظة شبوة التي كان يسيطر عليها الإصلاح، وتشكل له أهمية استراتيجية.

في موازاة ذلك، لايزل جزء من الاتفاق يتعلّق بتعيين محافظين لحضرموت والمهرة وأبين، على غرار ما تم في شبوة، لتكون السلطة في تلك المحافظات لعناصر محسوبة على المؤتمر.

وفي حديث له يكشف رئيس التحالف القلبي في أبين الشيخ محمد سكين الجعدني، عن “فشل طرفي الصراع في الجنوب (الإصلاح والانتقالي)، في تحقيق انتصار يضمن تطبيع الحياة في المناطق الجنوبية” مضيفًا أن “4 سنوات من الصراع بين الطرفين راح ضحيتها الآلاف، وأضرت بشكل مباشر بالمؤسسات الحكومية، وقسمت الجنوب إلى نصفين، ودخول المؤتمر على الخط بين الطرفين كبديل توافقي يظل خيارًا أنسب من خيار استمرار الحرب”.

ويرى محللون أن دور المؤتمر لن يقتصر على شبوة فقط، ويعمل التحالف على تفعيل المؤتمر في أكثر من منطقة يمنية، وفي هذا الاتجاه يعتبر الناشط السياسي، محمد أبوراس، أن دور “حراس الجمهورية” تحوّل من الشمال إلى الجنوب، خصوصًا قبل أشهر، بعد ما أعلنت تلك القوة تأسيس “المكتب السياسي للمقاومة الوطنية”، لافتًا إلى أن “أنشطة هذا المكتب ظهرت في شبوة قبل أيام، ومن المتوقع أن تشهد محافظات جنوبية أنشطة مماثلة”، مضيفًا أن “التحاف بين الانتقالي والمقاومة الوطنية يهندسه الإماراتيون، ويصب في مصلحة أبوظبي، المتمثلة بإزاحة كابوس الإخوان”.

ويشير أبوراس إلى أن ذلك لا يعني “عودة أسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، للحكم، لأن ذلك أمر مبالغ ويتجاوز الواقع الجديد على الأرض في الشمال والجنوب على حدِ سواء”.

خلاف الانتقالي والمؤتمر

برغم رسائل الهمس المتبادلة بين قيادات الانتقالي من جهة وقيادات “حرّاس الجمهورية” من جهة أخرى، التي تكشف حجم التحالف بين الطرفين، إلا أن هناك صوتًا قويًا داخل الانتقالي يرفض التحالف مع طارق صالح، بصفته أولًا أحد الرموز العسكرية للنظام السابق، وكذلك مشاركته مع قوات الحوثيين في اجتياح عدن ومدن الجنوب في العام 2015.

وعبرت قيادات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي، عن رفضها تحويل عدن إلى مؤخرة لقوات طارق صالح، ولعل أبرز الشخصيات التي أعلنت موقفها من طارق، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، منير اليافعي (أبو اليمامة)، الذي هددّ مطلع العام 2018، بإخراج قوات طارق صالح، من عدن بالقوة.

واتسعت رقعة الخلاف مجددًا على وقع التطورات الأخيرة في شبوة، وأعلن قائد قوات النخبة الشبوانية، محمد البوحر، قبل أيام، عن عودته إلى شبوة لمواجهة سياسات المؤتمر في المحافظة، رافضًا أي تعيينات على رأس “قوات دفاع شبوة”، لشخصيات محسوبة على حزب المؤتمر.

وبحسب معلومات “المشاهد”، فإن توغل المؤتمر في شبوة يركز على أهم المناطق الحيوية، وهناك تواجد لقيادات “المقاومة الوطنية -حراس الجمهورية”، في منشأة بلحاف، لترتيب أوضاع العناصر الموالية لهم في أهم مفاصل المحافظة.

إلى ذلك، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، حول عودة أنشطة المؤتمر في الجنوب، وعبرّ نشطاء محسوبون على الانتقالي، عن رفضهم تسليم الجنوب للمؤتمر، مستشهدين بمسيرة الحراك الجنوبي التي انطلقت في 2007، وواجهها حزب المؤتمر الحاكم حينها بالقتل والاعتقال.

هكذا يبدو حضور المؤتمر في الجنوب، برأي متابعين، حضورًا وفق متطلبات المرحلة للتحالف، يندرج ضمن سياسات التحالف الجديدة التي رافقت عملية السيطرة على مديريات شبوة، والتي أعلن عنها المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، تلك السياسات تتضمن وقف الاحتقان جنوبًا، وفتح الجبهات في الشمال، بحسب المشاهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى